السبت، 2 يناير 2016

براءة أحمد ناجي من تهمة «خدش الحياء» و مشاهد محاكمة "لماذا يذهب الكلام للمحكمة؟"

قضت محكمة جنح بولاق، اليوم السبت، ببراءة أحمد ناجي، الصحفي بجريدة أخبار الأدب، ورئيس تحرير الجريدة، في اتهامهما بنشر مواد أدبية تخدش الحياء العام وتنال من قيم المجتمع، كما قضت المحكمة برفض الدعوى. 

 كان «ناجي» قد نشر في جريدة «أخبار الأدب» في عددها رقم 1097 فصلا من رواية بعنوان «استخدام الحياة» صدرت في وقت لاحق عن دار التنوير.
وقالت النيابة، في أمر الإحالة للقضية رقم 1945 لسنة 2015 إداري بولاق أبو العلا، إن الاتهام ثابت على المتهمين وكافٍ لتقديمهما إلى المحاكمة الجنائية بسبب ما قام به المتهم أحمد ناجي ونشره مادة كتابية نفث فيها شهوة فانية ولذة زائلة وأجر عقله وقلمه لتوجه خبيث حمل انتهاكا لحرمة الآداب العامة وحسن الأخلاق والإغراء بالعهر خروجا على عاطفة الحياء.
وأشارت النيابة إلى أن المتهم الثاني «طارق الطاهر»، رئيس تحرير الجريدة، أيد ذلك عندما سألته النيابة عما إذا كان قد راجع المقال فقال «إنه راجع العنوان دون قراءة النص كاملا وإنه ما كان ليسمح بنشره إذا قرأه تفصيليا».
وبعد انتهاء التحقيقات أحالت النيابة العامة المتهمين إلى محكمة الجنح، باعتبار أن ما نشراه يشكل جريمة تهدد أمن وسلامة المجتمع.

 قالت نيابة جنح بولاق، في مرافعتها أمام هيئة المحكمة في واقعة اتهام الكاتب الروائي أحمد ناجي، بخدش الحياء العام في روايته «استخدام الحياة» إن ما كتبه المتهم، لاتجرؤ المجلات الجنسية عن كتابته قائلة: إن ما تنشره تلك المجلات يعد قمة الإبداع قياسا لما أورده «ناجي» في روايته.

صنع الله إبراهيم وجابر عصفور وسلماوي بجلسة محاكمة أحمد ناجي
واختتم ممثل النيابة مرافعته بضرورة انزال نص المادة 178 من قانون العقوبات لتحربضه علي نشر الاباحية في المجتمع و نسف المثل العليا لدي الأفراد، وتابعت: على الكتّاب والصحفيين مراعاة ما يكتبوه للعامة حفاظا علي قيمنا الشرقية والإسلامية.
ويذكر أن النيابة اتهمت الكاتب محمد سلماوي والناقد الروائي جابر عصفور، خلال الجلسة بالتنصل من قراءة جزء من رواية احمد ناجي محل الدعوى، بعد ان طلبت منهم النيابة قراءة نص بعينه محل الخلاف، لخجلهما من قراءة النص لما يحتويه من مجون وسفه واثارة للشهوات والخروج عن الآداب العامة، قبل أن تقرر المحكمة تأجيل القضية لجلسة 2 يناير المقبل للنطق بالحكم.
دفاع أحمد ناجي يستشهد بكتاب «الأغاني» للأصفهاني بمرافعته أمام المحكمة
وقالت هيئة الدفاع إن نص المادة 68 من قانون العقوبات تلزم مقيم الدعوي أن يكون له مصلحة مباشرة وشخصية لإقامة الدعوي، وهو ما يتنافي مع مُقيم الدعوي حيث لم يذكره «ناجي» في روايته من قريب أو من بعيد.
وأضاف الدفاع بانتفاء الركن المادي والمعنوي لجريمة خدش الحياء العام، مفترضا أن رئيس التحرير هو المسئول حالة وجود خطأ، لنشره فصل من الرواية في المجلة، ونشر النص منفردا و اقتصاصه من سياقه، وبالتالي جرده من نصه الابداعي.
واستشهد الدفاع بكتاب «الأغاني» للاصفهاني، لإحتوائه علي نفس العبارات والألفاظ الواردة في رواية 'ناحي".

إبراهيم عيسى: قرار إحالة أحمد ناجي للنيابة عار على بلدنا

تعجَّب الإعلامي إبراهيم عيسى من قرار إحالة الروائي الشاب أحمد ناجي النيابة العامة على خلفية فصل من روايته "استخدام الحياة"، نشر في جريدة "أخبار الأدب" في أغسطس من العام الماضي، قائلًا: "قضية عار على بلدنا، النيابة اتعاملت مع البلاغ الذي يعد هو أقرب للطرائف والعجائب بجدية، وحققت مع الروائي ورئيس التحرير".

وأضاف عيسى، خلال برنامجه "مع إبراهيم عيسى" على فضائية "القاهرة والناس"، الأربعاء: "أحد  المواطنين قدَّم بلاغًا في كاتب الرواية حينما شعر بهبوط في الدورة الدموية بسبب الألفاظ الجنسية وخدش الحياء في هذا الفصل من الرواية، حسب البلاغ".
وأضاف: "ليس هناك شيء فوق المساءلة والمحاكمة، لكن محاكمة الكتب بالكتب مساءلة الروايات بالنقد نحن لسنا أحرارًا، لا تزال هناك رقابة على الكتب ونحن في 2015، لماذا طالبنا بالحرية إذن، الرواية منشورة وموزعة وطبعت في بيروت ومرت على الجمارك، ورغم ذلك يحقق مع كاتبها والرقابة سمحت بعبورها ودخولها مصر".

وتضامن العديد من الكتاب والمثقفين مع ناجي باعتبار قضيته انتهاك لحرية التعبير في مصر، ونشر الروائي إيهاب عبد الواحد بيان على صفحته عبر "فيسبوك"، يُعبر فيها عن تضامنه مع الكاتب، مضيفًا أن هناك ثمة مخاوف من الخلط بين ما هو خيالي وما هو واقعي، وبين الأدب والصحافة، وبين صوت الشخصية وصوت الكاتب.
  
وقد تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاج بعنوان "لماذا يذهب الكلام للمحكمة؟"، تضامنَا مع الروائي أحمد ناجي، بعد قرار عرضه على المحكمة، السبت المقبل، بتهمة نشر وكتابة مقال جنسى خادش للحياء.

أحمد ناجي: حرية التعبير قضيتي.. ويجب أن يتحول المبدعون إلى «الهجوم»
وقالت النيابة في مرافعتها: إننا في مجتمع شرقي مسلم، لا يصح نشر كتابات جنسية وذكر الأعضاء التناسلية للرجل والمرأة باسمائهم، بدعوى حرية الرأي والابداع، ولوسلمنا بفرضية سلامة نية الكاتب في أثناء كتابته لروايته فلا يجب احتوائها علي هذا الكم الهائل من المجون و الإسفاف- حسب النيابة.

أحمد ناجي: حرية التعبير قضيتي
ربما تكون محاكمة الروائى أحمد ناجى، ورئيس تحرير صحيفة أخبار الأدب طارق الطاهر، على خلفية الفصل الخامس من رواية ناجي "استخدام الحياة"، واحدة من المعارك التاريخية الفاصلة فى حياة مصر الثقافية، إذ تتحول ساحة المحكمة بشكل درامى إلى مواجهة بين شهادات 3 قامات ثقافية، وهم "الروائى صنع الله إبراهيم، ووزير الثقافة الأسبق والناقد الدكتور جابر عصفور، ورئيس اتحاد الكتاب الأسبق الكاتب محمد سلماوى"، وفي الجهة الأخرى يقف مدعو حماية الأخلاق والفضيلة فى المجتمع.
وعلى مستوى الشكل العام تختلف قضية ناجى عن الصراعات الشهيرة التى خاضها طه حسين، أو نصر حامد أبو زيد، حيث إن هذين اصطدما مع "الثوابت الدينية والسياسية"، كما يرى أحمد ناجي، الذي أكد أن قضيته ليست سياسية أو دينية، أو تمثل تحديًا للمجتمع، فمن يريد الاصطدام غالبا ما يتكلم عن الأقصى وما شابه، أما هذه فتعتبر "قضية حرية استخدام اللغة والإبداع من الأساس"، على حد قوله.
ويضيف ناجى "الإنترنت صار ينتج مستوى جديدا من اللغة، به مساحات عالية جدا من الحرية، كذلك تتطور لغة الشارع، هذا المزيج صار متماسكا وقويا بدرجة يصعب معها تجاهله، ومن غير العادل أن يحرم منه الكاتب والمبدع، فلا يمكن لروائى مخلص يحكى عن الواقع ألا يستخدمه، وهذه جدلية كبيرة، ربما حان الوقت لمناقشتها وحسمها".
ويتابع "إن كان هناك ألفاظ تسبب (الإعياء) كما يدّعى صاحب البلاغ، فليعدوا بها كشوفا، وليطلعونا عليها قبل أن ننشر كتبنا".
وقدم دفاع ناجى إلى هيئة المحكمة، اليوم السبت، فى معرض دفاعه عن الرواية كتبا من إصدارات الهيئة العامة المصرية للكتاب، بالإضافة إلى كتب التراث الدينى والأدبى التى استخدمت نفس المفردات المتهمة فى رواية ناجى بأنها "خادشة للحياء العام"، ومن بين هذه الكتب ما يُدرس فى الأزهر لطلبة المدارس.

ويقول ناجى "نأمل أن تجعل شهادات شخصيات بهذا الثقل الثقافى فى ساحة المحكمة، وحملات التضامن، المحكمةَ تتعامل مع النص باعتباره نصا روائيا".
المعركة الدامية بين الحرية والظلام ليست في حسابات ناجى وهو ذاهب لأولى جلسات محاكمته، فهو يرى أن "مثل هذا الغول الظلامى والرجعى لم يعد موجودا، فلو أن أحداث محاكمته حدثت قبل 3 سنوات لكان الأمر سيصبح مختلفا، ولكان من الممكن تخمين الجبهة الثانية التى تقف خلف البلاغ المقدم ضده، أما الآن فبغياب كل القوى الدافعة المحافظة التى كانت تتحرش بالمبدعين، فالأمر لا يعدو كونه مجرد تحرك فردى لشخص يرى نفسه حاميًا للفضيلة".
ويصف ناجى تحرك خصمه بـ"الميوعة"، إذ إنه "ليس هناك ثقل مجتمعى خلف هذا البلاغ، فالمجتمع به من يكتبون على الجدران بنفس اللغة، ومن يقولون هذا الكلام ليلًا ونهارًا، وأكاد أجزم أن أي أنثى تمشى فى الشارع لمدة ساعة تسمع ما هو أسوأ من ذلك بكثير" هكذا يقول الروائي متندرًا.
وكانت نيابة بولاق أبو العلا قد أمرت بإحالة ناجي وطاهر للمحاكمة الجنائية، "لنشر المتهم الأول مقالا جنسيا بقصد العرض والتوزيع، وإخلال الثاني بواجب الإشراف على المقال محل الاتهام".

وكتبت النيابة فى قرار الإحالة أنّ "الاتهام ثابت على المتهمَيْن وكافٍ لتقديمهما إلى المحكمة الجنائية بسبب ما قام به المتهم (أحمد ناجي) عند نشره مادة كتابية نفث فيها شهوة فانية، ولذَّة زائلة، وأجّر عقله وقلمه لتوجه خبيث، حمل انتهاكا لحرمة الآداب العامة وحسن الأخلاق والإغراء بالعهر خروجا على عاطفة الحياء".

وأضافت "خرج المتهم عن المُثل العامة المصطلح عليها فولدت سفاحا مشاهد صوّرت اجتماع الجنسين جهرة، وما لبث أن نشر سموم قلمه برواية أو مقال حتى وقعت تحت أيدي القاصي قبل الداني، والقاصر والبالغ، فأضحى كالذباب لا يرى إلا القاذورات، فيسلط عليها الأضواء والكاميرات حتى عمّت الفوضى وانتشرت النار في الهشيم".
على صعيد آخر، أثارت قضية ناجى و"استخدام الحياة" موجات واسعة من التضامن، بدأت بهاشتاج "لماذا يذهب الكلام على تويتر وفيسبوك للمحكمة"، كما أصدر حزب "العيش والحرية" بيانًا قال فيه إن "ما يُسمّى بالذوق العام ما هو إلا خدعة كبيرة وحجة سخيفة، لمحاوله تسييد نمط جمالي محدّد على كل المبدعين، وتوحيد صارم لذائقة كل الناس".

وأضاف البيان أنّ "خطورة ذلك المنحى الاستبدادي لا تتوقّف عند إمكانيّة قتل كل أشكال الإبداع، بل إفساد الفضاء العام الجمالي ذاته، فلا سبيل لازدهار أيّ فنون أو آداب خارج إطار الحرية التامة وعدم التدخل من قبل أي سلطة، أيًّا كانت الحجة".
وبدأ عدد من المثقفين جمع توقيعات، ليس فقط للتضامن مع أحمد ناجي، ولكن لاعتبارهم شركاء له فيما تعتبره النيابة العامة "جريمة".

ومن جانبه، قال الناشر المصرى محمد هاشم "فعلناها سابقا فى أزمة الروايات الثلاث، هل يمكن أن يسجن القاضى 1000 شخص لأنهم نشروا فصلا من الرواية؟".
هاشتاج التضامن مع ناجى استقطب عددًا من مشاهير الفكر والإعلام، ومنهم "باسم يوسف"، الذى كتب عبر حسابه على تويتر أمس 
"ما يحدث لأحمد ناجي هو فاشية باسم الدين والأخلاق، في 2015 يخضع الكتّاب لقضايا الحسبة، ويحاكمون بسبب تهم مبهمة مثل "خدش حياء شخص ما".
ويقول ناجى "حملة التضامن ليست مع شخصي، لكنها مع حرية الإبداع بالأساس، فأغلب المتضامنين معي هم أشخاص لهم صلة بالإبداع بصورة ما، وأتمنى ألا تقف عند هذا الحد، بل أن تصير حملة من أجل تغيير الوضع القائم، وأن نخرج بموقف هجومى، لا أن نظل مكتوفى الأيدى على الوضع القديم، لا يجمعنا سوى قضية جديدة لكاتب آخر".

ليست هناك تعليقات: