الخميس، 9 مايو 2013

قصة قصيرة : -"أيها الليل ... سبقك الغزاة إلى هنا"



ارتبك الليل على مشارف المدينة .. سبقه إليها جيش من الأفكار الغريبة الغامضة ..الباردة ..
لم يجد على أبوابها المجعدة ما يكتسحه من شعاعات لشمس يفترض أنها كانت هنا لذلك قرفص حائرا ينقل بصره بين قرص الشمس الذي كان معلقا يحتضر هناك في مغربه مرة أخرى ..و بين أزقة المدينة التي يبدو أنها تلفعت بالعتمة حتى بدونه .
ما هذه الورطة ؟...
تلعثمت خطواته و هو يرتل أزقة المدينة خاطرة خاطرة ..هنا و هناك يبحث عن بقايا الشمس أو أي اثر للنور ليغتاله،لا اثر ولو حتى لشعاع واحد
جيش الظلام الذي كان يسير في إثره لم يحس بأثر يذكر لظلاله التي كان يلقيها هنا و هنالك أيضا لذلك صمت و نكس أعلامه ووجم يرنو إلى القائد
ما هذه الورطة ؟...
"انأ الليل.. "هتف في إصرار لأسوار المدينة الواعية تماما بما تكيمه احجارها لكنها لم ترتعد كما اعتادت أبوابها من قبل .. أمعن النظر قليلا في رجع صدى صرخته كانت الابواب مبعثرة في معانيها الخشبية كخربشات على بياض وريقة طفل يعبث باللغة .هتف في شرق المدينة و في غربها في مقاهيها في اوجاعها .. في مفاهيمها وفي بالوعاتها التي لا تشبع من الحبر أبدا "أنا الليل .. أنا الليل .. و هذا المساء لي.."جاءه رجع صوته "لي .. لي...لي..".
جن جنون الليل وبدا يوزع أوامره للجيوش المعتمة المضطربة فعم الهرج و اختلط الآمر عليها و لم تعد تميز كما كانت بين الظلام ...والظلام .."أنا الليل ... أنا الليل "ظل يصرخ بلاوعي .
طفل صغير كان يقرفص قرب أنقاض حلم ورثه بحكم الانتماء لتاريخ ما رفع عينيه الصغيرتين وهمس في ما يشبه الصوت

-"أيها الليل ... سبقك الغزاة إلى هنا"

هشام بكر

ليست هناك تعليقات: