حذرت مجلة "فورين بوليسي"، اليوم الجمعة، من أن الانتفاضة العرقية
التي تشهدها إثيوبيا، تهدد بتدمير اقتصاد البلاد الطموح، وأنه إذا لم يسمح
النظام الحاكم الذي كان يسحق كل من يعارض خطتها التنموية لسنوات، بترسيخ
أسس فيدرالية حقيقية، وإفساح المجال السياسي، وإشراك جميع الأطراف في عملية
التنمية، ستواصل دوامة العنف تمزيق نسيج المجتمع.
وقالت في تقرير بعنوان "ثورة في دولة أمن دولة أفريقية": إنه "طالما
أشيد بإثيوبيا باعتبارها واحدة من أسرع الاقتصادات نموا في العالم، فعلى
مدار العقد الماضي، شهدت الدولة الواقعة في شرق أفريقيا نمو الناتج المحلي
الإجمالي السنوي بمعدل حوالي 10%، لتتفوق بكثير على معظم جيرانها في
القارة".
وأشارت إلى أنها أطلقت مؤخرًا نظام السكك الحديدية الخفيفة الجديد في
العاصمة أديس أبابا، وهو الأول من نوعه في أفريقيا، فيما تنشط الحكومة بقوة
عدة مشاريع ذات تمويل صينى لتوليد الطاقة الكهرومائية، والبنية التحتية
لتقليل الاعتماد الزراعي، وتسريع نمو الصناعات التحويلية، والعديد من
الخبراء - بما في ذلك الذين يضمهم مصرف التنمية الأفريقي، حيث يتوقعون
استمرار المسار التصاعدي في البلاد في عام 2016".
وأضافت "ولكن على الرغم من القشرة الخارجية للتقدم، ليس كل شيء على ما
يرام في الدولة الثانية من حيث عدد السكان في أفريقيا، حيث أزعجت أسابيع من
الاحتجاجات الطلابية منطقة أوروميا، التي تعد موطنًا لشعب أورومو، أكبر
جماعة عرقية في البلاد، وبين الأكثر تهميشًا، وقتل أكثر من 80 شخصًا في
حملة قمع عنيفة من قبل قوات الأمن، وفقًا لأحزاب المعارضة".
وارتأت أنه "بالتزامن مع الجفاف المدمر، الذي سيخلف ما يقدر بـ20.3
مليون إثيوبي نسمة في حاجة إلى مساعدات عاجلة في شهر يناير من العام
المقبل، يمثل السخط الشعبي المتزايد في أوروميا، أحدث إشارة تحذير من أن
نفس النموذج الاجتماعي والاقتصادي الهرمي، الذي قوى نهضة إثيوبيا يمكن أن
يؤدي في النهاية إلى انهيارها".
وأوضحت أنه "خلافا لمعظم أقرانها الاقتصاديين في القارة، تتبع إثيوبيا
نموذج نمو صارما يعرف باسم (الدولة التنموية)، هذا النموذج ينقل كثيرًا من
ما يسمى النمور الآسيوية، حيث أدى تدخل الدولة في تنظيم الاقتصاد الكلي إلى
النمو الاقتصادي الكبير في شرق آسيا في السبعينيات".
زيناوي كبير مهندسي "الدولة التنموية"
ولفتت إلى أن رئيس الوزراء الإثيوبي الراحل مليس زيناوي، كبير مهندسي "الدولة التنموية"، والقوة الدافعة وراء تنفيذه الأولي، دافع عن قرار التخلي عن النموذج الليبرالي الجديد في عام 2007، قائلا: "الدولة النامية تواجه إخفاقات السوق الهائلة، وأوجه القصور المؤسسية التي تنشئ دوائر مفرغة ودوامات فقر، لا يمكن أن تعالج بشكل كافٍ إلا عن طريق دولة ناشطة".
ولفتت إلى أن رئيس الوزراء الإثيوبي الراحل مليس زيناوي، كبير مهندسي "الدولة التنموية"، والقوة الدافعة وراء تنفيذه الأولي، دافع عن قرار التخلي عن النموذج الليبرالي الجديد في عام 2007، قائلا: "الدولة النامية تواجه إخفاقات السوق الهائلة، وأوجه القصور المؤسسية التي تنشئ دوائر مفرغة ودوامات فقر، لا يمكن أن تعالج بشكل كافٍ إلا عن طريق دولة ناشطة".
واعتبرت أنه في عهد زيناوي، أصبحت "الدولة الناشطة"، تعبيرا ألطف للقمع
الذي تمارسه الدولة - وإن كان ذلك تحت غطاء التنمية، والاحتجاجات الجارية
في أوروميا تعكس تنامي الاستياء الشعبي إزاء هذه التجربة، وكذلك الغضب من
الروتين والوحشية القاسية التي أظهرتها قوات الأمن في البلاد".
وتابعت: "حتى وقت قريب، افترض العديد من المراقبين الدوليين -لا شك أنهم
تأثروا بالدعاية الإثيوبية الفعالة، وأن استراتيجية التنمية في البلاد
كانت تعمل على ما يرام، ونتيجة لذلك، فإن البلدان المانحة التي تتوق لقصة
نجاح المساعدات- لا سيما الولايات المتحدة- قد تجاهلت مخاوف متزايدة بشأن
تضييق مساحة الديمقراطية والتوزيع غير العادل لعوائد النمو، ولكن هذه
الأوهام تبددت خلال الشهر الماضي في الوقت الذي اشتعلت الاحتجاجات العامة
في أوروميا، وشكلت أكبر تحد لحزب حزب الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية
الإثيوبية الحاكم، منذ وصوله للسلطة في عام 1991".
ووفقًا للمجلة، فإن أوروميا هي الأكبر من بين 9 ولايات مقسمة على أساس
العرقية اللغوية في إثيوبيا، وليست جديدة على العنف الذي تقوده الدولة،
وأورومو، الذين يمثلون نحو 40% من سكان البلاد البالغ عددهم 100 مليون
نسمة، عانوا طويلًا من وطأة قمع الحكومة المركزية، حيث يهيمن حزب "الجبهة
الشعبية لتحرير تجراي"، أكبر الأحزاب المكونة للائتلاف الحاكم في إثيوبيا،
على الحكومة المركزية، ويسيطر قادته وزمرتهم على المؤسسات الحكومية
الرئيسية، والجيش، وجزء كبير من الاقتصاد، وهذه حقيقة أثارت استياء عميقا
من جانب أورومو والجماعات المضطهدة الأخرى في جميع أنحاء البلاد.
وكانت الجولة الحالية من احتجاجات أورومو بدأت في 12 نوفمبر الماضي،
عندما خرج الطلاب المحليون في "جينشي"، وهي منطقة ريفية 50 ميلًا إلى الغرب
من العاصمة، إلى الشوارع لمعارضة مشروع "الخطة الرئيسية"، الذي عرضته
الحكومة المركزية، ويهدف إلى توسيع الرقابة الإدارية على أوروميا، ومنذ ذلك
الحين، توسعت مطالب المتظاهرين لتشمل دعوات الحكم الذاتي وتنمية أكثر
إنصافًا، واحترام النظام الفيدرالي على أساس عرقي في البلاد، الذي يحفظ
نظرية الحكم الذاتي للمناطق مثل أوروميا.
ثورة شاملة ضد دولة الحزب الواحد المركزية
في جوهرها، تطورت الاحتجاجات إلى ثورة شاملة ضد دولة الحزب الواحد المركزية إلى حد كبير في إثيوبيا، التي أغلقت المساحة السياسية للمعارضة، والجماعات الدينية، والمجتمع المدني. ولا يمكن حتى للأسر الفردية الهرب من أعين المتطفلين من سلطات الدولة، وفي أوروميا وعدد من المناطق الأخرى، تطبق الحكومة نظاما (هرميا خاصا) من مخبري الحزب، يعرف باسم "جوت وجاري"، لرصد الأنشطة اليومية للمواطنين الإثيوبيين. وتتكون شبكة تجسس المتأصلة بعمق من مخبر حكومي واحد لكل 5 مواطنين.
في جوهرها، تطورت الاحتجاجات إلى ثورة شاملة ضد دولة الحزب الواحد المركزية إلى حد كبير في إثيوبيا، التي أغلقت المساحة السياسية للمعارضة، والجماعات الدينية، والمجتمع المدني. ولا يمكن حتى للأسر الفردية الهرب من أعين المتطفلين من سلطات الدولة، وفي أوروميا وعدد من المناطق الأخرى، تطبق الحكومة نظاما (هرميا خاصا) من مخبري الحزب، يعرف باسم "جوت وجاري"، لرصد الأنشطة اليومية للمواطنين الإثيوبيين. وتتكون شبكة تجسس المتأصلة بعمق من مخبر حكومي واحد لكل 5 مواطنين.
وبحسب المجلة، من الواضح أن غالبية شعب أورومو، مثل معظم الجماعات
المضطهدة الأخرى في إثيوبيا، ضاقوا ذرعا بتزايد قمع حزب "الجبهة الشعبية
الثورية الديمقراطية" ونموذجه التدخلي للغاية من الحكم، لا سيما الشباب،
الذين يفتقرون إلى منافذ لبث شكاواهم، ناهيك عن الحقوق الديمقراطية
الأساسية، التي يطالبون من خلالها بمنابر حقيقية لتوصيل أصواتهم، وبدلاً من
معالجة اهتماماتهم ومخاوفهم، تواصل السلطات الإثيوبية الرد بالعنف بعد
إخفاق محاولاتها لتلقين الشباب.
وتوقعت المجلة أن تستمر دوامة العنف هذه في تمزيق نسيج المجتمع
الإثيوبي، حتى يسمح نظام "الجبهة الشعبية الثورية الديمقراطية" بترسيخ
فيدرالية حقيقية، وبالتالي فتح البيئة السياسية وإشراك جميع المساهمين في
البلاد في عملية التنمية، بالنظر إلى أن الاستجابة القاسية المستمرة
لمواجهة الاستياء الشعبي على نطاق واسع، قد خلقت بالفعل وعيًا ذاتيًا
عرقيًا متزايدًا بين الإثيوبيين، وساهمت في تشكيل قومية أورومو متمردة بدأت
الآن مجرد استعراض عضلاتها الجماعية.
واختتمت بالقول: إن "معالجة العجز الديمقراطي الآخذ في الاتساع، وكذلك
المظالم العرقية المتأججة منذ فترة طويلة في البلاد، لا يزال السبيل الوحيد
للحفاظ على استقرار إثيوبيا، ومسارها الاقتصادي الحديث".
من ناحية أخرى قال الناشط الأورومي عبد القادر جومى فى تصريحات لـ وسائل الاعلام : إن "الحكومة الإثيوبية تتعامل مع شعب الأوروموا مثلما يتعامل
المحتل الإسرائيلي مع الشعب الفلسطينى، وأنها تخشى من أغلبية شعب الأوروموا
الذى يمثل 40% من الشعب الإثيوبي، بينما السلطة الحاكمة التى تنتمى إلى
قبيلة التيجراى تمثل 10% فقط من الشعب، ولذلك تخشى من ثورتهم ووصولهم إلى
الحكم".
وتابع، أنهم يرغبون فى تهميش شعب الأوروموا، لافتا إلى أن الحكومة تقوم
حاليا بعمليات اعتقال جماعى، وأن السجون مليئة بأبناء شعبنا، إذ وصل عد
المعتقلين من شعب الأوروموا إلى 300 ألف معتقل بسجون مختلفة فى أديس أبابا،
وأن الحكومة تعمل على تهجيرنا من بيوتنا وتحاول إبادة شعب الأوروموا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق