طلاقي لا ينهي حياتي
=====
تتوالى قصص الطلاق وحكاياته المختلفة والمتشابهة في الوقت ذاته، لكن أبرز ما يلاحظ على هذه القصص أنه لم يعد ينظر لها وكأنها نتيجة كارثية تسطر لنهاية مآساوية للمرأة كما كانت الحال قبل عقود خلت. فمن المؤكد أن موقف المجتمع و الناس من المرأة المطلقة بات أكثر تقبلاً واعتدالاً، بدليل أن هناك عشرات من النساء المطلقات تزوجن مرة ثانية ومن شبان في مثل أعمارهن، وليس فقط من رجال أرامل أو كبار في السن. لكن الموقف الاجتماعي هذا لا يزال ظالماً لها في العموم، وايرادنا لمثالين أو ثلاثة عن تجارب نساء مطلقات لم يشكل لهن الطلاق عائقاً، لا يلغي القاعدة التي تقول أن المطلقة ضحية المجتمع والتقاليد، كما أنه لا يضعنا في خانة من لا يرى أن في الطلاق مشكلة وأزمة.
قرية بلا مطلقات!!!
أذكر أن أحد أقربائي المسنين أخبرني أنه في قريتهم كلها لم يكن هناك امرأة مطلقة واحدة حتى أوائل السبعينيات، وأن امرأة مطلقة في قرية مجاورة كانت مثاراً لأحاديث أهل القرية بأسرها في ذلك الوقت!! لكن قريتهم التي اصبحت شبه مدينة تعج اليوم بالمطلقات، وأنه شخصياً يعرف اسماء أكثر من عشرة نساء مطلقات إحداهن ابنة شقيقته، وهو يتعامل معها كما يتعامل مع شقيقاتها دون أي تمييز. وإذا أردنا التوقف عند هذا المثال فلا بد من القول هنا أن انتفاء المطلقات من تلك القرية لا يعني مطلقاً أن النظام الاجتماعي السائد وقتها هو نظام عادل بل يمكن الاستنتاج أنه نظام قمعي جائر كان يحرج على النساء الثورة على أوضاعهن المتردية، واللجوء إلى الطلاق الذي يعتبر وقتها فضيحة وطامة كبرى، فمن غير المعقول أن تكون كل النساء في تلك القرية سعيدات هانئات في حياتهن، وما ينطبق على هذه القرية يصلح لغيرها أيضاً.
مطلقات سعيدات
"عندما تصبح الحياة مستحيلة يصبح الطلاق مرساة للنجاة، عندما تصبح الحياة مملة ورتيبة وممتلئة بالشك يصبح الطلاق أيضاً مرساة للطلاق، وعندما يصبح العنف لغة يومية يصبح الطلاق نعمة". بهذه الكلمات تدافع هناء عن قرارها الذي أتخذته قبل خمس سنوات عندما طلبت الطلاق من زوجها وحصلت عليه، يومها كانت في الساددسة والعشرين، واليوم هي في الواحدة والثلاثين ولديها ابنة رائعة من زوجها الثاني.
تقول هناء: لم أكن لأبدل موقفي هذا حتى لو أني لم أتزوج ثانية، فالطلاق وإن كان أبغض الحلال فهو حل للزيجات التي على شاكلة زواجي، لم نكن متفاهمين أبداً وايامنا كانت مزيج من النفاق و البؤس والضجر والعنف، وكان طلاقي أهم خطوة أتخذتها، علما أني كنت أضع أمام عيناي أني سأكمل حياتي في منزل أهلي، لكن ما حدث لاحقاً هو أنني تجاوزت المشكة ولم أتعامل معها كعقدة ومحور لحياتي...تزوجت من جديد من شاب أصغر من زوجي الأول سناً، وأنجبنا ابنة رائعة، كلما رأيتها أشكر الله أني أنهيت زواجي الأول بسرعة ودون أن أنجب منه أطفال.
سيدة أخرى فضلت عدم ذكر اسمها قالت: أنها ليست نادمة على الطلاق الذي حصلت عليه بعد جهد جهيد من المحكمة وأن الزمن لو عاد للوراء مرة أخرى فلن تتردد للحظة واحدة في طلب الطلاق من جديد.
هي مطلقة منذ اربع سنوات ونصف، ولديها طفل واحد، ترفض الكرم المفرط للمحكمة الذي منحتها نفقة بمقدار 1300 ل.س شهرياً ليس لأنها لا تحتاج إليها ولكن لتثبت لنفسها أن قرارها صحيح. تضيف السيدة: إنهارفضت عروضا للزواج رغبة منها في الاحتفاظ بابنها وعندما تقرر الزواج من جديد وتعجز عن الاحتفاظ به، فلا بد ان تمتلك القوة والشجاعة الكافيتين للتخلي عن حضانته لطليقها طالما أن القانون ينزع عنها في هذه الحالة حقها في الحضانة. وتتابع: بعد الطلاق استعدت كل صديقات الدراسة والحارة الذين كنت قد فقدتهن واحدة تلو الأخرى، وقد عملت جاهدة على أن لا ينهي طلاقي حياتي وأقنعت أهلي بذلك واليوم أعيش حياة لا أدعي أنها مثالية ولكنها أفضل مئة مرة من حياتي السابقة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق