الحركة الفاشية كانت
تعرف صعودا قويا في جميع الأقطاب التي عرفت
انتفاضات شعبية أدت إلى سقوط ديكتاتوريات مستبدة عمرت لعقود من الزمن، مستفيدة من دعم
مراكز الإمبريالية لها، و للفاشية طرق سيطرتها
على أجهزة و دواليب الدولة، و الدعم التي ستلقاه أيضا من أقطاب الإمبريالية العالمية.
إلا أن سقوط المشروع الرجعي الصهيوني لتحويل مصر و سوريا إلى قاعدة للرجعية، من أجل كسر شوكة الممانعة،
من خلال التدخل في "الثورة السورية"
من طرف الولايات المتحدة بمساعد حلفائها بأوربا و إمارات و ممالك البترودولار في
قطر الممول الرئيسي للفاشية الدينية للاخوان ، هذه المراكز التي لعبت دورا أساسيا في
سرقة الثورة المصرية و القضاء عليها في أخونة و تسليح المعارضة السورية، و تسهيل دخول
العناصر الإرهابية إليها، هذا التدخل أعطى شرعية للنظام السوري للتدخل بشكل عنيف ضد
هذه القوى التي لم تستطع أن تطيح به نتيجة لدعم مجموعة من المراكز الدولية لهذا النظام،
لتجد القوى الديمقراطية نفسها بين اختيارين أحلاهما مر، إما دعم نظام ديكتاتوري مستبد
أو معارضة فاشية ستكون أكثر منه استبجاجا لتختار الاول مكرهة.
سقوط هذا المشروع و سقوط الإخوان المسلمين بمصر يجعلنا نطرح
أكثر من سؤال مستبشرين بسقوط سريع و مدوي لهذه الفاشية التي مارست كل أشكال الإقصاء
في حق قوى المعارضة و الاقليات، ناهجة سياسة تهدف إلى التحكم في دواليب السلطة و اخونتها
و أخونة المجتمع و نشر مشاعر الكره بين مختلف مكوناته، محاولة الإستعانة بشرعية صناديق
الإقتراع لتضفي شرعية الديمقراطية على قرارتاتها اللاديمقراطية، و نذكر من هذه القرارات
على سبيل التذكير لا الحصر:
1) الإعلا ن الدستوري
الذي حاول من خلاله محمد مرسي تمتيع نفسه بصلاحيات لا ديمقراطية، تجعل منه فرعون مصري
للقرن الواحد ة العشرين، و تخول له التحكم في الدولة و المجتمع، و تمكنه من إنجاز مشروع
الجماعة، التي لا تؤمن بمبدأ الوطنية لإرتباطها بمشروع يتجاوز الدولة الواحدة، إلى
باقي أقطار العالم التي تعرف إغلبية مسلمة
2) رهن إقتصاد الدولة
بقروض استرتجية تقوض أي إمكانية لتطور الدول التي عرفت صعود هذه القوى الفاشستية، و
التي يتماشى مشروعها مع المشروع الإمبريالي، و بالتالي تقويض أي محاولة لإستقلال اقتصاد
هذه الدول عن مراكز قرار الإمبريالية العالمية.
3) إعلان الجهاد في بلد
ذي أغلبية مسلمة، و تسهيل سفر قوى إرهابية إليه، للمشاركة في أعمال العنف و التقتيل
البشع ضد أبناء هذا البلد (سوريا)، ز بيع عرض النساء من خلال ما سمي بجهاد المناكحة
الذي دعى له مفتو البترودولار.
4) التطبيع المكشوف مع
الكيان الصهيوني، و الدي بدى جليا من خلال الرسالة التي بعث بها مرسي إلى شيمون بيريز
ووصفه بصديقه العزيز و الوفي.
5) فرض الحصار على الشعب
الفلسطيني، و أبناء غزة بشكل خاص
.......
و لكن هل يعني سقوط الإخوان المسلمين بمصر، يعني سقوط مشروع
الفاشية الدينية إلى الأبد؟؟
طبعا يجب أن نكون أكثر حذرا مما يمكن أن تلجأ إليه من و سائل
للدفاع عن ما تسميه بشرعية صناديق الإقتراع و التي أسقطتها شرعية الشارع المصري، لقد
بادرت الجماعة فعلا إلى تزوير الحقائق، معتبرة ان ما وقع هو انقلاب عسكري على السلطة.
في حين أن العسكر تدخل فقط ليضمن ما طالب به الشعب المصري سواء منذ خروجه للإطاحة بنطام
مبارك يوم 25 يناير 2011، و هو الخروج الذي تخلفت عنه الجماعة، بل أكثر من ذلك قامت
بمفاوضة عمر سليمان، إلا أنها حين تيقنت بسقوطه لا محالة، جعلها تلتحق بالطرف الفائز
و الشارع المصري في الأيام الأخيرة للإنتفاضة المصرية، كما قامت أيضا بالوقوف مع المجلس
العسكري في مواجهته للشباب الثائر، هذه المواجهة التي سقط على إثرها العديد من القتلى
و المعتقلين من الشباب، الذي ضحى بالغالي و النفيس لصون مطالبه العادلة و المشروعة.
لذلك فإن على هذا الشباب ان يكون واعيا بالممارسات البراغماتية لهذه الجماعة الشوفينية
و التي لا يهمها سوى الوصول إلى السلطة.و يمكن أن نسرد ما يمكن أن تقوم به في النقط
التالية:
1) تجييش مريديها للخروج
إلى الشارع، مستعملة في ذلك الخطاب الديني، مكفرة كل من قام بمعارضة مشروعها الشوفيني،
محاولة خلق الفوضى من خلال الإعتماد على العنف سواء ضد الجماهير التواقة للحرية او
ضد الجيش المصري.
2) الإعتماد على حلفائها
الرجعيين، سواء على المستوى الوطني متمثلين في السلفيين، أو على المستوى الإقليمي متمثلين
في متمثلين في إمارات و ممالك البترودولار، أو أبواق الإمبريالية الذين يعمدون إلى
إصدار فتاوى بالمجان و هذا ما قام به القرضاوي مؤخرى حين اعلن أن الخروج على مرسي هو
كفر، و أن على المصريين إعادته إلى السلطة، متناسيا انه ما لبث يحث على الجهاد في سوريا.
3) الإعتماد على الإمبريالية
العالمية التي لن تقف مكتوفة الأيدي و هي تفقد حليفا إستراتجيا بالمنطقة، و هو ما بدأنا
نلمسه جليا من تهديدات الولايات المتحدة بوقف المساعدات المقدمة لمصر إن لم يعد مرسي
إلى الحكم .
أما إذا فشلت كل محاولاتها للعودة للسلطة، فإنها ستعمد لا
محالة إلى العودة إلى العنف المنظم، ضد الشعب المصري و رموزه و مثقفيه، كما يمكنها
أن تلجأ إلى تشكيل مليشيات مسلحة على شاكلة طالبان، و هو ما يمكن أن نستنبطه من تصريح
احد قيادييها الذي قال: بأن العسكر يدفعنا إلى إعادة إنتاج أفغانستان جديدة.
واما كل هذه الاخطار التي يواجهها الشعب المصري، فيجب على
الشباب الثائر ان يكون على استعداد لمواجهة كل الاحتمالات، التي يمكن ان تلجأ لها الشوفينية
الدينية. و يجب ان يكون قادرا على الفعل الذي يجعل اعداء ثورتهم يتخبطون، من خلال بعث
أنوار المعرفة والصدق والحب والإبداع، من خلال نشر روح الوحدة التي توحد كل أبناء الشعب
المصري مهما اختلفوا دينيا او عرقيا، و تغليب مصلحة الفقراء و الكادحين الذين زادتهم
سنة من حكم الإخوان فقرا و كدحا، من خلال بعث الشعور بالأمان بغد أفضل لكل أبناء مصر.
و قبل ذلك من خلال حماية ثورتهم بخلق لجان شعبية قادرة على حماية المتظاهرين و مواجهة
المليشيات الفاشية المسلحة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق