نشر رئيس لجنة شؤون الأمن ومكافحة الإرهاب في إدارة الرئيسين الأميركيين الأسبقين، بيل كلينتون، وجورج بوش، مقالاً في «نيويورك ديلي نيوز»، يكشف فيه تفاصيل مثيرة حول واقعة كان مسؤولاً عنها تتعلق بإيواء قطر لواحد من أخطر الإرهابيين في العالم ورعايته، والحيلولة دون إلقاء القبض عليه.
قطر وفرت ملاذاً لجماعات وقادة اعتبرتهم الولايات المتحدة ودول أخرى منظمات إرهابية. وليس هذا أمراً جديداً، فهو مستمر منذ 20 عاماً، وأحد من آوتهم كان العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر.
|
وفي تفاصيل المقال، يشير ريتشارد كلارك إلى أن الإدارات والأجهزة الأميركية لم تكن تثق بالقطريين لمعرفتهم بعلاقتهم بجماعات وقيادات إرهابية. وروى كلارك قصة إيواء الدوحة للإرهابي خالد شيخ محمد، الذي ارتبط اسمه بأحداث الـ 11 من سبتمبر. وذكر الكاتب تفاصيل مثيرة عن محاولة واشنطن اعتقاله بينما كان يعيش في قطر.
وأكد أنه من الحقائق أن قطر وفرت ملاذاً لجماعات وقادة اعتبرتهم الولايات المتحدة ودول أخرى منظمات إرهابية، وليس هذا بالأمر الجديد، فهو مستمر منذ 20 عاماً، وأحد من آوتهم كان العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر.
وقال إن معظم الناس يربط مجزرة 11 سبتمبر باسم أسامة بن لادن، إلا أن زعيم العصابة الحقيقي كان إرهابياً خطيراً آخر. عرفت اسمه، خالد شيخ محمد، لأول مرة عام 1993 لارتباط اسمه بعملية تفجير شاحنة في مركز التجارة العالمي. بعدها عرفنا أن لديه القدرة على ترتيب هجمات إرهابية واسعة النطاق، وهو ما كان يفتقر إليه بن لادن.
وأضاف أن خالد شيخ محمد كان باكستانياً ترعرع في الكويت، وأمضى دراسته الجامعية لأربع سنوات في نورث كارولينا. وبعد هجوم نيويورك ظهر مجدداً في مانيلا عام 1995 متورطاً في مؤامرة تفجير طائرة ركاب أميركية فوق المحيط الهادي في ما عرف بعملية بوجينكا. وفي عام 1996 وبسبب عمليتي نيويورك وبوجينكا اعتبرناه أخطر إرهابي طليق على وجه الأرض. وبنهاية العام كانت هناك إدانة جنائية فيدرالية بحقه، وسعت المخابرات المركزية الأميركية لتحديد مكانه باعتبار ذلك أولوية قصوى.
وقال «وجدوه في قطر، حيث منح وظيفة صورية في هيئة المياه، وأصبح القرار بشأن الخطوة التالية من اختصاص لجنة من إدارات الحكومة المختلفة تحت رئاستي: المجموعة الأمنية لمكافحة الإرهاب».
وروى المسؤول الأميركي السابق أنه «كان هناك إجماع في اللجنة على أنه لا يمكن الوثوق بقطر للقيام بما هو طبيعي في تلك الحالات: أن تطلب من قوى الأمن المحلية إلقاء القبض عليه ثم تسليمه، فلدى القطريين تعاطف تاريخي مع الإرهابيين، وواضح أن أحد الوزراء وهو فرد من العائلة الحاكمة له علاقات بجماعات مثل القاعدة ويبدو أنه هو من تولى رعاية خالد شيخ محمد، لذلك قررنا القيام بعملية (تسليم استثنائي)، أي التقاط بواسطة فريق أميركي والنقل فوراً للولايات المتحدة، في تلك الأيام، كان المعارضون للتسليم الاستثنائي يصدر بحقهم (إنذار ميراندا)، عبر هيئة محلفين ومحامين تعينهم محكمة مدنية. كانت المشكلة في تلك الحالة أنه لا توجد إدارة ولا جهاز على استعداد للقيام بعملية الاختطاف تلك».
وقال إن «السفارة الأميركية في قطر كانت في تلك الأيام جزءاً من برنامج السفارات الخاص، أي لا تتعدى مكتباً صغيراً في وزارة الخارجية، فلم يكن هناك مكتب تنسيق مع مكتب التحقيقات الفيدرالي ولا محطة مخابرات ولا ملحق عسكري في السفارة، ولم يكن بإمكان مكتب التحقيقات الفيدرالي أو المخابرات المركزية إدخال فريق دون أن يثير ذلك شك أجهزة الأمن القطرية، ورغم أن فريق دلتا فورس أنشئ للقيام بعمليات خطف أو انقاذ رهائن في بيئة معادية فلم يتم تكليف الخبراء في هذا الأمر ضمن هيئة الأركان من قبل البنتاغون».
وتابع «وضعت هيئة الأركان خطة لعملية عسكرية تشبه إنزال الحلفاء في نورماندي، تتضمن قوات أميركية قبالة السواحل وفي الجو وعلى الأرض في قطر، وكانت تلك طريقة القيادات العسكرية للتعبير عن ترددهم في الانصياع لطلب خرق سيادة دولة للقبض على شخص واحد تعتقد لجنتنا أنه يسبب مشكلات، وكنا واجهنا وضعاً مماثلاً من قبل، عندما طلب البيت الأبيض من (البنتاغون) خطف إرهابي واحد من غرفة فندق في الخرطوم، ووضعت القيادة العسكرية المترددة خطة تستهدف السيطرة على كامل العاصمة السودانية وليس القبض على شخص، وهم يعرفون طبعاً أنها سترفض، ومن نافلة القول إن القيادة العسكرية الأميركية كانت مترددة في قبول الأوامر بالتدخل في أي عمل لمكافحة الإرهاب قبل 9/11». وتابع كلارك قائلاً «ومع ما بدا من عدم قدرة مكتب التحقيقات الفيدرالي أو المخابرات المركزية أو وزارة الدفاع على خطف خالد شيخ محمد من قطر، أو القيام بذلك دون أن تبدو عملية غزو عسكري للبلد، لم تجد إدارة الرئيس كلينتون أمامها سوى خيار واحد: الاتصال بالقطريين، ولتقليل المخاطر المحيطة بالمحاولة، طلبنا من السفير الأميركي أن يتحدث إلى الأمير فقط، وأن يطلب من الأمير أن يكلم فقط رئيس جهاز الأمن، وكان الطلب أن يقبضوا على خالد شيخ محمد لبضع ساعات حتى يصل فريق أميركي ينقله إلى الولايات المتحدة، وبعد لقاء السفير مع الأمير اختفى خالد شيخ محمد، ولم يستطع أحد العثور عليه في مدينة الدوحة الصغيرة، بعد ذلك قال لنا القطريون إنهم يعتقدون أنه غادر البلاد، لكنهم لم يقولوا لنا أبداً كيف؟». وانطلق خالد شيخ محمد ليرتب هجمات 9/11، وهجوم بالي في إندونيسيا وقتل الصحافي الأميركي دانيال بيرل وغيرها من الهجمات الإرهابية. في عام 2003 ألقي القبض عليه بواسطة مسؤولين أميركيين برفقة ضباط باكستانيين، وهو الآن في معتقل غوانتانامو في كوبا.
وختم كلارك مقاله بالقول «لو كان القطريون سلموه للولايات المتحدة عام 1996، كما طلب منهم لكان العالم حاله مختلفاً الآن».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق