السبت، 6 يوليو 2013

" أم الرشراش" .. أيلات ورقة مساومة مصرية مفقودة مع الامريكان و الصهاينة هشام بكر


بعد الموقف الاسرائيلي و الامريكي الداعم للارهاب في مصر و التدخل في الشأن المصري و لعبهم في الملف المائي لمصر في اثيوبيا ، و اعلان امريكا وقف المعونة عن مصر فمتى تصبح قضية أم الرشراش ورقة مساومة قوية ؟
عام 2006 الجامعة العربية تدعو مصر للجوء للقضاء الدولي لاستعادة "إيلات" من إسرائيل
أكد تقرير أعدته إدارة الشئون السياسية بالجامعة العربية أحقية مصر في استعادة منطقة "أم الرشراش"- المعروفة حاليًا بإيلات- من إسرائيل، استنادًا إلى مصادر تاريخية وجغرافية موجودة لدى الجامعة والمؤسسات الدولية.
ودعا معدو التقرير إلى ضرورة استئناف الجولات القضائية الدولية بين القاهرة وتل أبيب بغرض استعادة المنطقة التي تعد المنفذ الوحيد لإسرائيل على البحر الأحمر حاليًا، في ضوء ما تمتلكه من أدلة تؤكد على أحقيتها في امتلاك "أم الرشراش
ومن عدة اعوام نشرت الصحف الصهيونية نبأ يقول أن الكيان الصهيوني هدد مصر بإسقاط طائراتها المدنية في حال دخولها المجال الجوي لميناء "إيلات" ، وطلب من القاهرة منع طائراتها من التحليق فوق المنطقة التي اعتبرها محظورة ، وقالت مصادر صهيونية إن : "طائرات الركاب المصرية تستعمل مجال العقبة الجوي المحاذي لـ "إيلات" لدخول الأراضي الأردنية ، ولكنها أحياناً تدخل المجال الجوي "الإسرائيلي" خطأ ، وأن "إسرائيل" لن تتردد في إسقاط أي طائرة مصرية تدخل المجال الجوي المحظور !! .
ولأن خبراء السياسية والتاريخ يعلمون أن (إيلات) هذه هي في الأصل (قريـة أم الرشراش) المصرية التي احتلها الصهاينة يوم 10 مارس 1949 ، فقد أثار الخبر التساؤلات حول أسباب عدم تمسك مصر باستعادة ايلات حتى الان كما فعلت في طابا بالتحكيم ، وهل معني ذلك أن القاهرة تنازلت عن إيلات للصهاينة نهائيا ؟! .
واقع الحال يشير إلي أن مصر لم تطالب بإعادة إيلات لأسباب سياسية وتاريخية وجغرافية ، أبرزها أن قرارات مجلس الأمن التي طالبت بإعادة الأرض العربية المحتلة ، اهتمت كلها بالحديث عن إعادة الأرض المحتلة منذ 1967 ، وليس ما قبلها بعد نكبة 1948 ، كما أن واقع جديد طرأ هناك يصعب تغييره .
ولكن الوقائع تشير مع ذلك إلي أن القاهرة لا تزال تتطلع لاستعادة أم الرشراش باعتبارها أرضا مصرية ، ولا تعترف بأنها أرض إسرائيلية .. فقد نشرت مصادر صحفية مصرية عام 2000 إن وزارة الخارجية المصرية بعثت باحتجاج رسمي إلى وزارة الخارجية البريطانية على ما جاء في وثائق بريطانية قديمة أفرج عنها من مزاعم تشير إلى إن مصر قد تنازلت خلال حكم الرئيس الأسبق عبد الناصر عن منطقة أم الرشراش ( ميناء إيلات الان) .
وقالت مصر في ردها الرسمي أن ما ورد في أوراق حكومة هارولد ويلسن عن تنازل عبد الناصر عنها لـ"إسرائيل" حتى تحصل على منفذ بحري على خليج العقبة "محض افتراء وتشويه لسمعة الرئيس الراحل فضلا عن انه دعم واضح للجانب الاسرائيلى على حساب مصر" ، وأوردت رسالة الاحتجاج المصرية نصوص لتصريحات عبد الناصر التي أكد فيها احتلال "إسرائيل" لأم الرشراش ، إضافة لوثائق ومستندات قديمة تؤكد تبعيتها لمصر .
وكان الحديث عن ضرورة استعادة قرية أم الرشراش المصرية المعروفة الآن باسم "إيلات" التي لا تزال تحتلها "إسرائيل" منذ 56 عاماً، قد عاد بقوة عام 1999 ، ونقلت الصحف المصرية عن مصادر سياسية مصرية أن دراسات وافية قد أعدت بالفعل حول الوضع القانوني للمدينة تمهيداً لتصعيد الأمر بعدما تجاهل الصهاينة على مدار 17 عاماً طلباً مصرياً قيل أن الرئيس مبارك قدمه لـ"إسرائيل" عام 1982م لبحث مصير المدينة ، فيما قالت مصادر في الخارجية المصرية إن ملف الحدود مغلق تماماً.
وقد نشرت عدة صحف مصرية تقارير متعددة عن أم الرشراش في أوج النزاعات بين مصر وتل أبيب وتصاعد التوتر عقب استدعاء السفير المصري من هناك ، أشارت فيها إلى أن مصر تستعد للمطالبة بها ، ونشرت ذات الخبر صحيفة ( إجيبشن جازيت) المصرية الرسمية الناطقة باللغة الإنجليزية ما دعا الصحف "الإسرائيلية" حينئذ للتحرك ونشرت ما تعتزم مصر القيام به.
وقد كشفت إحدى هذه الصحف الصهيونية أن "إسرائيل" طالبت أمريكا بالتدخل ، وأن السفارة الأمريكية بالقاهرة قد أجرت اتصالات بالخارجية المصرية لاستجلاء الأمر فأبلغها مصدر رسمي أن الخارجية لا تقف وراء الموضوع وهو ما فسر بأن ملف الحدود بين مصر وفلسطين المحتلة مغلق ، ولكن زاد الأمر غموضا حول حقيقة مطالبة مصر بها او التخلي عنها أن مصر احتجت عام 2000 على الوثائق البريطانية القديمة التي تزعم تنازل عبد الناصر عن أم الرشراش لـ"إسرائيل" !
وقد لوحظ في أعقاب التقارير التي تحدثت عن تدخل أمريكي لمعرفة حقيقة إثارة مصر لهذه القضية ، أن مصر تراجعت عن مطالبة "إسرائيل" بإعادة قرية أم الرشراش المصرية التى يحتلها الصهاينة منذ 56 عاما (10 مارس 1949) ، حيث قالت مصادر مسئولة فى الخارجية المصرية في ذلك الوقت أن ما تردد عن قيام مصر بتشكيل لجنة خبراء ومجموعة تفاوض استعدادا للمطالبة بأم الرشراش ليس صحيحا وأن ملف الحدود بين مصر و"إسرائيل" مغلق تماما !
ويأتى هذا الموقف المصرى رغم تأكيد الرئيس مبارك قبل عامين أنه طالب "الإسرائيليين" عام 1985 بالتفاوض حول أم الرشراش وتأكيد الجامعة العربية أن أم الرشراش مصرية بالوثائق.
وقد نشر المؤرخ المصري عبد العظيم رمضان دراسة في صحيفة الوفد الليبرالية يوم 25 فبراير 2000 أكد فيها تكذيب الخارجية المصرية لما تردد حول اعتزام مصر المطالبة بأم الرشراش وزعم أن ما يتردد عن حقوق مصرية فى هذه القرية ليس له أساس تاريخى ، وأن الخارجية المصرية أحسنت صنعا بتكذيب المطالبة بها حتى لا ينشأ نزاع جديد لا مبرر له بين مصر و"إسرائيل" (!) واعتبر ذلك إفلات من فخ نصبته الصحافة "الإسرائيلية" لمصر !؟ .
وجاء رفض الرقابة علي المصنفات الفنية المصرية مشاهد خاصة بالحديث عن احتلال "إسرائيل" لمدينة أم الرشراش في سيناريو فيلم ( شباب علي الهواء) عام 2000 ليؤكد ضمنا الرغبة المصرية في عدم الحديث عن أي مناطق مصرية محتلة من جانب "إسرائيل" عقب توقيع اتفاقية السلام .
حيث تضمنت المشاهد المحذوفة من الفيلم مشاهد خاصة بأم الرشراش ، ويتهم "إسرائيل" بتهريب المخدرات لمصر واغتيال مصريين من خلال قصة ثلاثة أصدقاء شبان يشيدون محطة للبث التلفزيوني في منطقة المعادي جنوب القاهرة ، وتستهدف هذه المحطة التلفزيونية عرض أفلام تتناول المشاكل الاجتماعية المصرية ، الي أن يلتقط احد العاملين بالمحطة أثناء تصوير بعض المشاهد عملية اغتيال صحفي مصري معادي لـ"إسرائيل" ، ليتم الكشف عن دور للسفارة "الاسرائيلية" في التخطيط لمحاولة الاغتيال ، وتتعرض المحطة ضمن هذا السياق لدور "الاسرائيليين" في تهريب الممنوعات لمصر خصوصا المخدرات .
وتشير دراسات مصرية إلي أن قرية أم الرشراش كانت تدعى في الماضي (قرية الحجاج) حيث كان الحجاج المصريون المتجهون إلى الجزيرة العربية يستريحون فيها ، ولكن "إسرائيل" احتلتها منذ عام 1949 " ، وهي منطقة حدودية مع فلسطين، وكان يقيم بها حوالي 350 فردا من جنود وضباط الشرطة المصرية حتى يوم 10 مارس 1949 عندما هاجمتها احدى وحدات العصابات العسكرية الصهيونية وقتلت من فيها واحتلتها في عملية أطلق عليها عملية عوفدا" وقد حدثت تلك المذبحة بعد ساعات من توقيع اتفاقية الهدنة بين مصر و"إسرائيل" في 24 فبراير1949 .
وتعود تسمية المنطقة أم الرشراش الى احدى القبائل العربية التي كانت تقيم بها ، وهي منطقة استراتيجية تسيطر عليها وتحتلها "إسرائيل" وبدون مستندات تخص تلك المنطقة .
مؤتمرات للمطالبة باستعادة أم الرشراش
وقد سعت أطراف مصرية وجمعيات لعقد مؤتمرات للمطالبة باستعادة أم الرشراش وإثارة القضية للضغط علي الحكومة المصرية والصهاينة أيضا ، حيث عقد مؤتمر في 9/9/1999 بفندق شبرد وبحضور عدد من العسكريين وخبراء الاستراتيجيات وأعضاء في مجلسي الشعب والشورى وقيادات من الأحزاب والنقابات والطلبة تحت عنوان (خطورة احتلال أم الرشراش على الأمن القومي العربي والاسلامى) ، وسعت نفس الأطراف ومنها اللواء أركان حرب صلاح سليم – الخبير العسكري المصري - لإقامة المؤتمر الثاني لام الرشراش بيد أنه لا يعرف نتائج هذه المؤتمرات
كما ظهر في وسائل الإعلام ما يسمي (الجبهة الشعبية لاستعادة أم الرشراش المصرية المحتلة ) التي أصدرت بيانات في عام 2003 عقب تردد أنباء شق الصهاينة قناة تربط بين أم الرشراش المصرية ( البحر الأحمر ) بالبحر الميت والآخر خاص بخط السكة الحديد ، تؤكد فيها "حق مصر في استعادة التراب المصري السليب وحق الأجيال المبرأة من الآثام والفجور في أن تواصل نضالها المشروع لاستعاده أرضنا السليبة " .
وتحذر من مخاطر المشروع الصهيوني "علي مستقبل أرضنا السليبة بما يمكن الصهاينة من تكريس احتلالهم لأم الرشراش ( ايلات ) التي احتلتها "إسرائيل" عام 49 وقتلت ما يقرب من ثلاثمائة جندي وضابط مصري تم أسرهم وتعذيبهم وتقطيع أوصالهم إبان فترة الهدنة بعد حرب 48 .
وقالت الجبهة أن الدكتور الباز "ردا علينا أن مصر سوف تلجأ إلى ذات الأساليب التي استخدمت مع طابا لاستعادة أم الرشراش وهو ما لم يحدث " .
وكررت (الجبهة الشعبية لاستعادة أم الرشراش ) الأحزاب المصرية وطلائع الشعب المصري "الالتفاف حول الجبهة وتصعيد النضال في مواجهه الأصوات الخبيثة المسموح لها بالتواجد في الأجهزة الرسمية ووقف مهزلة التصريحات الإعلامية والتي كان أخرها في برنامج صباح الخير يا مصر يوم 28 / 1 / 2003 علي لسان رئيس هيئة قناة السويس .
وحذرت الجبهة الأنظمة العربية والإسلامية من خطورة احتلال أم الرشراش المحتلة علي الأمن القومي العربي والإسلامي في ضوء حصول الصهاينة علي غواصات ( دولفين ) التي تحمل رؤوسا نووية وغيرها حيث يرتعون في البحر الأحمر والخليج العربي مهددة الأمن القومي العربي والإسلامي في أمنه واستقلاله وثرواته وإحكام الحصار تحسبا للمعركة المقبلة .
ويبدو أن الظروف الدولية التي تزداد سواء عاما بعد عام بالنسبة للنظم العربية والإسلامية في ظل تصاعد جبروت التحالف الأمريكي الصهيوني سوف تدفع قضية أم الرشراش أكثر فأكثر إلي مؤخرة الأولويات المصرية في ظل تصاعد الضغوط ، ولكن القضية لن تموت أملا في التوقيت المناسب لإثارتها .

ولكن المشكلة أنه في الوقت الذي يزايد فيه الصهاينة بكل كبيرة وصغيرة علي مصر ، ويساومون حتى علي رفات جنود قتلوا في غارات صهيونية علي أرض مصر في الستينات والسبعينات ، لا تتبع معهم مصر ذات الأسلوب ولا تلوح بملف أم الرشراش ، وحتى قضية الأسري المصريين الذين قتلهم جنرالات وجنود الاحتلال في حروب 56 و67 وتظل إلى الآن معلقة ، ولا يجري تسخين ملفها بقوة من حين لآخر . 


ليست هناك تعليقات: