في
كتاب جميل جدا اسمه مصاصو الدماء مترجم قرأت عن فنون الاستغلال بيننا البشر وقلت ياااااااااااه
وكأن جوهر علاقتنا هو الاستغلال بين الصديق وصديقه، والأب وابنه، والزوج والزوجة، والمجتمع
والفرد، والفرد والمجتمع .... في هذه المقالة الجميلة للكاتب الذي يمتلك حسا أدبيا
وعقلا صافيا له روح صوفي وعقل فيلسوف يحلل هذه الظاهرة وهو أوشو من أنصار العادية فهو يرى أن كلمة عادي
معناها طبيعي، الفطرة التي خلقك الله بها ويريد المجتمع أن يسلبها منك والآخرون، أترجمه
هنا كاملا من كتاب " من العبودية إلى الحرية " لأوشو .... لماذا اوشو ولماذا
هذا المقال بالتحديد ؟؟؟ في الحقيقة في بلدنا العزيزة جدا مصر نعاني من طلاب الشهرة
والتفوق والثراء كل شخص يريد أن يكون غنيا ومشهورا ما فيش مشكلة دي غريزة طبيعية عندنا
كلنا، المشكلة في الناس أنصاف المواهب الذين يمسكون سلطات كبيرة في أماكن ليست أماكنهم،
يعني أنا ذهبت إلى جريدة مشهورة وعملت بها لإثني عشر يوما وبعد ثلاثة أيام ظهر تفوقي
في الترجمة والكتابة الصحفية وكنت أتوقع أن أنال تشجيعا ومديحا كبيرا من رئيسة القسم
ولكن كلما أجدت وأبدعت كلما أهنت وجرحت ووصل الجرح إلى الكرامة فتركت الجريدة مليئا
باليأس والإحباط حتى اكتشفت أنه مرض عضال حينما حكى لي أحد أصدقائي أنه قدم على عمل
في شركة برمجة كمبيوتر وصديقي عبقري في النت وكان مثلي يتوقع أن يقبل في الشركة سريعا
وأن الشركة الكبيرة ستحتضن موهبته وتنميها ولكنه فوجيء أساسا بمدير الشركة عديم الموهبة
وخبرته المحدودة بمجال واحد فقط ورفض في الشركة ( لخوف المدير من تفوقه علية في الشغل
واخذ منصبة منه ).... ما أجمل أن تعيش طبيعتك حتى وإن كنت فقيرا وموهبتك في شيء لا
يجلب لك المال أو الشهرة، ما أجمل أن تستكشف نفسك وطبيعتك أنت، ما أجمل أن يتضوع منك
عطرك وسحر الذي حبتك به الطبيعة ولكن مجتمعنا بتاع مظاهر وفلوس لذا كن حقيقيا مع نفسك
وخالط البشر كثيرا والذي تراه حقيقيا تمسك به صادقه واصدقه في هذا الزمان الصعب حتى
تنكشف الغمة عن بلدنا لذا ترجمت هذا المقال وفي الحقيقة هذا سبب كبير لكتابة المدونة
ككل وهي جوهر دعواها ودعوتها ... ولماذا أوشو ؟ في الحقيقة أوشو معاصر لنا اغتالته
المخابرات الأمريكية سنة 92 وسوف نصدر له ترجمة لقصة حياته التي كتبها بقلمه في الحقيقة
كلما كان الكاتب معاصرا كلما كانت كلماته قريبة منا لا تحتاج إلى تأويل كبير و"
عصرنة " لأفكاره فالفكرة مرتبطة بالواقع والعصر وكلما تغير العصر كلما اختلفت
معنى أفكاره، واختلفت تأويلاتها، واوشو إضافة إلى ذلك له مجلدات ضخمة عن التصوف الإسلامي
وله كتاب جميل جدا اسمه أسماء الله الحسنى سوف نقوم بترجمته قريبا كل هذا يجعله قريبا
منا ولكل رأيه قد نتفق معه على أشياء ونختلف ولكن في النهاية يجب أن نتعلم التقدير
والاحترام لكل صاحب رؤية ودعوة حتى لو كنا لا نتفق معها
أوشو
: أن تكون عاديا هي أكثر الأشياء غير عادية في هذا الوجود
الفرق
بين التوسط والعادية
المجتمع
يريد منك أن تكون متوسطا في الذكاء والفهم والحياة خلقتك عاديا بشكل غير عادي
التوسط
هي حالة عامة للبشرية كما هي إنها حالة من التخلف العقلي فلا أحد يريدك ذكيا لأنه كلما
كنت أكثر ذكاءا كلما صعب استغلالك واستعبادك .
كل
صاحب مصلحة يريد منك أن تكون متوسطا- متوسط الذكاء والفهم والقدرة؛ فالشخص المتوسط
مثله كمثل شجرة يأتي البشر إليها في كل وقت، ويقتطعوا من أغصانها وثمارها وأوراقها
النضرة ذا فهي لا تنمو أبدا فالشخص المتوسط لا تؤتى ثماره أبدا ولا يزهر ولا يتضوع
بالأريج؛ فهو يتضاءل ليكون كالعشب ... والتوسط
لكي يستمر لا بد أن يكون حالة عامة فالتوسط شيء أجنبي فرض على العقل قسرا إنها حالة
غير عادية ، استثنائية ، متميزة عن كينونتنا الحقة .
في
قصة جميلة وموحية اعتاد غوردييف أن يحكيها .........
كان
هناك راعي غنم وساحر أيضا كان يخشى على أغنامه من التجوال في أنحاء الغابة أن يفترسها
حيوان وحشي فجمعهم ذات مرة وأخبرهم أنهم أسود فبدؤوا يتصرفون كالأسود ونسوا طبيعتهم
الرقيقة الجميلة التي جبلتها عليهم الحياة
الشخص
المتوسط سوف يثور حتما على العادية لأنه من البغيض أن تكون عاديا ولكن المجتمع بطرق
عديدة يغرس فيك إحساسا بالتميز فمن الصعب جدا أن تجد إنسانا لا يشعر في أعماقه بأنه
مميز وكأنه ابن الله الوحيد ( اوشو يخاطب هنا المسيحي يعني بالعربي بيحس إن ربنا بيهتم
بيه وكل قدر يأتي له يفسره على مزاجه وكأنه ينال العناية الإلهية دون البشر أجمعين
) بالطبع هو لا يصرح بأنه ابن الله الوحيد لأنه يعرف ما سيعود إليه من تصريحه ذلك
.... لذا هو يحتفظ بذلك في داخله وهذا يحافظ على التوسطية في داخله فإن عقل يوما أنه
متوسطا ففهمه ذلك سوف يحطم وسطيته ..مجرد اقتناعك بأنك عادي طفرة عظيمة إلى الذكاء
الإنسان
العادي هو الإنسان الطبيعي
الإنسان
العادي الذي أتحدث عنه هو الإنسان الطبيعي والرباني فالطبيعة لا تخلق أشخاصا متميزين
وإنما تبدع أناسا متفردين وليسوا متميزين كل فرد متفرد في طريقه الخاص .
أكبر
شجرة صنوبر أمام شجيرات الورد الصغيرة أيهما أعلى ؟؟ فلا الصنوبر يتباهى بسموه وارتفاعه
ولا شجيرة الورد ترد على مباهاته " يمكن أن تكون أنت الأعلى طولا ولكنك مجرد من
الزهور وعطرها ؟ والسمو الحقيقي ليس بالطول وإنما بالزهور وأريجها العطر فالارتفاع
ذاته لايكفي لأن تكون ساميا " .
ولكن
الشجيرة الوردية والصبار يظلان في الواقع معا
بدون نزاع أو تنافس لسبب بسيط أنهما يفهمان أنفسهما كجزء من طبيعة واحدة .
عندما
أقول العادية فأنا أقول : أسقط فكرة أن تكون
مميزا هذه الفكرة التي تحافظ على وسطيتك .
أن
تكون عاديا هو أكثر الأشياء الغير عادية في العالم فقط شاهد نفسك هذه المشاهدة تؤذيك
كثيرا فكم هو مؤلم أن تتقبل نفسك كفرد عادي غير مميز شاهد نفسك عندما تتقبل فكرة أنك
عادي - عبء كبير سينزاح من على صدرك ستجد نفسك فجأة في فضاء مفتوح طبيعي فقط أنت كما
أنت .
الإنسان
العادي هو المتفرد والبسيط والمتواضع وبسبب
بساطته وتفرده وتواضعه يصبح متميزا ولكنه ليس لديه أدنى فكرة عن التميز هو ببساطة يعيشها
بلاوعي منه .
تأمل
هذا التضاد : الناس الذين يعتقدون أنهم متميزون هم الذين ببساطة معاقون و وسطيون والناس
المتواضعون والذين يتقبلون أنفسهم كأناس عاديين مثلهم مثل أي إنسان آخر - هم المتميزون حقا سوف تعرفهم
من الضوء في عيونهم وسوف تراهم من البركة في
أفعالهم لن ترى أبدا فيهم التنافس ولن ترى الغش والخداع؛ فهم ليسوا منافقين أو خائنين .
مالذي
يدفع الإنسان العادي ليكون منافقا ؟ ! هو يفتح قلبه لأي شخص ويتصرف بطبيعته لأنه لا
يدعي أي شيء فأنت تكون شخصية كتومة عندما تشرع بالإدعاء فبداخلك يدب شعور أنك عظيم
سواءا قلت ذلك أم لم تقله وشيئا فشيئا يستمر عقلك بالتضخم من الأقنعة التي ترتديها
والنفاق وذلك يعتبر حالة مرضية
الشخص
المميز ...مريض
أتدرون
من هو الشخص الذي يؤمن أنه مميز ؟؟ هو ذلك الذي يعاني كثيرا من عقدة النقص ( آه ياللي
في بالي لو تسمع الكلام ده )
ولينظر
كل فرد إلى ذاته ولكن هيهات هيهات فعندما تخدع الآخرين شيئا فشيئا يتسرب هذا الخداع
إلى نفسك وتوهمها بتميزك عليهم وأفضليتك عنهم .
حينما
تكون منافقا فأنت في خطر عظيم عاجلا أو آجلا ستعتقد أن ما تمثله على الآخرين هي ذاتك
الحقيقية
خلال
عملي على مدار خمس وثلاثين سنة قابلت آلاف من الناس وتحدثت معهم واحترت كثيرا في خداعهم
لأنفسهم فقد نفهم ونتفهم خداعهم للآخرين أما أن يتحول هذا الخداع إلى أنفسهم ! ولكني
فشلت في معالجة ذلك لأنه بمرور الوقت أصبح هذا الخداع هو الكنز الحقيقي الذي يمتلكونه
داخلهم وخلف بريق هذا الكنز ولمعته ظلام وعقد نقص وهوة سحيقة لا قرار لها وهم يعرفون
ذلك ولذلك يتعلقون بنفاقهم وخداعهم
من
كتاب أوشو " من العبودية إلى الحرية "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق