الجمعة، 29 مارس 2013

كيف يقال انت متواضع .. أميرة رحال


كيف يقال انت متواضع .. أميرة رحال - - انت مفتقر إلى الهواء، مفتقر إلى الماء، مفتقر إلى هرمون لو قصَّر في جسمك لأصبحت الحياة جحيماً، أنت مفتقر إلى هرمون اسمه هرمون التجلُّط، هذا لو زادت نسبته عن الحد المقرر لأصبح الدم وحلاً في الأوردة والشرايين، وأنت مفتقر إلى هرمون التميُّع، بمعنى أنه لو زاد هذا الهرمون عن حده المحدد له لسال الدم كله من شكَّة دبوس، الدم كله يسيل، من تحقيق التوازن الدقيق بين هرمون التميُّع وهرمون التجلُّط تشعر أنك في صحة تامة، فأنت من أجل أن تستيقظ صباحاً وتقول: الحمد لله الذي أصبحنا وأصبح الملك لله ؛ معنى ذلك أن هناك عشرات الأجهزة، ومئات الأنسجة، وعشرات الغدد الصمَّاء وأجهزة لا يعلم عددها إلا الله تعمل في كفاءةٍ عالية جداً، إذاً أنت عبد لله، أنت مفتقر إلى الله. إذاً الدرجة الأولى من درجات التواضع ألا يعارض العقل النقل، والحقيقة لا يمكن أن يتعارض، لا يمكن، والسبب: لأن هذا العقل من خلقه ؟ خلقه الله سبحانه وتعالى، من أعطاه قوانينه ؟ الحقيقة العقل له قوانين، قوانين هذا العقل: قانون السببية، وقانون الغائية، وقانون عدم التناقض، أوضح لكم هذا مع بعض التفصيل: أنت إذا كنت في نزهة استغرقت أسبوعا، وقبل أن تغادر البيت ارتجت الأبواب، وأحكمت إغلاقها، وقطعت الكهرباء عن البيت خشية حريق أو ما شاكل ذلك، وعدت من المصيف، فإذا ضوءٌ متألقٌ في البيت، لا شك أن الفزع يصيبك، وربما يُصْعَق الإنسان تقول: هذا الضوء من ألَّقه ؟ تقول لك امرأتك: أطفئه. أهذه هي المشكلة أطفئه ؟؟ لأن عقله بني على ثلاث مبادئ، على مبدأ السببية، وهو أن شيئاً في الأرض لم يكون إلا بسبب، فما دام قد أطفأ الكهرباء قبل أن يغادر المنزل فلابد من دخول إنسان لهذا البيت، هكذا العقل يفكر، لكل شيء سبب. والعقل يفكر تفكير آخر: لكل شيء غاية، أنت في حياتك اليومية تجد في آلة حركة، هذه الحركة قد لا تستعملها، ولكن لا ترتاح نفسك إلا إذا عرفت لماذا صنعت، لماذا وضع هذا الارتجاج ؟ لماذا وضعت هذه الفُرْضَة ؟ لماذا وضع هذا التجويف ؟ أحياناً الإنسان يجد شاحنة في لها غطاء مضاعف فلماذا ؟ لماذا بعض الشاحنات التي تحمل الوقود السائل بلا غطاء وهذه لها غطاء، أنت لا علاقة لك بهذا الموضوع إطلاقاً، ولكن عقلك لا يفهم ذلك، إلا إذا فهم الغاية من هذا الغطاء الإضافي، إذاً العقل لا يفهم الأشياء إلا وفق مبدأ السببية، ولا يفهمها إلا وفق مبدأ الغائية. هذا الكلام لنا كلنا يا إخوان، يعني واحد منا قد يكون بوظيفة متواضعة جداً، قد يكون دخله أقل من القليل، قد يكون مظهره أقل من المقبول، قد يكون بيته غرفة واحدة، قد يكون لا أحد يعرفه، ولا أحد يلقي له بال، إذا كان محباً لله، مخلصاً له، مستقيماً على أمره، حافظاً لحدوده، قد يكون هذا الإنسان أكرم على الله عز وجل من أكبر اسمٍ ممَّن يتكلمون بالعلم، قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه عن ربه

ليست هناك تعليقات: