الاثنين، 16 نوفمبر 2015

حكم البراءة للمتهمين فى” إنتفاضة الخبز” و نزاهة قضاء


يعلم الباحث فى شخصية الشعب المصرى، انه ليس بساكناً كما يبدو عليه، ففى داخله دائما ما تخبو ثورة جامحة تخرج فى وقت لا يعلمه إلا الله فمنذ 36 عاماً تقريبا خرج الشعب المصرى عن بكرة أبيه إلى الشارع معبرا عن غضبه فيما عرف لدى الشعب المصرى بإنتفاضة الخبز وما أطلقه عليها السادات بإنتفاضة الحرامية، واليوم وبعد مرور كل هذه الفترة ما زالت تلك الإنتفاضة تلهم الثوريين فى مصر والمنطقة دروسا مهمة وتدعو للتأمل بعمق فى التركيبة الذاتية للشعب المصرى ومعرفة متى يثور وكيف. 
 أحداث الانتفاضة بينما كان الشعب المصرى الذى عانى كثيرا من تدهور أوضاعه الإقتصادية بعد حرب إكتوبر 1973 ينتظر قرارات حكومية تخفف عنه هذه المعاناة وتحقق له ما وعد به الرئيس فى خطاباته من رخاء إقتصادى ينعم به المصريون، وإمكانية ان يحلم كل شاب بتملك فيلا صغيرة وسيارة كما كان يردد وبعد أن بنى الشعب المصرى أماله وطموحاته فى الرخاء، إذا بنائب رئيس الوزراء للشئون المالية والإقتصادية الدكتور عبدالمنعم القيسونى فى بيان له أمام مجلس الشعب يوم 17/1/1977 يعلن فيه مجموعة من القرارات الإقتصادية الصادمة ومنها رفع الدعم عن مجموعة من السلع الأساسية وذلك برفع أسعار الخبز 50% والسكر25% والشاى 35% وكذلك الأرز والزيت والبنزين و25 سلعة أخرى من السلع التى لا يستطيع الفقراء العيش بدونها، لذا كانت الصدمة شديدة. وفى صبيحة اليوم التالى صدرت الصحف الثلاث تحمل تفاصيل القرارات الإقتصادية الأخيرة، لتبدأ نذر العاصفة تتجمع ثم ما تلبث أن تفجرت. بدأت هذه الحركة العفوية بدون تنسيق أو تخطيط مسبق فى عدد من التجمعات العمالية الكبيرة فى منطقة حلوان بالقاهرة فى شركة مصر حلوان للغزل والنسيج والمصانع الحربية وفى مصانع الغزل والنسيج فى شبرا الخيمة وعمال شركة الترسانة البحرية فى منطقة المكس بالأسكندرية حيث بدأ العمال فى تجمعات صاخبة تعلن رفضها للقرارات الإقتصادية وتخرج الى الشوارع فى مظاهرات حاشدة تهتف ضد الجوع والفقر وبسقوط الحكومة والنظام رافعة شعارات تلقائية منها: ياساكنين القصور الفقرا عايشين فى قبور ياحاكمنا فى عابدين فين الحق وفين الدين سيد مرعى يا سيد بيه كيلو اللحمة بقى بجنيه عبد الناصر ياما قال خللوا بالكم م العمال هو بيلبس آخر موضة واحنا بنسكن عشرة ف أوضة بالطول بالعرض حنجيب ممدوح الأرض لا اله الا الله السادات عدو الله وغير ذلك من شعارات ارتفعت فى مظاهرات بطول مصر وعرضها واختلطت تظاهرات الطلاب التى خرجت من كل الجامعات المصرية بحشود العمال والموظفين والحرفيين وكافة فئات الشعب. كانت نهاية أحداث انتفاضة الخبز ضد قرارات رفع الدعم اشتعل بركان الغضب، العمال والطلبة والموظفون والعامة حتى السيدات، اندلعت المظاهرات وردد الناس هتافات الغضب ضد ممدوح سالم رئيس الوزراء، وضد سيد مرعي رئيس مجلس الشعب، ثم خرج طلاب الجامعات في المظاهرات، التي تحولت إلى أعمال عنف ضد المصالح الحكومية وأقسام الشرطة، واستراحات الرئاسة بطول مصر، ووصل الهجوم إلى بيت محافظ الدقهلية بالمنصورة حيث تم نهب أثاثه وحرقه، ومن أسوان إلى الإسكندرية تحطمت المحال التجارية والمنشآت العامة والسيارات، وسقط عشرات القتلى والمصابين (79 قتيلا و214 جريحا)، واستمرت أحداث العنف حتى وقت متأخر من الليل، مع عنف شديد من قوات الأمن، وتم القبض على مئات المتظاهرين وأمر السادات بنزول الجيش إلى الشارع لقمع المظاهرات، وأعلنت حالة الطوارئ، وتقرر حظر التجوال في كل مصر من السادسة مساء إلى السادسة صباحا، ثم تم الإعلان عن إلغاء القرارات الاقتصادية، في نشرة أخبار الثانية والنصف ووصفها السادات بـ ” انتفاضة الحرامية ” تم القبض علي 176 متهما ووجهت اليهم 7 تهم رئيسية كفيلة بوضعهم في السجن حتي آخر حياتهم. ووقتها احتج المتهمون وكتبوا بيانا يحتجون فيه على ما يحدث لهم ، مطالبين بـ 6 مطالب وقع عليها 38 متهما وهذا صورة ما جاء بالمطالب والموقعين عليها كان القاضي الذي اختير لنظر القضية مثالا يحتذي في النزاهة والوطنية والاستقلال وهو المستشار حكيم منير صليب ومعه عضوان هما المستشار علي عبد الحكم عمارة وأحمد محمد بكار وقد استمر نظر القضية منذ أبريل 1978 حتي أبريل 1980. وصدر الحكم بمعاقبة 11 متهما بالسجن ثلاث سنوات وحبس 9 متهمين سنة واحدة وبراءة الباقين تماما، ولم يكن من الغريب أن تضم قائمة المتهمين كثيرا من كوادر الحركة السياسية حاليا مثل المهندس كمال خليل، الحقوقي أمير سالم، الشاعر أحمد فؤاد نجم، الشاعر سمير عبد الباقي، المهندس أحمد بهاء الدين شعبان، طلعت رميح، محمد عزت عامر، ومن بين الصحفيين الأستاذ حسين عبد الرازق، عبد القادر شهيب، رشدي أبو الحسن، الفنان زهدي رسام الكاريكاتير. وفيما يلي نص حكم المحاكمة ” حكمت المحكمة أولا- بانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم الخامس والثمانين زكى مراد إبراهيم بوفاته ثانيا –غيابيا بالنسبة للمتهمين السابع احمد بهاء الدين شعبان والثالث عشر محمد محمد فتيح والتسعين عبد القادر احمد شهيب والثامن والخمسين بعد المائة احمد فؤاد نجم وحضوريا للباقين ثالثا – برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى إمام هذه المحكمة بوصفها محكمة امن دولة عليا رابعا – برفض الدفع ببطلان أمر الإحالة خامسا – برفض الدفع ببطلان إذن الضبط والتفتيش الصادر من رئيس نيابة’ امن الدولة العليا بتاريخ 19/1/1977 سادسا – بقبول الدفع ببطلان الإجراءات إلى قام بها رجال الأمن القومي فى الدعوى رقم 10/1975 حصر امن دولة عليا سابعا – بمعاقبة كل من المتهمين الثالث طلعت معاز رميح والثامن احمد مصطفى إسماعيل والرابعة والعشرين شوقيه الكردي نصر شاهين والخامسة والعشرين فاتن السيد عفيفي والسادس والعشرين رزق الله بولس رزق الله والثامنة والعشرين ماجدة محمد عدلي والتاسع والعشرين عمر محمود عبد المحسن خليل والرابع والاربعين محمد حسن محمد والخامس والخمسين عدلي محمد احمد عليوة والحادي والثمانين خالد محمد السيد الفيشاوى والتاسعة والستين بعد المائة إيمان عطية محمد بالسجن لمدة ثلاث سنوات والغرامة مائة جنيه وبمعاقبة كل من المتهمين العاشر سيد احمد حفني والخامس عشر محمد هشام عبد الفتاح إبراهيم والسابع والخمسين لطفي عزمي مصطفى والسابع والثمانين مبارك عبده فضل والثاني والعشرين بعد المائة محمد احمد عيد والثالث والعشرين بعد المائة محمد محمد فتحي عبد الجواد والرابع والستين بعد المائة محمد محمود جاد النمر والسبعين بعد المائة حسين حافظ جامع بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وتغريمه خمسين جنيها وببراءتهم من باقي التهم المسندة إليهم ثامنا – ببراءة باقي المتهمين من التهم المسندة إليهم تاسعا – مصادرة ما عدا الكتب من المضبوطات صدر هذا الحكم وتلي علنا بجلسة يوم السبت الموافق 19 من ابريل 1980 م ”


ليست هناك تعليقات: