الأربعاء، 1 أكتوبر 2014

بشر الفصول الأربعة في الجنة هشام بكر




سامي و نبيلة تزوجا من فترة قصيرة و عاشا في شقة صغيرة بسيطة الأثاث في منطقة نائية ، كعادتهما خرجا في فجر اليوم للعمل .

احتضنت سلوي ذراع زوجها في حنان و هما يسيريان سريعا في الطريق و هو بنظر لها في سعادة و مودة ، ابتسامة الرضي تعلو شفتيهما رغم برودة الجو القارصة و الحفر و برك المياه التي تعترض طريقهما ، وصلا الي محطة الحافلة العامة واستقلاها و عند تحرك الحافلة اكتظت بالركاب ، و مد سامي يده ليناول متسول بعض القطع الصغيرة من النقود ، و مدت نبيلة يدها لتتناول طفل رضيع من امه الواقفة بجوار الكرسي الذي تجلس عليه و زوجها ، أجلسته علي حجرها و ضمته الي صدرها في حنان وداعب نبيل شعر الطفل في مودة و أخذ يلاعبه . وصلا الي مقر عملهما باكرا و مارسا العمل في جد و هما يتبادلان مع الزملاء التحية و المداعبات ، و احتفظا بابتسامة الرضا رغم الجو الخانق و الرطوبة في وقت قبل الظهيرة ، و عندما توسطت الشمس السماء و أخذ قيظها يطارد الجميع و يلفح جلودهم بالنار ، تباطأ بعض العاملين وفروا الي أماكن مظللة أمام نظر الزوجان ، و عند اختفاء العمال صدرت التعليمات من الرؤساء بزيادة تكليفات العمل لهما ، زادا الزوجان من سرعة أداء العمل لينجزا المهام و ابتسامة الرضا عندهما تبث في الجميع طراوة تظللهم بالمودة ، و في عصر اليوم ضربت رياح ترابية مكان العمل و خنقته بالاتربته ، و تأفف العمال و دخل البعض منهم في نوبات سعال حادة ، و اضطرب العمل ، سارع الزوجان الي الحمام و غسلا عيونهما و وجهيما و بللا منديلين و وضعها علي انوفهما و عادا ليمارسا العمل لانجاز المطلوب ، و رغم أن المنديل حمي صاحبه من التراب الا انه اخفي ابتسامة الرضا التي ما زالت تتلألأ علي شفتيه ، دق بوق انذار انتهاء وقت العمل في المكان عند غروب الشمس  ، و لم يبقي في المكان غير الزوجان ينهيان العمال فقد انصرف باقي العمال سريعا للتحضير للانصراف . انصرفالزوجان بعد انهاؤهما العمل و صار علي الطريق الي محطة الحافلة وسامي يضع   يده في رحمه علي كتف نبيلة التي تلف يدها علي وسطه في حنان ، و ازدادت ابتسامة الرضا علي وجهيهما مع النسمات الربيعية الجميلة التي تداعبهما في رفق علي الطريق نظرت نبيلة الي سامي نظرة  هيام ، و قالت : -  بابا أتعرف ما أجمل الموجودات في الحياة ؟    - رد سامي و هو يغمز لها انت طبعا يا توائم الروح الجميل . ضحكت نبيلة في خجل و قالت : - لا ايها المحتال ، أن ما يمر بنا في اليوم من اجواء الأربع فصول  السنة جعلنا لا نحتاج الا   ثوب واحد فيها رغم تغير الفصول الأربعة .

ليست هناك تعليقات: