الأديب يوسف ناصر يعمل محاضرا للغة العربية في جامعة القدس بعد اربعة عقود في تدريس اللغة العربية في ثانوية ترشيحا، و"ورق ورحيق" أحدث اصداراته
من مقالة "أيها السّائرون في طريقكم إلى الغربة":
"إنّ أناسًا أحبّاء إلى قلبي حزموا حقائبهم وملأوا عِيابهم، وأوصدوا أبواب المنازل، ثم حنوا رؤوسهم على مصاريعها، أيديهم تحت جباههم، يبكون ويودّعون وقد همّوا بالرّحيل قائلين: هيّا بنا، ماذا عسى أن نفعل! لقد نبتْ بنا أوطاننا، وأزرت الأيام في كنفها بأحوالنا... وداعًا أيّتها الدّيار الحبيبة وداعًا لن نرى وجهك بعد... عزيز علينا أن نفارقك! سامحينا، واذكرينا، واعذرينا... ولا تنسي أن تسألي عنّا في غيابنا!
لماذا يا إخوتي؟ ولمَ هذا الجلاء الماحق؟ ولمن الدّيار تركتموها؟! إنّ ذرّة تراب واحدة من تراب الجليل الأشمّ، خيرٌ من بلاد ترتادونها في الغربة، جبالها ذهبٌ، وهضابها ماس، وبحارها رحيق، أزمعتم أن تيمِّموا شطرها، بعيدين عن قبور الآباء والأجداد. وإنّ قطرة ماء قَراح يتجرّعها واحدكم بكفّه على عين من عيون بلادكم لأعذبُ هي من بحر تشربونه هنالك، ولو أنه زخر بأمواج الشّهد، وغسّل بالعسل ألسنة السواقي التي سعتْ إليه سيّالة من السّهول الفسيحة والسّهوب السّحيقة!"
كتاب "ورق ورحيق" - يوسف ناصر
"إنّ أناسًا أحبّاء إلى قلبي حزموا حقائبهم وملأوا عِيابهم، وأوصدوا أبواب المنازل، ثم حنوا رؤوسهم على مصاريعها، أيديهم تحت جباههم، يبكون ويودّعون وقد همّوا بالرّحيل قائلين: هيّا بنا، ماذا عسى أن نفعل! لقد نبتْ بنا أوطاننا، وأزرت الأيام في كنفها بأحوالنا... وداعًا أيّتها الدّيار الحبيبة وداعًا لن نرى وجهك بعد... عزيز علينا أن نفارقك! سامحينا، واذكرينا، واعذرينا... ولا تنسي أن تسألي عنّا في غيابنا!
لماذا يا إخوتي؟ ولمَ هذا الجلاء الماحق؟ ولمن الدّيار تركتموها؟! إنّ ذرّة تراب واحدة من تراب الجليل الأشمّ، خيرٌ من بلاد ترتادونها في الغربة، جبالها ذهبٌ، وهضابها ماس، وبحارها رحيق، أزمعتم أن تيمِّموا شطرها، بعيدين عن قبور الآباء والأجداد. وإنّ قطرة ماء قَراح يتجرّعها واحدكم بكفّه على عين من عيون بلادكم لأعذبُ هي من بحر تشربونه هنالك، ولو أنه زخر بأمواج الشّهد، وغسّل بالعسل ألسنة السواقي التي سعتْ إليه سيّالة من السّهول الفسيحة والسّهوب السّحيقة!"
كتاب "ورق ورحيق" - يوسف ناصر
رؤية و متابعة أميرة رحال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق