الخميس، 8 أغسطس 2013

الادمان علي شم الطائفية أميرة رحال





إن إلقاء نظرة سريعة على صفحات الفيسبوك الخاصة بمناقشة الأوضاع في سوريا تعطي فكرة واضحة عن حجم تورط عدد من المشاركين بالتعبير عن أفكار طائفية تدور في خلدهم، وهو ما يمكن أن نصطلح عليه "المرض الطائفي".

نحن هنا لا نقصد من يناقشون إشكالية، لا بل معضلة، الطائفية، وآثارها السلبية على واقع ومستقبل سوريا، والذي يحاولون نقد الظاهرة، أو اقتراح حلول لها، أو تسليط الضوء على جرائم ذات صبغة طائفية.

نقصد تحديدا نموذجا واحدا من الناس، وهم الذي يمثلون التعريف الذي نراه تعريفا صحيحا للطائفية: تقييم الآخر والنظرة إليه بناء على خلفيته الطائفية، وليس بناء على أفعاله أو آرائه أو سلوكه. من هنا الطائفية تصبح شكلا من أشكال العنصرية. مثلا، كثيرا ما يكتب البعض عن أبناء طائفة ما بأنهم "قرود"، ويدعو لتنظيف العاصمة منهم، كما نقرأ بالمقابل من يربط تنظيما سياسيا إسلاميا لديه إيديولوجيا معينة بأغلبية إسلامية مجتمعية كبيرة. في الحالتين، هناك طائفية، وعنصرية.

رصدنا كيف أن عددا من الناس أصبحوا يدمنون يوميا على نشر آراء تعبر عن نظرتهم العنصرية الطائفية تجاه الآخر، فلا يكاد يمر يوم دون أن يمارسوا هذا العمل، وهو ما نراه تحولا نفسيا يعبّر عن مرض حقيقي مؤسف أصاب البعض في مجتمعنا السوري، يشبه مرض الإدمان على "شم المخدرات"، حيث لا يستطيع المدمن على "شم المخدرات" أن يبقى يوما واحدا دون أن "يشمّ"، وكذلك حال "المدمن" على الطائفية لا يمكن أن يمر يوم إلا ويفتح فيه الفيسبوك لـ"يشمّ" الطائفية في صفحة ما، أو لينشر "مخدراته الطائفية" بين الناس ويورّط البعض بشمّها.

حال هذا المدمن على شم الطائفية هي فعلا حالة مرضية إدمانية، حيث توقف عن رؤية كل الكون، والعالم، من حوله، إلا من خلال نظرته وتحليله الطائفي. تعالوا نقرأ تعريفا منشورا لحالة المدمن وستجدون التشابه بين الحالتين: هي الحالة التي تنتج عن تناول عقار وتسبب شعوراً بالارتياح، وتولد الدافع النفسي والرغبة الملحة لتكرار تعاطيه تجنباً للقلق والتوتر، وتحقيقاً للذة الزائفة.

كما يتم استخدام أحدث وسائل الاتصال والتواصل في العالم، التي أنتجتها عقول علمية مبدعة محشوّة بالعلم وليس بشئ آخر!، للتعبير عن أفكار متخلفة سوداوية مظلمة من قبل "مروّجي النوع الجديد من المخدرات الطائفية"!

القاتل قاتل، والمجرم مجرم، والجلاد جلاد، والإرهابي إرهابي. كل يعبر عن نفسه، أو عن المجموعة/الكتلة السياسية أو الإيديولوجية التي تسانده، ولا يعبر أي منهم عن المجتمع الذي جاء منه، لأنه لا يوجد مجتمع متجانس إلا في الذهنية العنصرية التي تنظر إلى الآخرين "المكروهين" بصفتهم "متجانسين". عندما يخرج مجتمع بأكمله ويعلن بشكل واضح وقوفه خلف المجرم والجلاد والقاتل أو الإرهابي يمكن عندئذ القول إن "هذا مجتمع يحرض على العنف والكراهية"، ووصفنا له في هذه الحالة لن يكون طائفيا.

باختصار: هذا المدمن الطائفي لم يعد يميّز بين الطبيب اليساري السجين عبد العزيز الخيّر أو أي فلاح فقير في قرية نائية في الريف، وبين شخص مسؤول له سجل حافل بانتهاكات حقوق الإنسان. هذا المدمن أيضا لم يعد يميز الشيخ عصام العطار وبين تنظيم تكفيري يريد تكفير ملايين السوريين!

ليست هناك تعليقات: