رغم
تدهور الوضع الأمني الداخلي وانهيار الاقتصاد فضلاً عن الكثير من الإخفاقات السياسية،
تخطط جماعة «الإخوان المسلمين» الحاكمة للفوز بالأغلبية في الانتخابات المصرية القادمة.
فخصوم الجماعة المعارضة السياسية ضعفاء للغاية
وعلى ما يبدو أن الجيش ليس لديه دافع للعودة إلى سدة الحكم من جديد، وهو الأمر الذي
يضعف الضغط الداخلي المُمارس على الجماعة ليدفعها إلى التركيز على إدارة شئون الحكم
وليس على توطيد سيطرتها على السلطة.
التركيز
الانتخابي
على
الرغم من الانتصارات الانتخابية المتتالية التي حققها «الإخوان» منذ تنحي حسني مبارك
في شباط/فبراير 2011، إلا أن شعبية الجماعة تراجعت بشكل كبير بين المصريين. فقد عملت
بعض الأمور، منها عدم قدرة «الإخوان» على إصلاح الوضع الاقتصادي ورفض الجماعة مشاركة
الآخرين في الحكم وهجومها العنيف على منتقدي النظام من غير الإسلاميين، على زيادة المقاومة
لحكم «الإخوان» وحفزت على ظهور موجه جديدة من الاحتجاجات المزعزعة للاستقرار. وإزاء
ذلك، ضاعفت الجماعة جهودها الرامية لتوطيد سلطاتها عن طريق التركيز على الفوز في الانتخابات
البرلمانية القادمة -- التي لم يقرر موعد إجرائها -- والتي ترى أنها ضرورية لتأكيد
شرعيتها السياسية.
والحقيقة
أن الجماعة غارقة بالفعل في التجهيز للحملة الانتخابية. ففي أواخر شهر كانون الثاني/يناير،
أطلقت الجماعة حملة "معاً نبني مصر" التي تعمل من خلالها على تقديم الخدمات
الاجتماعية كآلية لكسب -- وربما شراء -- دعم الناخبين. وهي أيضاً تعمل على اختيار المرشحين:
ففي شهر شباط/فبراير، أجرت الجماعة انتخابات داخلية في كل محافظة لاختيار مجموعة من
المرشحين للبرلمان القادم كما أن اللجنة التنفيذية لذراعها السياسي -- "حزب الحرية
والعدالة" -- تعكف حالياً على مراجعة المرشحين النهائيين.
ولتنظيم
أنشطة حملتها الانتخابية، أعادت جماعة «الإخوان المسلمين» هيكلة "حزب الحرية والعدالة"
لكي يعكس ما تحظى به من تسلسل هرمي في قيادتها. حيث يمكن استخدام الهيكل الجديد لـ
"حزب الحرية والعدالة" لحشد آلاف الكوادر بشكل سريع عند الاقتضاء. فقد احتفظت
الجماعة بسيطرتها المباشرة على أعمال الحزب عن طريق نقل القادة على مستوى المحافظات
من بالإضافة
إلى ذلك، عيّن الرئيس محمد مرسي زملائه في الجماعة في مناصب حكومية رئيسية يمكن استغلالها
في التلاعب بنتائج الانتخابات. ولهذا الغرض، أعاد وزير التنمية المحلية محمد على بشر
-- العضو السابق في "مكتب الإرشاد" -- رسم الدوائر الانتخابية لصالح مرشحي
الجماعة، وفي الآونة الأخيرة سمحت وزارة التموين والتجارة الداخلية -- التي يترأسها
عضو جماعة «الإخوان المسلمين» باسم عودة -- لعمال "حزب الحرية والعدالة"
بتوزيع سلع غذائية بسعر أقل من سعر السوق على المرشحين المحتملين في البحيرة، كما عين
صلاح عبدالمقصود وزير والإعلام -- عضو آخر في الجماعة -- أنصار «الإخوان» في رئاسة
وسائل الإعلام والقنوات التليفزيونية المملوكة للدولة مما يُحتمل أن يكون له تأثير
كبير على الحملة الإعلامية. المكاتب الإدارية لـ «الإخوان» إلى مقرات "حزب الحرية
والعدالة" المناظرة في المحافظات.
معارضة
منقسمة ومضللة
بغض
النظر عن إعادة التنظيم الداخلي، ربما يكون أفضل ما يصب في مصلحة «الإخوان» على الصعيد
السياسي هو المعارضة غير المؤثرة. فبينما يزيد فشل الجماعة المتكرر من الاستياء ضد
حكمها، لا يزال رموز المعارضة منقسمين انقساماً عميقاً حول مسائل أيديولوجية وإستراتيجية.
ومن
المحتمل أن تكون الجماعات السلفية الند الأقوى للجماعة، بالنظر إلى حصولها على المرتبة
الثانية في الانتخابات البرلمانية في 2011-2012. إلا أن الانقسام الأخير في قيادة الحزب
السلفي المهيمنة قد يؤدي إلى تراجع نصيب الحزب من الأصوات في الجولة القادمة. فالقادة
الكبار لـ "حزب النور" -- الذراع السياسي لـ "الدعوة السلفية"،
التنظيم السلفي القومي -- تخلوا عن الحزب في أواخر السنة الماضية على إثر خلاف مع قائد
"الدعوة" الشيخ ياسر البرهامي وأسسوا تنظيماً منافساً أسموه بـ "حزب
الوطن". وعلى الرغم من أن "حزب النور" سوف يواصل الاستفادة من شبكة
الخدمات الاجتماعية لـ "الدعوة" الممتدة في جميع أنحاء البلاد لحشد الداعمين
له، إلا أن هناك أخبار تواردت عن تواصل "حزب الوطن" مع الشيوخ في المحافظات
لحث أتباعهم على مؤازرة ذلك الحزب الناشئ. وقد يتحالف "حزب الوطن" مع الحركة
السياسية الشعبية التي أسسها الداعية السلفي حازم صلاح أبو إسماعيل فضلاً عن الجماعة
الإسلامية -- التي صنفتها الولايات المتحدة على أنها منظمة إرهابية؛ وتلك الخطوتان
سوف تزيدان من الدعم الموجه لـ "حزب الوطن" بينما ستضعفان من الدعم الموجه
للجماعات السلفية بوجه عام.
وفي
المقابل، تتحد الحركات الليبرالية على مستوى
القيادات بشكل غير مسبوق. فقد جمعت "جبهة الخلاص الوطني" -- التي تأسست في
أواخر العام الماضي لمواجهة عملية كتابة الدستور التي هيمن عليها «الإخوان» -- بين
كبار الشخصيات الليبرالية واليسارية وشخصيات من النظام القديم للتصدي للأجندة السياسية
لجماعة «الإخوان». بيد أن هذه الشخصيات لا
تحظى سوى بسيطرة ضعيفة على أعضاء أحزابها، وهو الأمر الذي نجم عنه عاقبتان وخيمتان.
أولاً،
بينما يعرب العديد من قادة الحركات الليبرالية بصورة شخصية عن تفضيلهم المشاركة في الانتخابات القادمة،
يأتي الضغط من أعضاء الحزب على المستوى الأدنى ليجبرهم على الانصياع للمقاطعة. فالقيادة
تعتقد أن المشاركة في المؤسسات السياسية الحالية هي أفضل طريقة للتصدي لـ «الإخوان
المسلمين»، بينما يرى النشطاء أن هذه المؤسسات هي نتاج عملية دستورية غير شرعية صنعها
مرسي على عجلة لتعزيز حكم جماعة «الإخوان». وتأتي عدم رغبة القادة غير الإسلاميين في
الضغط على أفراد قاعدتهم الشعبية انعكاساً لشرعيتهم الهشة حتى داخل قواعدهم، مما يوضح
التحدي طويل الأجل الذي يواجه غير الإسلاميين في إيجاد بديل جدي لجماعة «الإخوان».
ثانياً،
عجز القادة الليبراليين على وقف عنف النشطاء
الذي زاد منذ هجوم كوادر «الإخوان» على المتظاهرين أمام القصر الجمهوري في 5 كانون
الأول/ديسمبر، حيث يقول النشطاء إن المقصود من هجماتهم الانتقامية على مقرات «الإخوان»
و"حزب الحرية والعدالة" هو ردع الجماعة عن استخدام القوة كوسيلة قمع في المستقبل.
والأكثر من ذلك أن بعض النشطاء يدعون إلى العنف كوسيلة لخلق الفوضى التي ستجبر الجيش
على الإمساك بمقاليد الحكم من جديد -- وهو الاحتمال الذي يرحب به القادة غير الإسلاميين
من حين لآخر ويشجعون عليه في الخفاء. وطالما أن المصالح الاقتصادية للجيش واستقلاله
الذاتي بعيد عن أي تهديد فمن غير المحتمل أن يلعب الجيش أي دور سياسي مباشر خصوصاً
بعد التجربة القاسية التي خاضها في حكم البلاد بعد تنحي مبارك.
الدعم
الصهيوامريكي للاخوان
و
بالتالي اتجهت الادارة الامريكية و الاسرائلية من الناحية الاستراتيجية الي دعم نجاح
الاخوان
للحفاظ
علي مصالحها الاستراتيجية و الامنية في مصر ، لانها لو كانت حقا رافضة للاستبداد
الاخواني
و تسببهم في انهيار مصر ، لتحركت إدارة أوباما و أخبرت الجماعة أن تركيزها على تعضيد
سلطتها على حساب الحوكمة و الادارة الحقيقية لشئون البلاد سوف يؤدي إلى زعزعة استقرار
مصر، وأن المجتمع الدولي لن يدعم حكومة ذات سيطرة داخلية هشة وفي الوقت نفسه تكون عاجزة
عن إنقاذ الاقتصاد الآخذ في التدهور بشكل سريع. كما أنه يتعين على واشنطن أن تعزز هذا
التحذير بربط جميع المساعدات الاقتصادية المستقبلية -- إلى جانب تأييدها للقرض البالغ
4.8 مليار دولار الذي تواصل القاهرة سعيها للحصول عليه من "صندوق النقد الدولي"
-- برغبة حكومة مرسي في القيام بإصلاحات اقتصادية رئيسية مثل تخفيض الدعم.
وأخيراً،
لتحركت ايضاً الإدارة الأمريكية و بدأت في التنديد بشكل أكثر حزماً بالحكم القمعي الذي
تمارسه جماعة «الإخوان» بشكل آخذ في الازدياد. فهذا من شأنه تقويض الاعتقاد السائد
بأن الولايات المتحدة تدعم «الإخوان» -- وهو انطباع يجب أن تحرص واشنطن على تجنبه في
ضوء فشل جماعة «الإخوان» في الحكم. ومثل هذا الخطاب من شأنه أيضاً أن يجعل شروط المساعدات
أكثر مصداقية من خلال بعث رسائل واضحة مفادها أن الولايات المتحدة تدعم فرص مصر الاقتصادية
طويلة المدى ولا تعزز طموحات الجماعة المباشرة في السيطرة على السلطة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق