الاثنين، 11 يناير 2016

تِلْك المقاصل ...مابالها غَدتْ مُسلّيةً ؟قصة قصيرة للروائية التونسية عفيفة سعودي سميطي


كانت هناك رياحٌ خانقة آتية من الرّبوع الخالية و ليس فيها من عبقٍ سوى روائح النّطوع المُضمّخة بالدّم...و كانت تتابع العواصف الحمراء و تُمسك بكتاب قديم و شرودها يتحوّل إلى صخرة من الملح...وأنّت ثمّ هتفت بصوت كئيب :
-
إنّنا في حقبة المسوخ...


ثمّ أردفت مُنْدحرة :
-
هذا التشوّه ماهو إلّا جليد حقبات عاهرة...
و لم يكن يسمعها ... فخرخرة الأعناق كانت تفرّ في كلّ الاتّجاهات ، و ترسل عواء وحشيّا مفزعا...و كعادته كلّما ارتعب يركض نحو قدميها و يخفي رأسه المٌصدّعة بين كعبيها...و لم تنحن هذه المرّة لترفعه فقد كان الكتاب يشتعل و صخرة الملح تذوب فوق بركان مسعور و الحمم الجليديّة تتفجّر كنيازك مجنونة ... المشهد بشذوذه يفوق كلّ الخوارق الطبيعيّة... حمم من الجليد تتدافع كشُهُب من فوهة بركان ... كان لا يزال جاثيا عند قدميها ، و خوفه من جنون الشّظايا يشلّ مفاصله و يجعله يتشبّث بحرارة نبضها كطفل مذعور ... و سمعها و هي تصرخ من هول الصّقيع المتشظّي :
-
إليّ بالنّار ... حتّى أُوقف كلّ هذا الجحيم ...
وانشقّ قلبه لكنّه لم يرفع رأسه فقد كان لا يزال يطمع في النّجاة ، ثمّ لم تلبث أن صرخت صرخة مُدوّية أثر شظيّة قصمت ظهرها و أتاه صريخها فاتكا بكل أمل له في الحياة :
-
انهض أيها العاجز... لنْ تُخْطئك المقاصل إن لم تُدْرك أنّ الذي حدث لم يكن سوى ضربٍ من الجَلْدِ...

ليست هناك تعليقات: