بشر الفصول الأربعة في الجنة هشام بكر
سامي و نبيلة تزوجا
من فترة قصيرة و عاشا في شقة صغيرة بسيطة الأثاث في منطقة نائية ، كعادتهما خرجا
في فجر اليوم للعمل .
احتضنت سلوي ذراع
زوجها في حنان و هما يسيريان سريعا في الطريق و هو بنظر لها في سعادة و مودة ،
ابتسامة الرضي تعلو شفتيهما رغم برودة الجو القارصة و الحفر و برك المياه التي
تعترض طريقهما ، وصلا الي محطة الحافلة العامة واستقلاها و عند تحرك الحافلة اكتظت
بالركاب ، و مد سامي يده ليناول متسول بعض القطع الصغيرة من النقود ، و مدت نبيلة
يدها لتتناول طفل رضيع من امه الواقفة بجوار الكرسي الذي تجلس عليه و زوجها ،
أجلسته علي حجرها و ضمته الي صدرها في حنان وداعب نبيل شعر الطفل في مودة و أخذ
يلاعبه . وصلا الي مقر عملهما باكرا و مارسا العمل في جد و هما يتبادلان مع
الزملاء التحية و المداعبات ، و احتفظا بابتسامة الرضا رغم الجو الخانق و الرطوبة
في وقت قبل الظهيرة ، و عندما توسطت الشمس السماء و أخذ قيظها يطارد الجميع و يلفح
جلودهم بالنار ، تباطأ بعض العاملين وفروا الي أماكن مظللة أمام نظر الزوجان ، و
عند اختفاء العمال صدرت التعليمات من الرؤساء بزيادة تكليفات العمل لهما ، زادا
الزوجان من سرعة أداء العمل لينجزا المهام و ابتسامة الرضا عندهما تبث في الجميع
طراوة تظللهم بالمودة ، و في عصر اليوم ضربت رياح ترابية مكان العمل و خنقته
بالاتربته ، و تأفف العمال و دخل البعض منهم في نوبات سعال حادة ، و اضطرب العمل ،
سارع الزوجان الي الحمام و غسلا عيونهما و وجهيما و بللا منديلين و وضعها علي
انوفهما و عادا ليمارسا العمل لانجاز المطلوب ، و رغم أن المنديل حمي صاحبه من
التراب الا انه اخفي ابتسامة الرضا التي ما زالت تتلألأ علي شفتيه ، دق بوق انذار
انتهاء وقت العمل في المكان عند غروب الشمس
، و لم يبقي في المكان غير الزوجان ينهيان العمال فقد انصرف باقي العمال
سريعا للتحضير للانصراف . انصرفالزوجان بعد انهاؤهما العمل و صار علي الطريق الي
محطة الحافلة وسامي يضع يده في رحمه علي
كتف نبيلة التي تلف يدها علي وسطه في حنان ، و ازدادت ابتسامة الرضا علي وجهيهما
مع النسمات الربيعية الجميلة التي تداعبهما في رفق علي الطريق نظرت نبيلة الي سامي
نظرة هيام ، و قالت : - بابا أتعرف ما أجمل الموجودات في الحياة ؟ - رد سامي و هو يغمز لها انت طبعا يا توائم
الروح الجميل . ضحكت نبيلة في خجل و قالت : - لا ايها المحتال ، أن ما يمر بنا في
اليوم من اجواء الأربع فصول السنة جعلنا
لا نحتاج الا ثوب واحد فيها رغم تغير الفصول الأربعة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق