كشفت مصادر بوزارة التربية والتعليم أن الرقابة الإدارية ألقت القبض
على رجل الأعمال المندوه الحسيني، رئيس مجلس إدارة جمعية أصحاب المدارس الخاصة بالجيزة
،وهو أيضًا عضو بالمجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعي وصاحب مدارس المستقبل وحسام الدين
، في قضية رشوة،و قد خدع وزير التربية و التعليم السابق محمود ابو النصرفي إعداد و
إصدار القرار الوزاري الصادر برقم 449، الخاص بتنظيم العمل داخل المدارس الخاصة يسمح
للمدارس الخاصة بزيادة رسومها كل عامين دون الرجوع لوزارة التربية و التعليم و قد تم
تدارك الأمر بعد ذلك و الغاء المواد الكارثية به علي التلاميذ و أولياء الأمور .
وأوضحت المصادر ذاتها، أن الجهات
الرقابية ألقت القبض على "الحسيني" في أحد الفنادق على "طريق مصرإسكندرية
الصحرواي" في العاشرة من ليلة أمس، وذلك بعد رقابة لعدة أيام، وكان برفقته أحد
موظفي التربيةوالتعليم، وأن الحسيني كان يقدم رشوة لتسهيل إجراءات معينة.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن "الحسيني" سبق والتقى في الفندق
ذاته بصحفي من إحدى المؤسسات القومية، وبقيادي من مديرية التربية والتعليم بالجيزة،
للتفكير في كيفية الإطاحة بالدكتورة "بثينة كشك" مديرة المديرية. وربطت المصادر
بين هذه الواقعة وبين واقعة إلقاء القبض على الحسيني بالأمس.
المدارس الخاصة "دولة داخل الدولة".. المندوه الحسيني يخضع
قيادات الوزارة لصالح أباطرة التعليم الخاص
تحولت المدارس الخاصة إلى إمبراطوريات
يحكم فيها أصحابها كيف شاءوا، وتقف وزارة التربية والتعليم أحيانا عاجزة أمام العديد
من المخالفات الظاهرة التي يرتكبها أصحاب المدارس الخاصة.
الأمر لا يقتصر على زيادة المصروفات الدراسية داخل تلك المدارس فقط،
فهناك مدارس خاصة يلجأ أصحابها إلى استحداث فروع لها دون تراخيص، أو إنشاء مبان دون
الحصول على التراخيص اللازمة من هيئة البنية التعليمية، لتجد الوزارة نفسها مضطرة في
النهاية إلى قبول الأمر الواقع والترخيص لتلك المدارس حتى تتفادى غضب أولياء الأمور
الذين تصدرهم المدارس الخاصة في كل مواجهة، فضلا عن المخالفات الأخلاقية، والاعتماد
على معلمين غير أكفاء وليس لديهم أي خبرة، ولجوء بعض المدارس الخاصة إلى توقيع استقالة
مسبة لكل المعلمين العاملين بها لتضمن ولائهم وخضوعهم، كل هذه الملفات وغيرها تؤكد
أن المدارس الخاصة تحولت إلى ما يشبه الدولة داخل الدولة.
المطلع على ملف التعليم الخاص في مصر، يجد ان أصحاب المدارس الخاصة
قد طوقوا وزارة التربية والتعليم بالعديد من القيود التي جعلت مسئولي الوزارة يقفون
عاجزين في العديد من الحيان أمام هؤلاء الأباطرة، فأصحاب المدارس الخاصة، وتحت مسمى
المشاركة المجتمعية للوزارة، يسخرون سياراتهم وأتوبيسات نقل الطلاب بمدارسهم لتنقل
المعلميقن العاملين في كنترولات الثانوية العامة والدبلومات الفنية، فضلا عن تقديم
العديد من الخدمات العينية لبعض المدارس الحكومية المجاورة، وتقديم العديد من الهدايا
لمسئولي التعليم الخاص بالإدارات والمديريات التعليمية. وكان يقود أصحاب المدارس الخاصة،
المندوه الحسيني رئيس مجلس إدارة جمعية أصحاب المدارس الخاصة،وقد أسس جمعية أصحاب المدارس
الخاصة بالجيزة، التي عملت على الحفاظ على نفوذ ومكتسبات أصحاب المدارس الخاصة في الجيزة،
وقد وجد أصحاب مدارس الجيزة في المندوه بغيتهم، فهو يستطيع بما له من نفوذ داخل مديرية
التربية والتعليم بالجيزة السيطرة على كل مقاليد الأمور فيما يتعلق بالمدارس الخاصة.
ومن العادات التي كان يحرص عليها الحسيني، تنظيم حفل إفطار جماعي لأصحاب المدارس الخاصة
بالجيزة، ومسئولي التربية والتعليم في الوزارة والمديرية، وقد كان حفل الإفطار الرمضاني
قبل الماضي بحضور مدير المديرية ومسئولي التعليم الخاص ومديري الإدارات التعليمية بالمحافظة،
والذين يستابقون لإرضاء المندوه وجماعته، و نظم الحسيني احتفالا كبيرا لمسئولي التربية
والتعليم. وعندما تولى وزير التربية والتعليم السابق ، الدكتور محمود أبوالنصر الوزارة
، كان المندوه الحسيني رئيسا لمجلس إدارة جمعية أصحاب المدارس الخاصة بالجيزة، وفتحي
سابق رئيسا للجمعية بالقاهرة، وقتها عقدت وزارة التربية والتعليم حفل سحور رمضانيا
في رمضان قبل الماضي، بحضور وزير التربية والتعليم لإعلان توقيع برتوكول تعاون بين
الوزارة والمدارس الخاصة بهدف تعيين فردي أمن وعامل نظافة بكل مدرسة حكومية على ان
تتكلف المدارس الخاصة تكلفة هذه التعيينات، وإلى الآن لم ينفذ شيء من هذا، وعقب هذا
الحفل أصدر وزير التربية والتعليم قرارا بتخفيض مصروفات المدارس الخاصة بنسبة 25% لأبناء
العاملين بالتربية والتعليم، وهو القرار الذي رفض أصحاب المدارس الخاصة تنفيذه واعتبروه
كأن لم يكن.
وفي الحفل ذاته أعلن وزير التربية والتعليم السابق عن اختيار المندوه
الحسيني عضوا بالمجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعي، ومن بعدها بدأ الحسيني في تقديم
العديد من المقترحات التي تهدف جميعها إلى إحكام السيطرة على مقاليد الأمور لتحقيق
مصالح أصحاب المدارس الخاصة. وفي العام الدراسي المنقضي، تقدم عدد من قيادات وزارة
التربية والتعليم السابق بمقترح الغاء القرارات
الوزارية السابقة المنظمة للعمل داخل المدارس الخاصة، والإعداد لقرار وزاري جديد، وترأس
لجنة إعداد القرار الجديد الدكتور طارق الحصري مساعد وزير التربية والتعليم للتطوير
الإداري سابقا، وضم الحصري في عضوية اللجنة المندوه الحسيني، وانتهى الأمر بصدور القرار
رقم 449، الخاص بتنظيم العمل داخل المدارس الخاصة. وتضمن القرار عدة مواد تصب جميعها
في صالح أصحاب المدارس الخاصة ومن ذلك المادة 16 التي تعطي المدارس الخاصة الحق في
رفع المصروفات الدراسية كل عامين، دون العودة للوزارة، وبدون حدٍ أقصى، ويفسر هذا الأمر
عدم اعتراض أصحاب المدارس الخاصة على نصوص القرار الوزاري رقم 290 الذي يحدد الزيادة
السنوية في المصروفات الدراسية في شرائح على أن تكون الزيادة السنوية بنسبة 17% للمدارس
التي تقل مصروفاتها عن 600 جنيه، و13% لمن تزيد مصروفاتها على 600 جنيه، وتقل عن
900 جنيه، و10% لمن تزيد مصروفاتها على 900 جنيه، وتقل عن ألفى جنيه، و7% لمن تزيد
مصروفاتها على ألفى جنيه، وتقل عن 3 آلاف جنيه، و5% لمن تزيد مصروفاتها على 3 آلاف
جنيه، وتقل عن 4 آلاف جنيه، و3 % لمن تزيد مصروفاتها على 4 آلاف جنيه، إلا ان هذا القرار
أيضا يحمل بين طياته بعض البنود الكارثية، حيث يجعل المدارس التي حصلت على تراخيص بناء
بعد عام 2010 هي التي تلتزم بتلك الشرائخ فقط، اما المدارس المبنية قبل ذلك فلم يذكرها
القرار، ما يعني أن أصحاب هذه المدارس لهم الحق في الزيادة وفقا للقرار 449 الذي لا
يضع سقفا للزيادة. وكان الدكتور محمود أبو النصر، وزير التربية والتعليم السابق ، أصدر
القرار رقم 279، الصادر في 22 يونيو من العام الماضي، والخاص بتشكيل لجنة من قيادات
الوزارة لدراسة إضافة درجات مادتي التربية الدينية، والتربية الرياضية إلى مجموع درجات
الطالب التي يحصل عليها في صفوف النقل بكافة مراحل التعليم قبل الجامعي، هذا القرار
أيضا يقف وراءه المندوه الحسيني ؛ وذلك بهدف السيطرة على أولياء الأمور والطلاب بالأنشطة
الرياضية، لأنه في حال احتساب درجات التربية الرياضية ستجبر المدارس الخاصة أولياء
الأمور على تحصيل مصروفات إضافية للأنشطة الرياضية، لتحول النشاط في تلك الحالة إلى
مادة نجاح ورسوب، ومادة تضاف إلى المجموع.
ويعني ذلك: أن المدرسة الخاصة المنشأة في منطقة بعينها، يحق لصاحبها
أن ينقل مبانيها إلى مكان آخر، دون موافقة الوزارة.. ومن الممكن نقلها من مكان عشوائي
إلى آخر حيوي.. أو العكس. المفاجأة أن القرار الوزاري وقتها تم إرساله إلى إدارة الفتوى
بوزارة التربية والتعليم، للاطلاع عليه قبل إقراره من وزيرالتعليم السابق ، وبالفعل
قامت إدارة الفتوى بإجراء بعض التعديلات المهمة عليه، لكن لم يتم الأخذ بها، وضرب
"الحصري-المندوه" بهذه التعديلات عرض الحائط. لم يشكك الوزير في نوايا مساعده
الدكتور طارق الحصري، مساعد وزير التعليم للتطوير المالي والإداري سابقًاأو "المندوه"
لحظة واحدة بعد أن قاما باعداد القرار الوزاري الكارثي ، ووقع على القرار الوزاري بكل
ثقة، دون أن يطلع عليه، لأنه يتكون من 45 ورقة، ونحو 100 مادة، ولا يمكن أن يقرأ الوزير
هذا الكم من الأوراق والبنود قبل التوقيع، لأن من المفترض أنه يثق في مساعده
"وذراعه الأيمن". مرت الأيام، وحصل مساعد الوزير على إجازة من منصبه لمدة
عام، وعمل أستاذًا في الأكاديمية البحرية بالإسكندرية، وكثرت الأقاويل داخل ديوان عام
الوزارة حول القرار الوزاري، إلى أن قرر "أبوالنصر" تشكيل لجنة برئاسة محمد
سعد المشرف على قطاع التعليم العام، ومعه أعضاء من الشئون القانونية بالوزارة، وطارق
طلعت رئيس إدارة الفتوي بديوان عام الوزارة، لمراجعة القرار مرة أخرى، وإجراء بعض التعديلات
عليه، حيث تم اكتشاف كوارث بالجملة. بعدما علم "المندوه الحسيني" بأن الوزير
شكل لجنة لتعديل القرار، ثار وغضب، وطالب بأن يكون عضوًا في هذه اللجنة، لكن تم رفض
طلبه، باعتباره متهمًا بالتجاوز في إعداد مواد القرار، ولا يصلح أن يكون عضوًا في لجنة
التعديل تحت أي مسمى. بالفعل، تم تعديل القرار وحذف "مواد كارثية"، وإضافة
مواد جديدة، من بينها أن تكون زيادة المصروفات كل 5 سنوات، على أن يتم تحديد شرائح
الزيادة بقرار من وزير التعليم، ولا يسمح نهائيًا للمدرسة أن ترفع المصروفات خلال هذه
الفترة، وتم عرض القرار على المستشار القانوني للوزارة، مصطفى حسن، تمهيدًا لمراجعته
والبت فيه، وعرضه مرة أخرى على "أبوالنصر" لاعتماده بشكل نهائي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق