اعتادت
دولة إسرائيل على قهر الآخرين حتى أصبح قهر الآخرين سياسة رسمية إسرائيلية مشهورة عالمياً
، إسرائيل احتلت أراضي الفلسطينيين بالقوة وشردتهم في كل بلاد العالم وأجبرتهم على
العيش في مخيمات ضيقة مظلمة لا يدخلها الهواء ولا ضوء الشمس ولا تتمتع بأي بنية تحتية
بينما سمحت لليهود المنتمين لمختلف دول العالم بالقدوم إلى الأراضي المحتلة والتمتع
بالعيش الرغد في مستوطنات فسيحة جيدة التهوية والانارة مزودة بكافة الخدمات بما في
ذلك خدمات السباحة والسياحة! إسرائيل تطالب العالم ليل نهار بالاعتراف بيهودية دولة
إسرائيل بينما تصرخ وتطالب العالم بمحاصرة قطاع غزة ، إسرائيل اعتادت على قهر الأمم
المتحدة نفسها فهي تنفذ القرارات الدولية التي أصدرتها منظمة الأمم المتحدة لصالحها
كقرار الاعتراف بدولة إسرائيل وترفض تنفيذ القرارات الدولية التي أصدرتها الأمم المتحدة
لصالح الفلسطينيين كقرار حق العودة والانسحاب من جميع الاراضي العربية المحتلة منذ
عام 1967 بما فيها القدس الشريف مستقوية على العالم كله بالفيتو الأمريكي الذي يساندها
بغير حساب! قامت إسرائيل باطلاق سراح عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين مقابل الافراج
عن الجندي المدلل شاليط بموجب صفقة تم إبرامها عبر وساطة دولية لكنها أعادت اعتقال
معظم الأسرى الذين أفرجت عنهم مرة أخرى بموجب قرارات عسكرية إسرائيلية قهرية وقررت
إجبارهم على تمضية بقية محكومياتهم الجائرة رغم أنف الوساطة الدولية!
لكن
رجلاً واحداً فقط ، هو سامر العيساوي الذي اعتقلته إسرائيل في عام 2003، أضرب عن الطعام
بشكل متواصل لأكثر من 270 يوماً ، وانتصر في معركة الأمعاء الخاوية على دولة إسرائيل
القوية المدججة بالسلاح الأمريكي وأجبرها ، تحت ضغط الخوف من فضيحة إعلامية دولية ،
على توقيع صفقة تقضي باطلاق سراحه بعد ثمانية أشهر والسماح له بالعودة إلى موطنه في
قرية العيسوية الواقعة شمال شرق القدس المحتلة مقابل توقفه عن مواصلة أطول إضراب عن
الطعام في التاريخ البشري ، ولم يقبل العيساوي بتلك الصفقة إلا بعد توقيعها من قبل
القضاء العسكري الاسرائيلي والنيابة العامة الاسرائيلية محطماً بارادته المنفردة القرار
الاداري العسكري الاسرائيلي الجائر الذي ينص على إجباره على قضاء بقية محكوميته الجائرة
البالغة 20 عاماً في السجون الاسرائيلية وإبعاده قسرياً من موطنه الصغير، ولعل هذا
النصر العيساوي الشخصي يفتح الباب أمام كافة الأسرى الفلسطينيين الذين أعادت إسرائيل
اعتقالهم ظلماً وطغياناً بعد أن أفرجت عنهم بموجب تلك الصفقة الشاليطية ويمهد لاطلاق
سراحهم جميعاً بشروط مماثلة بقوة الدفع الشخصي العيساوي!
من
المؤكد أن الرسالة الشخصية التي أوصلها سامر العيساوي لدولة إسرائيل ولجميع الدول التي
تنتهك حقوق الانسان هي أن سلاح الايمان القوي لدى إنسان واحد أعزل ، جائع ، ضعيف وأسير
قد يكون أقوى بكثير من جبروت أي دولة مهما بلغ حجم قوتها العسكرية وعنادها السياسي ، وأن سلاح الاعلام
المعاصر ، المتمرد على كافة القيود القهرية الرسمية ، قادر بكبسة زر واحدة على تسليط
الضوء الباهر على قضية الانسان الوحيد المستضعف ونقلها إلى كل الدنيا في ثانية واحدة
وإكسابه تعاطف العالم بأسره ، لقد صدق الشاعر حين خاطب الانسان الوحيد المستضعف بقوله:
أتحسب أنك جرمٌ صغيرٌ وفيك انطوى العالمُ الأكبر؟!
حقاً أن قوة الايمان الفردى أقوى من كل جيوش العالم لأنها مسنودة بقوة الايمان الديني
المستمد من قوة الله الواحد الأحد التي يخضع لها الجميع طوعاً أو كرهاً في كل الأحوال.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق