كلاكيت يصل في تعداده للمليونيات في فيلم المماليك وهو بطولة
الراحلون عمر الشريف وعماد حمدي وكثير من النجوم التي غابت داخل باطن الأرض موتي ،
إخراج: عاطف سالم (مخرج ) تأليف:نيروز عبدالملك (مؤلف) عبدالحي أديب (قصة وسيناريو
وحوار) وفي قصة الفيلم بعد معاناة المصريين من ظلم المماليك واستبدادهم يتكتل أفراد
الشعب وينظمون المقاومة الشعبية للقضاء عليهم والتخلص من الحاكم الشركس وقائد حرسه
أيبك، ينضم الحبيبان أحمد وقمر للمقاومة رغم ألوان العذاب التي يلقونها، يصمم أحمد
على الانتقام لمقتل أمه على أيديهم، يتحقق للفدائيين حلمهم فيحكم البلاد شاب من أحرار
المصريين ، بعد ان كان يحكمهم طاغية يكمم الأفواه و يحكم الجميع بالحديد و النار ،
و يقتل أو يسجن كل معارضه و نشر في كل أنحاء البلاد الجواسيس و المؤامرات ، و نفس
الأمر يتكرر علي أرض الواقع بالعودة إلي قمع الجميع عن طريق جريمة العيب في الذات
الملكية التي تعاد في أشكال مختلفة لتصل ببشر عاديون إلي ملوك علي أعناق البشر !
أن جريمة العيب في الذات الملكية كانت سيفًا مسلطًا على رقاب أصحاب
الأقلام والرأي و المواطنين في فترة ماقبل الثورة في مصر حيث قُدم العديد منهم إلى
المحاكمة بهذه التهمة ومنهم بيرم التونسي ومحمود عباس العقاد وإبراهيم شكري والأفغاني
ومحمد عبده وغيرهم كثيرون. وفي هذا الكتاب "العيب في الذات الملكية" لمؤلفه
د.سيد عشماوي الأستاذ المساعد بكلية الآداب جامعة القاهرة تحليل وافٍ وشامل لهذه القضية
الشائكة بدءًا من تعريفه لمصطلح العيب في اللغة وما طرأ على تشريعات وأحكام العيب من
مؤثرات غربية، مروراً بالقوانين الخاصة بجريمة العيب والعلاقة بين تشريعات وأحكام العيب،
وصولا إلى المسار التاريخي لها منذ عصر توفيق حتى عهد فاروق.
لقد بدأ مصطلح "العيب" في التبلور إبان الثورة العرابية
1881 - 1882 حيث جرم قانون المطبوعات الشهير عام 1881م كل من أهان وعاب ولي الأمر،
وفي أعقاب هذه الثورة صدر قانون العقوبات سنة 1883 حيث قنن في المادة 163 في الجنح
والجنايات التي تقع بواسطة الصحف والجرائد وغيرها وفي الجنح المتعلقة بالتعليم العام
أو الديني "كل من عاب في حق ذات ولي الأمر بواسطة إحدى الطرق المذكورة يعاقب بالحبس
من شهر الى 18 شهرا ويدفع غرامة من مئة قرش ديواني وقرش إلى 2000 قرش"، وقد بدأ
في التعديلات التي طرأت على هذا القانون استخدام كلمة "عاب" في حق ذات ولي
الأمر "المادة 156 من قانون 1904" أو في حق الذات الملكية "المادة
156 من قانون 1922" والمادة 179 من قانون 1937، وقد قصد المشرع أن يتناول العقاب
"كل فعل أو قول أو كتابة أو رسم يكون فيه مساس تصريحا أو تلميحا من قريب أو بعيد
بتلك الذات المصونة التي هي بحكم كونها رمز الوطن المقدس".
ولقد تلاشت كلمة عيب من قاموس الحياة السياسية المصرية بعد ثورة يوليو
1952 لكن الكلمة بقيت ممثلة في لفظ الاهانة وهي تنطوي على معنى أشد من السب والعيب
وأكثر عنفا، وأصبحت الإهانة لفظا عاما يطلق على الألفاظ الأخرى التي ترادفه، لكن مع
تفجر الأزمة الاجتماعية والسياسية منذ أواخر السبعينيات رأت القيادة السياسية في مصر
أنه لا مفر من عودة قانون العيب ولذلك أصدر السادات في مايو 1980القانون رقم 95 والمسمى
قانون حماية القيم من العيب وخاصة بعد أن تعالت الهتافات المعادية للسادات ووصفه بالطاغية
والطاغوت والظالم من قبل الجماعات الاسلامية، وكذلك الهجوم عليه في المظاهرات وفي بعض
الأشعار ومقالات الكتاب وقد حوكم الشاعر أحمد فؤاد نجم بموجب هذا القانون وسجن بتهمة
إهانة رئيس الجمهورية في عام 1978، ومع نهاية عصر السادات توارى هذا القانون وأصبح
في ذمة التاريخ.
و الآن و بالقانون في مصر
لدينا العديد من التشريعات التي تجرم النشر في العديد من المجالات
، و كلها تقريبا يعاقب عليها القانون بالسجن أو الغرامة أو الاثنين معا (حسب تقدير
القاضي). فقانون العقوبات به فصل كامل اسمه (جرائم الصحافة) يعاقب على نشر معلومات
تؤثر على تحقيقات النيابة أو قرار المحكمة ، و السب و القذف ، و اهانة مجلس الشعب
او النيابة أو الجيش ، و ترويج الإشاعات ،وجرائم أخرى كثيرة. و لدينا ايضا قانون
"حظر نشر أي معلومات عن المؤسسة العسكرية" الذي يعاقبك بالسجن لفترة قد
تصل الى 5 سنوات اذا ذكرت الجيش في أي مقال لك دون تصريح. ثم لدينا قوانين أخرى
مثل القانون الذي يجرم الحديث عن صحة رئيس الجمهورية، و التهم المطاطة من نوعية
(تكدير الأمن العام" و "اضعاف الروح
القومية" و "زعزعة ثقة الشعب فى القوات المسلحة" و "التحريض على
الفتنة الطائفية". بالإضافة طبعا لجرائم الرأي التى دائما ما يحاكم بسببها
صحفيون أو مدونون ،مثل ازدراء الأديان و تجريم نشر المواد الإباحية و تجريم إهانة
رئيس دولة أجنبية. أضف إلى ذلك الجرائم الخاصة بالاجراءات مثل النشر بدون ترخيص،
أو نشر مادة بدون تصريح أو قبل عرضها على الرقيب.. الخلاصة،أننا فى مصر
لدينا ترسانة هائلة من القوانين التى تنتهك حرية الصحافة و حرية تداول المعلومات و
حرية الرأي، و معظم هذه القوانين تعاقب على أفعال ليست جرائم فى حد ذاتها ، وحتى
التصرفات الخاطئة الى نتفق على رفضها، يعاقب عليها القانون بالسجن لفترات طويلة
رغم ان الغرامة أو العقوبات الادارية تكفي فيها.. ناضل الكثيرون قبلنا لإلغاء هذه
القوانين، ودفع الكثيرون من أعمارهم في السجون بسبب هذه القوانين .
و "العيب في الذات الملكية" جريمة تعاقب عليها كل نظم الحكم
الملكية قديما وحديثا وما شابهتها من نظم حكم مطلقة جمهورية أو سلطانية أو دولتية أو
جماهيرية أو إماراتية. فالملك هو رأس السلطة.
له المهابة والعظمة والجلالة، التجرؤ عليه بالنقد أو النيل منه بالعيب
هو إضعاف له، وبالتالي إضعاف للقانون الذي يستمد شرعيته منه، وتقويض للدولة التي تتأسس
عليه، وراثة من أب عن جد أو اختيارا إلهيا أو قبليا أو عشائريا أو ثوريا. ولا فرق بين
هذه النظم التي تستمد شرعيتها من البيعة الحرة للناس ومن الاختيار الطوعي للحاكم كما
قال القدماء (الإمامة عقد وبيعة واختيار). بنيتها واحدة، وأساسها واحد، القمة وليس
القاعدة، والأعلى وليس الأدنى.
الذات الملكية (تابوه) مقدس لا يمكن الاقتراب منها أو حتى النظر إليها
حتى لا تأخذ الناس الصاعقة. بل لا يمكن محادثتها شفاها بصوت مباشر مسموع. ولا يمكن
التشبه بصفاتها. فهي وحدها (كامل الأوصاف)، الملهم الأول، والمعلم الأول، والمشرّع
الأول، بل والفنان الأول، أكمل البشر. وهو رئيس المدينة الفاضلة عند الفارابي، و(الإنسان
الكامل) عند الصوفية، والإمام أو المهدي المنتظر عند الشيعة. وكان الملك السابق لمصر
يحجز اللون الأحمر بجميع درجاته لعربات القصر دون الشعب. وقد يمتد (التابوه) الملكي
وتتسع مساحته حتى يشمل السياسة كلها. فهي من المحرمات في النظم الشمولية. لا يجوز تعاطيها
لأنها حكر على السلطان، وما على الجمهور إلا السمع والطاعة. تتسع رقعة المحرمات، فتشمل
الملك وزوجه وأولاده وأقاربه وأصدقاءه ووزراءه بل وخدمه وحشمه
وإماءه
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق