السبت، 22 أغسطس 2015

صحيفة أمريكية : إيران تتظاهر بمصادقة أمريكا لحين طعنها لاحقاً

مفاوضات الاتفاق النووي الإيراني في جنيف (أرشيف) 
 يوماً بعد آخر يتأكد للجميع أن البنود الرئيسية للصفقة النووية ـ البنود التي تقضي بالتحقق من النشاط النووي الإيراني، سابقاًُ وحاضراً، مجرد مزحة.

هذا ما رأته صحيفة "ناشونال ريفيو" الأمريكية، في افتتاحيتها الأخيرة، وكما يثبت نص الاتفاق الجانبي الذي نشرته يوم أمس الجمعة وكالة "أسوشييتيد برس"، سوف تعتمد الوكالة الدولية للطاقة الذرية فعلياً على إيران ذاتها، لكي تراقب نشاطها في موقع بارشين النووي، ولتقدم لمفتشي الوكالة صوراً وفيديوهات وعينات بيئية.

وكما ينص نظام التفتيش المنصوص عليه ضمن الصفقة بتقديم طلب إلى السلطات الإيرانية لأجل السماح بالدخول إلى مواقع مشبوهة، ويعقبها أسابيع من انتظار الرد، مما لا يعني دوماً السماح بتفتيش تلك المواقع.

وعود لا فروض
وتشير "ناشونال ريفيو" إلى أنه بالنظر لشروط الصفقة، قدمت إيران وعود قد لا تفي بها، وفي المقابل، سترفع عنها العقوبات الاقتصادية، وسوف تفتح أمامها أسواق الأسلحة الدولية، والقابلية لبناء صورايخ باليستية، وهذا ليس اتفاقاًَ نووياً، بل معاهدة اقتصادية صممت خصيصاً من أجل تصدير نظرة الرئيس الأمريكي، أوباما، تجاه العالم.

وتقول الصحيفة في افتتاحيتها "إن كان أكثر من ست سنوات مع السياسة الخارجية لأوباما قد علمتنا شيئاً ما، فإن تلك السياسة قامت على أساس وجهة النظر الأكاديمية اليسارية بشأن المشاكل التي تواجه أمريكا على الساحة الدولية، وهي النظرة التي تقول بأن جميع تلك المتاعب سببها أخطاء أمريكا ذاتها".

تغيير مواقف
وتمضي ناشونال ريفيو للقول "يستند ذلك الرأي للقول بأن أعداءنا المتشددين الإسلاميين، وجدوا لأننا وحلفاءنا همشنا أصواتاً منشقة "صادقة" صدرت في الشرق الأوسط، لصالح دعم مستبدين علمانيين غير ممثلين في المنطقة، وعبر تغيير المواقف لصالح سكان المنطقة، نستطيع جلب أولئك المنشقين إلى المجتمع الدولي، وحرمان الإرهابيين من فرصة تجنيدهم، وتدشين عصر جديد من "العلاقات الدولية"، وفي تلك الحالة يمكن التعامل مع "القلة القليلة" ممن هم إرهابيون ويصعب إعادتهم إلى جادة الصواب، بواسطة فرض قانون دولي صارم.

نقطة انطلاق
وتلفت الصحيفة إلى أن التدقيق في السياسة الخارجية لأوباما تفيد في منح هذا الرأي نقطة انطلاق: فقد ساعد ووزيرة خارجيته السابقة، هيلاري كلينتون، على خلع معمر القذافي عبر تحول ألوية موالية إلى ميليشيات جهادية.

وفي مصر سرعان ما رمى أوباما وكلينتون بحليف أمريكا القديم، حسني مبارك، بعيداً، واحتضنا حكومة الإخوان المسلمين، القصيرة الأمد، عبر إرسال طائرات إف ١٦ ودبابات إم ١ آبرامز إلى مصر، رغم خرق الإخوان المسلمين لاتفاقيات كامب ديفيد، وإقامة علاقات وثيقة مع حماس، وفي سوريا، تباطأت الإدارة في دعم وتسليح قوات المعارضة المعتدلة لمحاربة كل من داعش ونظام الأسد.

تكرار الأخطاء
وتشير ناشونال ريفيو إلى تكرار نفس الأخطاء، إذ عندما وقعت اضطرابات في الشرق الأوسط، كررت الإدارة دعمها للشارع "الإسلامي" على حساب المؤسسات العلمانية، ومن ثم وقفت الإدارة مع الإسلاميين، وتدفقت الأسلحة الأمريكية إلى حكومة الإخوان المسلمين في مصر، ولكن تلك الشحنات تجمدت لأشهر، بعدما ساعدت أكبر احتجاجات سياسية في طرد الإخوان المسلمين من السلطة، وحلت مكانهم حكومة مصممة على محاربة الجهاديين، وبنفس الطريقة، وقفت إمريكا إلى جانب ملالي إيران عندما سحقوا الثورة الخضراء، مهدرة فرصة خلع نظام عاداها طوال عشرات السنين، وبهذا يتضح أن أوباما يؤمن بأنه لن يكون هناك سلام ما لم يتصدر الإسلاميون المشهد السياسي.

خطب ود
ولكن، كما ترى الصحيفة، يرفض الرئيس الأمريكي فهم أولئك الذين يؤمنون بسيادة مجموعة ما، وإن هؤلاء لا يريدون الانضمام إلى الأسرة الدولية، إنهم يريدون أن يكونوا هم الأسرة الدولية، ولا يمكن لأحد الادعاء بأن السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط كانت مثالية، فقد ارتكبت أخطاء في المنطقة. ولكن أوباما يخطب ود الملالي، والذين لا يخفون، في الواقع، كراهيتهم للولايات المتحدة، وهم ينشدون "الموت لأمريكا" ويتعهدون بمواصلة سياساتهم العداونية والإرهابية، ويبدو أن أوباما ماضٍ في إنقاذ مقامرته الميئوسة، وهي أكبر اختبار لوجهة نظره، حتى نهاية عهده، إنه يريد أن يصادق الجمهورية الإسلامية في إيران، على أمل أن يعوم ملالي إيران أنفسهم، وأن يصبحوا، في نهاية المطاف، مجموعة دينية تدعو للتعايش المشترك.

ونتيجة لكل ما سبق ذكره، تقول الصحيفة في ختام افتتاحيتها "ليست وعود إيران غير الإلزامية جزءاً من الصفقة النووية، بل هي ذريعة لتطبيع العلاقات، ولاحتضان إيران على أمل أن تحضننا لاحقاً، ويبدو أن إيران ترغب بمصادقتنا، إلى حين أن نشعر بالطعنة في ظهرنا".

ليست هناك تعليقات: