الثلاثاء، 21 مايو 2013

دور حماس و حزب الله في الهجوم علي السجون المصرية فى الثورة المصرية



وفد حماس أثناء زيارته لمكتب الارشاد بالقاهرة

ظهرت دلائل جديدة لتلقى ضوءًا كاشفًا على كيفية عمل جماعة الإخوان بمقتضى اتفاق مبرم بينهم وبين حماس خلال التظاهرات الحاشدة التى أدت إلى سقوط نظام مبارك؛ إذ نشرت صحيفة "المصرى اليوم" – من مصدر رفيع المستوى فى الأمن الوطنى- أن "خالد ثروت" رئيس جهاز الأمن الوطنى قد سلم "خيرت الشاطر" الرجل الثانى فى الإخوان المسلمين تسجيلات خمس مكالمات هاتفية جرت بين الإخوان وقادة حماس خلال تلك الفترة الحرجة.

وكان الهدف المهم من هذه المكالمات تحرير النشطاء الذين كانوا معتقلين داخل سجن وادى النطرون، من ضمنهم "محمد مرسى" الذى صار رئيسًا للبلاد بعد عام واحد.
وبناءً على التسجيلات، بدا واضحًا أن الإخوان كانوا على علم مسبق بالتظاهرات الاحتجاجية التى نشبت فى الخامس والعشرين من يناير وربما قد خططوا لها.
ولقد حدثت أول مكالمتين هاتفيتين بين قادة الإخوان قبل بدئهم للمظاهرات فى الخامس والعشرين من يناير؛ ففى الحادى والعشرين، قال أحد قادة الإخوان- مشيرًا إلى تنظيم الاحتجاجات. "لا تقلقوا، جيراننا سيساعدوننا"، وفى اليوم التالى قال:"إن الأمور تسير على ما يرام، وجيراننا على أهبة الاستعداد".. وفى الحالتين كلمة "جيراننا" تعنى حماس.
وفى الرابع والعشرين قبل يوم من اندلاع التظاهرات الكبرى، سأل أحد قادة الإخوان زعيم حماس إن كانوا على دراية جيدة بكيفية التحرك، فأجاب قائلاً:"بالتاكيد".

وفى الثانى من فبراير، تم رصد مكالمة أخرى فى حين وصول الاحتجاجات إلى أشدها؛ إذ سأل أحد الإخوان الذى كان يتملكه قلق شديد:"أين أنتم، فأنا لا أرى أيًا منكم"، ورد رجل حماس قائلاً:"ما من مشكلة، نحن خلف المتحف المصرى ومستعدون بـ مقاليعنا".

وكانت آخر محادثة فى الحادى عشر من فبراير عقب تنحى مبارك؛ إذ هنأ زعيم حماس محاوره من الإخوان، وأضاف قائلاً:"إنه نصرنا نحن أيضًا" وأجاب:"لقد عاونتموننا: نحن ممتنون لكم وسنتقابل فى أقرب وقت ممكن".

إن العلاقات التى تربط بين حماس- احد أفرع الإخوان المسلمين التى نشأت فى غزة عام 1987- وبين جماعة الإخوان المصرية التى ظلت لسنوات طوال فى مرمى قمع مبارك- ليست بجديدة. ولكن هذه المكالمات الهاتفية تضفى مفهومًا جديدًا للثورة بعيدًا كل البعد عن انتظار الإخوان أيامًا قبل الانضمام للثورة كما كان يعتقد إلى يومنا هذا؛ إذ إن الإخوان بذلك كانوا جزءًا منها منذ البداية.

وكان أعضاء حركة حماس يتحركون فى ميدان التحرير، وكانوا يشاركون فى الهجوم على المؤسسات، بالرغم من أن دورهم المكلفين بأدائه لم يتم تحديده فى هذه المكالمات.
وفى هذا السياق، من المهم ملاحظة كما أكد اللواء "منصور العيسوى" وزير الداخلية السابق منذ بضعة أيام أن أعضاء حماس كانوا متواجدين فى ميدان التحرير، وتم قتل بعضهم، وأضاف أن رجال حماس وحزب الله اشتركوا فى مهاجمة العديد من السجون لتحرير السجناء السياسيين.

يؤخذ فى الاعتبار أن "حبيب العادلى" وزير الداخلية الأسبق- الخاضع الآن للمحاكمة لدوره فى ممارسة القهر والقمع- تم اتهامه بسماحه فيما سبق بتهريب سجناء لترويع المواطنين وهو أمر لابد من إثباته.

ومن جانبه، صرح "العادلى" فى المحكمة منذ أيام قليلة أن رجال حماس وحزب الله هم من اقتحموا السجون، وهو ما أثبته كثيرون. وفى هذا الإطار، أكد احد صحفيى "المصرى اليوم" أنه كان موجودًا فى الرابع من فبراير حينما تم إلقاء القبض على أعضاء من التنظيمين بالقرب من ميدان التحرير.

جدير بالذكر أن نفس الصحيفة نشرت منذ عامين نتائج أحد التحقيقات الذى استغرق ستة أسابيع- مارس وأبريل عام 2011- والذى تضمن تعرض صحفيين جريئين لمخاطر شخصية جسيمة. هذا إلى جانب شهود عيان آخرين تم إجراء حوار معهم وذكروا أنه تم تحرير بدو سيناء من ضمن السجناء.

أما فيما يخص ما حدث فى سجن "المرج"، فمازال الملف مفتوحًا حيث كان "ايمن نوفل" القيادى البارز فى حماس مسجونًا به هو و"محمد يوسف منصور" (اسمه الحركى سامى شهاب) رئيس خلية حزب الله الإرهابية فى مصر، إذ تمت محاصرة السجن فى الثلاثين من يناير 2011 من قبل عناصر مدججة بالسلاح وصلت على متن عربات ودراجات نارية حديثة، ثم أطلقت الرصاص على حرس السجن حديثى التعيين، أو بمعنى اخر عديمى الخبرة، واقتحمت هذه العناصر السجون مرة واحدة، حيث تم تحرير كافة السجناء.

ومن جانبهم، أكد شهود عيان أن المعتدين كانوا من بدو سيناء الذين تشبه لهجتهم تلك الخاصة بالمقاتلين القادمين من قطاع غزة، وطبقًا لشهادة الشهود، فقد كان "نوفل" و"منصور" على اتصال بالعناصر الهجومية عن طريق الهواتف الخلوية، لذا استعدا مع غيرهما من السجناء لمغادرة السجن، ورحل "نوفل" إلى غزة، بينما ظهر "سامى شهاب" فى قناة تليفزيونية لبنانية فى بيروت بعد هذه الواقعة بأربعة أيام، علمًا بأن مصر لم تتقدم بطلب حتى الآن بتسليمهما.

وهكذا، ألمحت صحيفة "المصرى اليوم" إلى أنه لم يكن ينبغى على "ثروت" إرسال تسجيلات سرية إلى "خيرت الشاطر الذى يمثل مجرد الرجل الثانى فى قيادة الإخوان وهى جماعة غير شرعية رسميًا.

وبهذا، ترى الصحيفة أن هذا هو الدليل القاطع على الاتفاق المبرم بين الإخوان وقيادات أمنية عليا، لذلك تطالب الصحيفة النائب العام بالتحقيق فى علاقة الإخوان بالأمن الوطنى.
ومن جهته، أكد المتحدث باسم الصحيفة أن التسجيلات بكافة تفاصيلها تم إعطاؤها "للمصرى اليوم" من مصدر موثوق فيه تمامًا فى الأمن الوطنى. وفى طلبها المقدم للنيابة العامة، أبرزت الصحيفة أن أسماء الإخوان المسلمين وقادة حماس المسجلة فى المكالمات الخمس معروفة، بالرغم من ذكر حروف أسمائهم الأولى.

وبناءً على ذلك، طالب بعض الصحفيين بمحاكمة الإخوان بتهمة الخيانة لاستخدامهم عناصر أجنبية متمثلة فى حماس ولعملهم بشكل تحريضى على أرض مصرية.وهناك صحفيون آخرون ثائرون مما اعتبروه اختراقًا للأمن الوطنى من جانب الإخوان، معتقدين أن ذلك يعد بمثابة عملية اغتيال للدولة وأمنها.

وعلى صعيد آخر، تعد الانتقادات الموجهة لـ"خيرت الشاطر" و"عصام العريان"- العضو البارز فى الإخوان- كثيرة، لأنه عندما يشاركان فى زيارات رسمية، يتمتعان بامتيازات وزير الداخلية.
والشىء بالشىء يذكر أنه تم القبض على الحارس الشخصى لـ"خيرت الشاطر" لارتكابة "أفعالاً مخالفة للقانون" فى مراكز الاقتراع أثناء الانتخابات البرلمانية منذ ما يزيد عن عام، حيث كان يحوز سلاحًا دون ترخيص.وأثناء محاكمته، وردت معلومات تفيد بذهابه مرات ومرات إلى غزة عبر الأنفاق وصلته الوثيقة بقادة حماس، وقد تمت إدانته بالسجن لمدة عام، ولكن لم يتم معرفة أى شىء عن هذه الصلة.

ومنذ بضعة أيام، وردت أنباء عن انتقاله إلى سجن معروف عنه بقلة الصرامة. وعلى صعيد آخر، أنكر زعيم حماس القادم المحتمل "موسى أبو مرزوق" إبرام أية اتفايات فى تلك الفترة بين حركته والإخوان، كما كذب عدد من المتحدثين باسم الإخوان خبر تسليم تسجيلات من أى نوع إلى "خيرت الشاطر". وما هى إلا محاولات لإفقاد الثقة فى الجماعة.وبناءً على ذلك، أصدر وزير الداخلية بيانًا تحاشى فيه الموضوع، ولكنه هدد بملاحقة من تسول له نفسه المساس بعمله قضائيًا.

أما الرئاسة، فلم يصدر عنها أى تعقيب فى هذا الصدد، وبالطبع يسهل توقع السبب؛ ففى الأسبع الماضى، أدلى مدير سجن وادى النطرون بشهادته فى المحكمة فى قضية الهجوم على السجن، أكد فيها أنه- من ضمن كل السجناء السياسيين المنتمين للإخوان والحركات الجهادية المحتجزين فى سجن وادى النطرون- كان هناك اضطرابات كثيرة فيما بينهم، وكان الجميع يصيحون أنه سرعان ما سيتم تحريرهم. وبالفعل فى الثلاثين من يناير، قامت مجموعة مكونة من ثمانين رجلاً مسلحًا بمهاجمة السجن بأسلحة آلية، وحرروا المحتجزين بمن فهيم "محمد مرسى"، علمًا بأن بعض أولئك الذين تم القبض عليهم بعد ذلك ثانية"، والآن هم فى انتظار الحكم عليهم- طالبوا "محمد مرسى" بالإدلاء بشهادته برفقة مسئولى أجهزة الأمن. وهو طلب من الصعب أن يلقى ترحيبًا من أى أحد.

ولكن لما كان "مرسى" مسجونًا؟ يرى الإخوان أن الحكومة كانت تعتبره "خطيرًا"، بالرغم من معرفة الجميع أنه لم يكن سياسيًا من الدرجة الأولى ولا مناضلاً.وعلى صعيد آخر، يؤكد البعض أنه تم القبض عليه بتهمة التجسس لمصلحة أحد قادة حماس كما كشفت ذلك مكالمة هاتفية قامت بتسجيلها قوات الأمن؛ ففيها ناقش "مرسى" دور حماس فى مصر أثناء الثورة، ولكن إذا كانت حماس تنتظر نظام الحكم الجديد حتى ترى الحدود بين مصر وغزة مفتوحة على مصراعيها ويتم تمرير الأفراد والممتلكات من كلا الجانبين- بما فيها السلاح- فإنها واهمة؛ فالحدود مازالت مغلقة، ومصر تتحكم بصرامة فيمن يدخل ويخرج حيث إن الجيش المصرى يقوم بتدمير الأنفاق واحدًا تلو الآخر.

وبالرغم من الاعتقاد السائد، فإن مصر تأخذ بمحمل الجد تهديد أمنها القومى من جانب جارتها الصغرى؛ ففى الشهور الماضية، أصبح دور حماس موضوعًا ساخنًا؛إذ تم اتهامها بأنها وراء الهجوم الذى تسبب فى مقتل ستة عشر جنديًا مصريًا فى أغسطس الماضى، كما وجه البعض اتهامًا مباشرًا لـ"أيمن نوفل" بالتواطؤ فى هذه العملية، فضلاً عن اتهام حماس بالسماح للعناصر الجهادية بالدخول إلى سيناء، حيث تم خطف ثلاثة ضباط العام الماضى ويرجح اقتيادهم إلى غزة عبر الأنفاق.

وفى هذا الشأن، ترى شائعة تقول إن حماس على وشك بناء موقع استيطانى فى سيناء- بتمويل قطرى- لاستضافة الفلسطينيين القادمين من غزة. وعن هذه الإشاعات لم ينبس الإخوان ببنت شفة، بالرغم من كثرة تكذيبهم لما ينشر. جدير بالذكر أن هناك مصريين كثر معارضين لعلاقة الإخوان بحماس، وهاهى الدلائل الأخيرة جاءت لتسكب البنزين على النار، مما يعمق الأزمة وانعدام الثقة القائمة بين الشعب والجماعة الحاكمة للبلاد.
من موقع "إنفورماتزيونى كوريتا" الإيطالى 3/5/2013
بقلم: زيفى مادزيل

ليست هناك تعليقات: