استحضر المخرج الألماني من أصل تركي، فاتح أكين، فيلمه "القطع" ما تعرّض له الأرمن فى أواخر عصر الدولة العثمانية عام 1915، معتبرا أن الفنان وبغض النظر عن انتمائه العرقي فمن المفروض فيه أن يتخذ مسافة في تناوله للقضايا الانسانية التي طبعت المسار التاريخي لشعبه ولبلده، مهما كان حجم ردود الفعل اتجاه موقفه، لأن الحقائق التاريخية لا يمكن تجاهلها أو تغطيتها بمختلف الأساليب والوسائل.
 وقال المخرج فاتح أكين مساء الاثنين الماضي، في أول درس للماستر كلاس في إطار الدورة 15 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، أنه واجه نقدا قاسيا وردود فعل سلبية عن فيلمه "القطع"، معتبرا أنه هدفه من هذا العمل، الذي أثار كل هذه الضجة كان بهدف تكريس حرية التعبير داخل المجتمع التركي، والمتحررة من جميع النزعات الذاتية أو الإثنية أو الطائفية، بقدر ما يهمها تقديم الحقائق الموضوعية وملامسة القضايا الإنسانية.
واعتبر أكين أن نقده للواقع التركي من خلاله أفلامه نابع عن حبه العميق لهذا البلد والرغبة في تحسنه نحو الأفضل، واصفا ذلك بمثابة الأب الذي ينتقد طفله أثناء تعليمه له لإشارات المرور خوفا عليه من مخاطر الطريق.
وأشار المخرج التركي أن نجاحه في ترسيخ اسمه كأحد أهم رواد السينما الحديثة في أوروبا والعالم، يرجع الى الثقة التي تجمعه بين الممثلين وفريق العمل الذي غالبا ما تتسم بالمحبة والاحترام وتبادل الآراء في وجهات النظر، مبرزا أن للموسيقى دور كبير في جل أعماله.
يذكر أن فاتح أكين من مواليد مدينة هامبورغ الألمانية عام 1973، وينتمي إلى عائلة تركية قدمت من منطقة البحر الأسود، التحق بكلية الفنون الجميلة بهامبورغ في سن 21 عاماً حيث درس السينما وفنونها وشارك أثناء الدراسة بدور متواضع في مسلسل تلفزيوني، وما لبث أن قام عام 1995 بإخراج أول أفلامه القصيرة بعنوان “أهوانت”.
وفي سنة 1997 أخرج "موجز وبدون ألم” أول أفلامه الروائية الطويلة التي عززت من مكانته كمخرج جديد على الساحة الأوروبية.
وأستطاع أن يثير فاتح أكين اهتمام الجمهور والنقاد في العالم بعدة أفلام متميزة، أشهرها فيلم "الارتطام بالجدار" الذي حصل على "الدب الذهبي" في مهرجان برلين السينمائي الدولي.

كارثة أبادة الأرمن من تركيا 

وفيما يخص مأساة الارمن خلال الحرب العالمية الاولى, فان تركيا ترفض الاعتراف بانها كانت عملية ابادة جماعية, وتتمسك بموقفها القائل, بان الارمن قتلوا في سياق حروب الدولة التركية ضد دول اخرى, وفي أثناء قيامها بقمع حالات التمرد والعصيان ضدها. بل ان البرلمان التركي عمد عام 2005 الى اضافة بند رقم 301 الى قانون العقوبات التركي الذي يجرم الاعتراف بكارثة الارمن بصفته اهانة للشعب التركي. ويذكر ان السلطات التركية عمدت خلال السنوات الاخيرة, وبناءا على البند رقم 301 المذكور, عمدت الى رفع دعاوى ضد عدد من المثقفين الاتراك الذين انتقدوا موقف تركيا من مأساة الارمن. وفي مقدمة هؤلاء المثقفين, الفائز بجائزة نوبل للاداب لعام 2006, الكاتب (اورهان باموك-Orhan Pamuk) الذي قال في سياق مقابلة اجرتها معه صحيفة "داس ماغازين" (Das Magazin) السويسرية في العام ذاته, انه لا أحد في تركيا يجرؤ على الكتابة عن مقتل 30,000 كردي وأكثر من مليون أرمني. غير أن الدعوى تم اسقاطها بعد أن رفضت وزارة العدل التركية النظر فيها.

فضلا عن ذلك أوعز  رجب طيب اردوغان عام 2007 ، وقت أن كان رئيس الوزراء التركي،الى جميع المؤسسات الحكومية التركية باستعمال المصطلح "احداث عام 1915 " بدلا من عبارة "ما يوصف بكارثة الارمن". وعلى الصعيد الخارجي, تحرص تركيا كل الحرص, على عدم قبول دول العالم بالموقف الارمني, ولا سيما تلك الدول التي ترتبط معها بعلاقات صداقة.

وعلى الرغم من ذلك, اعترفت 21 دولة, اضافة الى 42 ولاية من الولايات الاميركية, واكبر الولايات الاسترالية (نيو ساوث ويلس-New South wales) بابادة الشعب الارمني خلال الحرب العالمية الاولى. وفي عام 2010 قبل الكنغرس الامريكي هو الاخر بالموقف الارمني هذا, مما أحدث توترا مؤقتا في العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا. كما القت هذه المسالة بظلالها على العلاقات بين تركيا وفرنسا بعد ان اقر البرلمان الفرنسي مشروع قانون يجرم انكار كارثة الارمن قبل حوالي عامين. اما اسرائيل فلم تعترف حتى اليوم بكارثة الارمن لاسباب تتعلق بعلاقاتها مع تركيا. ومع ذلك اجرت الكنيست في اسرائيل عام 1911 نقاشا حول الموضوع, فيما يدعو العديد من المثقفين والساسة الاسرائيليين الى الاعتراف بالكارثة التي حلت بابناء الشعب الارميني خلال الحرب العالمية الاولى. 

كل المؤرخين الثقاة يعترفون بالمجازر وحرب الابادة التي تعرض لها الشعب الارمنى على يد العثمانيين في الفترة(1894-1896) ثم المذبحة الكبري في عامى   1915 1916 .

بالصور.. العالم يتذكر مأساة الأرمن

النصب التذكاري لضحايا المجازر في حق الأرمن بالعاصمة يرفان

و قد أحيت الجاليات الأرمنية في العالم الذكرى المئوية للمجازر التي يتهم الأرمن العثمانيين بارتكابها في عامي 1915 و1916.

وعرفت معظم عواصم العالم تظاهرات تستحضر الكارثة الإنسانية التي عانى منها الأرمن، وتطالب باعتراف تركيا بارتكابها مذبحة في حق الأقلية الأرمنية.
وشهدت مدينة القدس إحياء ذكرى المذابح من خلال تنظيم وقفة احتجاجية بالقرب من القنصلية التركية في المدينة، وأمام النصب التذكاري الذي يخلد ذكرى المجازر.

طفلة أرمينية بالقرب من النصب التذكاري الذي يخلد ضحايا المجازر
طفلة أرمينية بالقرب من النصب التذكاري الذي يخلد ضحايا المجازر

وفي مدينة سيمفيروبل الروسية التي تضم أقلية أرمنية كبيرة، نظمت مسيرة ضخمة إحياء للذكرى وشهدت العاصمة الروسية موسكو وقفة للمطالبة بالاعتراف بالمذبحة.
مظاهرة للأرمن في سيمفيروبل
مظاهرة للأرمن في سيمفيروبل

وقفة للأرمن في موسكو
وقفة للأرمن في موسكو

وعرفت بيروت تنظيم مسيرة ضخمة شاركت فيها الأقلية الأرمنية بلبنان.
الأقلية الأرمنية في مظاهرة بلبنان
الأقلية الأرمنية في مظاهرة بلبنان
 العاصمة الجيورجية تبيليسي والفرنسية باريس عرفتا مشاركة مكثفة للجالية الأرمنية في مظاهرات تخلد الذكرى، وتطالب باعتراف دولي واسع بالمسؤولية التركية عن ما وصفوه بـ"إبادة الأرمن".

مظاهرة للأرمن في تبيليسي
مظاهرة للأرمن في تبيليسي

مظاهرة للأرمن في مارسيليا
مظاهرة للأرمن في مارسيليا

أما في الواقع الافتراضي، فقد انتشر على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي هاشتاغ #Armeniangenocide الذي طالب من خلاله مغردون باعتراف تركيا بـ"الإبادة". ​

I Remember and Demand 100 Years of Armenian Genocide