قبل أيام، فوجئ مسؤولون عن مسجد الدائرة الإسلامية لأميركا الشمالية ICNA الواقع وسط مدينة الإسكندرية (ولاية فرجينيا)، نحو 11 كيلومترا ونصف عن العاصمة واشنطن، برسومات وملصقات وُزعت على المدخل الرئيسي للمسجد وتحمل رسائل بمضامين أدهشتهم.
"توقعنا منذ الوهلة الأولى أن أطفالا هم مَن وضعوا هذه الملصقات"، أوضح أحمد نذير خطيب المسجد، ذو الأصول الغانية، لـ"موقع الحرة".
"نحن سعداء أنكم جيراننا"، "نحن أميركا واحدة"، و"ظلوا أقوياء"... رسومات بخط اليد تظهر أشخاصا متشابكي الأيادي بثت الفضول في نفوس القائمين على هذه المؤسسة الدينية التي يقصدها يوميا عشرات المصلين.
وقال أحمد نذير "يبدو أن الخطوة لاقت التشجيع من ذويهم فلم يترددوا في إيصال صوتهم إلينا".
مع اقتراب آذان صلاة العشاء، بدأ مصلون في التردد على المسجد وتبادل عبارات تحية مقتضبة. يحني نذير قامته الطويلة أحيانا ويلوّح بيديه أحيانا أخرى. يحيّي الجموع ويرد عليهم السلام بعبارات عربية وجيزة.
لا يتذكر نذير وقوع حادث مماثل في الماضي، لكنه شدد على أن ما قام به هؤلاء الأطفال رسالة منهم إلى الكبار يدعون فيها إلى ضرورة عدم الصمت أو التغاضي عن التمييز ضدّ الآخرين، حسب تعبيره.
تنوع المصلين
يتميّز الحي الذي يحتضن هذه المؤسسة الدينية باختلاط سكاني، مع تسجيل عدد "لا بأس به" من المسلمين، حسب ما يوضح الإمام.
وأشار نذير إلى أن مرتادي المسجد متنوعون أيضا. وإن كانت الغلبة للمهاجرين "إلا أن المسلمين أميركيي المولد يقصدونه أيضا للصلاة والدعاء".
ولفت إلى أن المسجد الواقع على مقربة من شارع "وودلاون تريل" والمشيد بين عدد من البيوت السكنية التي يقطنها أميركيون، تربطه علاقة قوية بهيئات بلدية إلى جانب كنيسة الحي.
"هناك تنسيق وتعاون دائم بيننا"، أوضح لـ"موقع الحرة،" وتابع، "ديننا يدعو إلى التسامح والسلم وليس مثلما يصفه البعض بالإرهاب".
لا يخفي مدير المسجد جعفر بن حسين بهجته إزاء الملصقات التي تركها الأطفال. وفيما يؤكد لـ"موقع الحرة" أن لا أحد يعرف من هم هؤلاء، يبتسم ويقول إنهم من غير المسلمين، فقد تركوا رسائلهم على مدخل المسجد خلسة بعد مغادرة المصلين.
عبد الوهاب ميني أحد أبناء الجالية المسلمة في أميركا، اعتبر في حديث لـ"موقع الحرة"، بعيد انتهائه من أداء صلاة المغرب، أن ما قام به الأطفال "خطوة مميزة تركت أثرا طيبا لدى المصلين".
في المنطقة الخاصة بالسيدات في المؤسسة، بدا أطفال صغار لا يتوقفون عن الركض وغير مبالين بطقوس المسجد. تسمع أصوات ضحكاتهم وصراخهم وترى السرور ظاهرا في أعينهم.
الملصقات بثت الارتياح في نفس فاطمة بنت عبد الرحمن التي ترتاد المسجد بانتظام، فهي تعتقد أن "هذا دليل على التسامح والسلام وعدم التمييز".
ولم يخفِ عدد من المتطوعين لخدمة المسجد اعتقادهم بأن عائلات هؤلاء الأطفال هي من دفعت بأبنائها للقيام بتلك الخطوة رغبة منها في التواصل ومد يد العون للآخرين.
كثيرة هي الرسائل الداعمة التي وصلت إلى المسجد في الآونة الأخيرة، حسب بن حسين الذي أكد أن قاطني الحي المحيط به يتفاعلون مع هذه المؤسسة الدينية والمصلين بشكل إيجابي، ولم يسجل أن تعرّض أحد للتضييق أو سوء المعاملة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق