في الـ 23 من
شهر يناير من هذا العام أعلن أرغون، أكبر المختبرات في منطقة الوسط الغربي بالولايات
المتحدة وأقدمها، تعيين الأميركية من أصل مغربي كوثر حفيظي مديرة لقسم الفيزياء، لتكون
بذلك أول عربية تتبوأ منصبا مماثلا.
بقدر ما أسعدها
هذا التعيين، تتذكر حفيظي (44 سنة)، في مقابلة مع "موقع الحرة"، كيف بدأت
مشوارها عندما هاجرت من المغرب إلى فرنسا بعدما باعت عمتها مجوهراتها لتأمين سفر ابنة
أخيها ومصاريف دراستها. فعقب حصول السيدة حفيظي على شهادة الباكالوريوس من جامعة محمد
الخامس سنة 1995، لم تجد حينها بدا من الهجرة للتعمق في دراسة الفيزياء رغم الصعوبات
المادية التي واجهتها، حسب ما تروي لموقعنا: "استحال استكمالي رسالتي العلمية
في المغرب بسبب إغلاق الجامعة لمسالك الدكتوراه، فقررت شد الرحال إلى فرنسا رغم أنني
أتحدر من أسرة متواضعة ماديا".
التحصيل العلمي
نالت حفيظي شهادة الماجستير بامتياز من جامعة باريس، ما أهلها للحصول على منحة الحكومة الفرنسية الخاصة بطلبة الدكتوراه، وقررت إكمال دراستها في أميركا، "كنت متميزة طيلة السنوات التي أمضيتها هناك ولقيت كل الدعم. لم أجد أي مشكل في اختيار إجراء أبحاث رسالتي العلمية في أميركا".
لم تتردد حفيظي في الالتحاق بعد ذلك بمختبر جيفرسون بولاية فرجينيا، لتمضي فيه فيه تسعة أشهر. لم تجد حفيظي صعوبة في التأقلم مع مجتمع جديد، "أثناء إقامتي هنا في الولايات المتحدة شعرت أنني أنتمي إلى هذا البلد. واجهتني بعض الصعوبات في البداية كاللغة مثلا، إلا أنني تغلبت عليها في وقت وجيز".
الحلم الأميركي
بعد عودتها إلى فرنسا وحصولها على الدكتوراه في شعبة الفيزياء النووية، أقنعت هذه الباحثة زوجها التونسي الذي يشتغل في مجال الفيزياء أيضا، بشد الرحال معها إلى الولايات المتحدة ا للتعمق في دراسة الفيزياء.
تعيد كوثر شريط نهاية التسعينيات قائلة: "أعتقد أنني ما كنت لأبلغ ما أنا عليه اليوم لو بقيت في المغرب، بلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط، تجعل منك شخصا أحادي الجانب. في مناخ يغيب فيه الانفتاح لن يتحقق الإبداع".
تؤكد هذه الباحثة أنها وجدت في أميركا مجتمعا منفتحا ومتقبلا للآخر، وتضيف "هنا أيضا ثمة أصوات محافظة تعارض وصول النساء إلى المراكز الريادية، ولكن بالإصرار والعزيمة تتحقق الأحلام".
وتُرجع مديرة قسم الفيزياء في مختبر أرغون نجاحها إلى قوة شخصيتها، وإلى قدرتها على الإنصات إلى زملائها.
كوثر حفيظي تقود حياليا فريقا علميا يضم 120 باحثا.
وتتركز أبحاث حفيظي على دراسة الذرة وتفاعلاتها. وتعمل رفقة فريقها العلمي على تطوير الفيزياء النووية، فضلا عن أبحاثها في في مجال السرطان، وتطمح إلى تطوير قسم الفيزياء لإطلاق أبحاث تهم المستقبل.
هذه رسالتي
"علينا أن نتجه صوب المستقبل وأن نمكن الطاقات الشابة في البلدان العربية من كل الأدوات لتحقيق أحلامها"، توضح حفيظي، التي تتمنى أن تحقق كل نساء المنطقة العربية النجاح الذي تصبو إليه.
وتتابع "على النساء في العالم العربي أن يؤمن بقدراتهن، وأن يتخلصن من أي فلسفة تربط المرأة بالمطبخ وبتربية الأبناء. عليهن أيضا أن يحسن اختيار الزوج، فلولا دعم زوجي ومساندته لي لما وصلت إلى ما أنا عليه اليوم".
وقبل أن تصير عالمة فيزياء، كانت كوثر أيضا من ألمع أسماء فريق اتحاد تواركة لكرة القدم في العاصمة المغربية الرباط.
عن شغفها الرياضي، تقول "أنا مولعة بكرة القدم، أحببتها وأمارسها حتى في الوقت الحاضر، كانوا يلقبونني بمارادونا. لو بقيت في المغرب لانضممت للفريق الوطني النسوي"، وتضيف ضاحكة "أحرص على تدريب ابني الوحيد البالغ من العمر 11 عاما كل أسبوع تقريبا، هو يتعلم مني ويفشل كل مرة هو وزوجي في أخذ الكرة مني".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق