في رسالة نادرة بعثها إلى
محمد التابعي في العام 1963
عبد
الحليم حافظ يبرّئ صديقه عمر الشريف
تحت
عنوان "رسالة نادرة من عبد الحليم حافظ إلى أمير الصحافة"، استذكرت بعض المواقع
الالكترونية و"أخبار الأدب" المصرية، الفنان الكبير الراحل عبد الحليم حافظ
في ذكرى رحيله السادسة والثلاثين، بالتفاتة نادرة فعلاً. جاء فيها أن هذا الأخير كان
بعث برسالة إلى الصحافي المشهور في تلك الأثناء من العام 1963، محمد التابعي، يبرّئ
فيها صديقه الممثل العالمي عمر الشريف من تهمة لا علاقة له بها، هي أنه سبب له إرهاقاً
شديداً أدى به إلى نزف خطير.
الآتي
نص الرسالة بحرفيتها كما وردت في الصحيفة المشار إليها، وقد بعثها عبد الحليم من مستشفى
سان جيمس اللندني حيث كان يتلقى العلاج...
"أستاذنا
الكبير..
من
فراشي بمستشفى سان جيمس بلندن، أبعث لك تحياتي واحترامي وحبي.. راجياً من الله أن تكون
متمتعاً بكامل الصحة والعافية.
أستاذنا
الكبير، أكتب لك هذا الخطاب بعد أن قرأت مقالك الذي كتبته عني في "آخر ساعة"..
انه إنذار كله رقة وحب، ولكن هناك شيء هام نزع قلبي، هذا الشيء هو ما جاء في مقالك
عن الصديق عمر الشريف.
أستاذنا
الكبير، أنت رجل عادل وكل ما تكتبه حقيقة، وأنا أحب أن أبيّن لك حقيقة هامة هي أن عمر
الشريف لم يسهرني.. بالعكس أنا الذي أجبرته على السهر معي في تلك الليلة، وقد حاول
مراراً أن يذهب بي إلى المنزل، ولكني كنت أرفض!.
وأنا
لا أكتب هذا دفاعاً عن عمر.. لكنها وأقسم لك الحقيقة.. وقد تسأل لماذا فعلت ذلك؟ لقد
كنت في ضيق نفسي فظيع.. لا أدري له سبباً.. من أول النهار وأنا في قلق غريب.. ذهبت
إلى المسرح، وذهبت للمشي حتى أحاول أن أهرف من هذا الضيق.. ولكنه ظل كما هو يبعث في
نفسي ويهزّ أفكاري.
واتصلت
بأخي عمر الشريف عن طريق التليفون، وهو صديق عزيز عليّ، وأخ ورجل، ومصري مائة في المائة،
وذهبت إليه وجلست معه، نتناقش أحياناً، ونلعب الورق أحياناً، وكان عمر كأي صديق يحس
بضيقي وقلقي.
وكان
يقول لي: خليك مع الله ولا تخف ولا تقلق، بس حاول تحافظ على نفسك وعلى صحتك، قوم بقى
عشان تنام وتستريح!.
وكنا
نتكلم عن الفن وعن مصر، إنه مصري يا أستاذنا، يحب مصر، وأصدقاؤه كلهم من مصر، لم يحاول
أن يتنكر لأحد منهم، وعمر سوف يحضر إلى القاهرة، إنه في الطريق إليها فعلاً، إنها حرب
عليه غرضها التقليل من قيمته الفنية التي يكنها له كل العاملين في الحقل السينمائي
العالمي، إنه مصري يعمل باسمه ولم يغيره، يعمل من أجل أن يثبت للعالم أن الفن ليس قاصراً
على أوروبا وأميركا فقط، وقد أثبت ذلك فعلاً.
أستاذي
الكبير
هذا
هو عمر الشريف، وهذا ما دار بيني وبينه في تلك الليلة، لقد أجبرته على السهر، رغم أن
عنده تعليمات بالنوم الساعة 12 على الأكثر، ولكنه كان يحس بقلقي وضيقي، نزلت من عنده
حوالى الساعة الثانية صباحاً، ورجعت أسير على قدمي في الطرقات، أحاول أن أنسى هذا القلق،
سرت، وسرت، وأخيراً ذهبت إلى النوم، فلم أستطع، أخذت منوماً وأنا أكرهه! ولم أنم، قلق،
قلق، لا أدري له سبباً، غير أنه يعبث بكياني، وظللت إلى الصباح، وأستيقظ من معي، وقلت
لهم أن يتصلوا بالدكتور "تانر" فلم نجده، وأخذت حقنة ونمت بعض الشيء".
ويضيف
عبد الحليم في رسالته: "ثم جاء الأستاذ محمد عبد الوهاب وأيقظني، وتناولنا معاً
الغداء، وبعدها جاء عمر الشريف. وقال لي: "أنا جيت للاطمئنان عليك، لأنك أمبارح
كنت مش عاجبني أبداً".
وانصرف
الأستاذ محمد عبد الوهاب وعمر الشريف، وأحسست بالنزيف، ونقلت إلى المستشفى، وتم نقل
دم لي، وبعدها توقف النزيف، وبكل جهد مع الأطباء هنا، حاولت أن أعرف سبب هذا النزيف،
وعرفت أن الحقن التي يعالجونني بها قد تسبب لي هذا أحياناً، وأنهم ما كان يجب عليهم
أن يخرجوني من المستشفى خصوصاً انني أخذت كمية من الدواء في المدة التي سبقت النزيف.
أستاذي،
إن غلطتي فعلاً أنني سمعت كلامهم، وخرجت من المستشفى لأنني ساعة خروجي من المستشفى
لم أكن طبيعياً، كنت غير متمالك لنفسي، فكان يجب عليّ أن أبقى وأنا أدرى الناس بنفسي.
أستاذي
أطلت عليك، ولكني أعرف أنك دائماً تكتب الحق، ولقد أردت أن تعرف الحقيقة مني، وكل رجائي
أن تنشر للناس هذه الحقيقة، فلقد ظلم الناس عمر الشريف، ولا أريد أن تظلمه أنت أيضاً.
أبقاك
الله وأدامك لي ولبلدك الذي ترفع من شأنه بقلمك.
بجواري
الصديق الحبيب كمال الطويل، وقد عرف الحقيقة، وهو يهديك السلام والحب، وأنا أيضاً".
(التوقيع:
عبد الحليم حافظ)
زمان
يا حلم .. زمان يا حب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق