قالت روسيا أمس (الإثنين) إنها ستعتبر الطائرات التابعة للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أهدافاً محتملة إذا حلقت غرب نهر الفرات في سورية، وستتعقبها بالأنظمة الصاروخية والطائرات العسكرية.
وفي تحرك سيؤجج التوتر بين واشنطن وموسكو، أوضحت روسيا أنها بصدد تغيير موقفها العسكري رداً على إسقاط الولايات المتحدة طائرة عسكرية سورية أمس في حادث قالت دمشق إنه الأول من نوعه منذ بداية الصراع في البلاد في العام 2011.
وقالت وزارة الدفاع الروسية أيضاً إنها ستلغي على الفور اتفاقاً مع واشنطن في شأن السلامة الجوية في سورية يستهدف منع التصادم والحوادث الخطرة هناك. واتهمت موسكو الولايات المتحدة بالتقاعس عن احترام الاتفاق بعدم إبلاغها بقرار إسقاط الطائرة السورية، على رغم تحليق طائرة روسية في الوقت نفسه.
وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان «نعتبر تحركات من هذا القبيل من جانب القيادة الأميركية انتهاكاً متعمداً لالتزاماتها». وأضافت أنها تتوقع أن تجري الولايات المتحدة الآن تحقيقاً في إسقاط الطائرة وأن تطلعها على النتائج وأن تتخذ الإجراءات التصحيحية.
وروسيا من أوثق حلفاء الرئيس السوري بشار الأسد وتدعمه عسكرياً بقوة جوية ومستشارين وقوات خاصة. وتقول روسيا إن الحكومة السورية توافق على وجودها خلافاً لموقف دمشق من الولايات المتحدة.
ووصفت روسيا إسقاط الطائرة بأنه «انتهاك صارخ» للسيادة السورية وانتهاك للقانون الدولي. وقالت إن التحرك الأميركي يصل إلى حد «الاعتداء العسكري» على سورية، وأعلنت أنها تتخذ إجراءات مباشرة للرد.
وأضافت الوزارة في بيان «ستعتبر المنظومات الروسية المضادة للطائرات على الأرض وفي الجو في المناطق التي تنفذ فيها الطائرات الروسية مهمات عسكرية في سماء سورية أي أجسام طائرة، ومنها طائرات التحالف الدولي وطائراته من دون طيار التي تعمل غرب نهر الفرات، أهدافاً».
وأصدرت القيادة المركزية الأميركية بياناً قالت فيه إن الطائرة السورية المقاتلة كانت تسقط قنابل قرب «قوات سورية الديموقراطية» التي تدعمها الولايات المتحدة في مسعاها إلى طرد تنظيم «الدولة الإسلامية» من الرقة.
وأضافت أن إسقاط الطائرة كان «دفاعاً جماعياً عن النفس» وأن التحالف تواصل مع السلطات الروسية عبر الهاتف من خلال خط «لعدم الاشتباك ووقف إطلاق النار».
ونقلت وكالات أنباء روسية عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قوله في وقت سابق اليوم، إن على الولايات المتحدة احترام وحدة الأراضي السورية والكف عن أي أفعال أحادية في البلاد.
وتحدث نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف بنبرة أشد من لافروف، إذ أبلغ وكالة «تاس» أن موسكو تعتبر التحرك الأميركي «عملاً عدائياً ودعماً للإرهابيين».
وفي إطار منفصل، قال ريابكوف لوكالة «إنترفاكس»، إن إسقاط الطائرة خطوة صوب تصعيد خطر، وحذر واشنطن من استخدام القوة ضد القوات الحكومية السورية.
من جهته، قال الجيش الأميركي اليوم، إنه يغير مواقع طائراته فوق سورية لضمان سلامة الطواقم الجوية الأميركية التي تستهدف تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش).
وقال الناطق باسم القيادة المركزية للقوات الجوية الأميركية اللفتنانت جنرال داميان بيكارت، «نتيجة للمواجهات الأخيرة في ما يتعلق بالقوات الموالية للنظام السوري والقوات الروسية اتخذنا إجراءات جريئة لتغيير مواقع الطائرات فوق سورية لمواصلة استهداف قوات داعش مع ضمان سلامة طاقمنا الجوي في ضوء التهديدات المعروفة في ساحة المعركة».
وقال رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد، إن الولايات المتحدة تعمل على استعادة خط اتصال مع روسيا في شأن مناطق «عدم الاشتباك» في سورية والذي يستهدف تفادي وقوع حوادث تصادم عرضية فوق سورية.
وذكر دانفورد أنه لا تزال هناك اتصالات بين مركز للعمليات الجوية الأميركية في قطر والقوات الروسية على الأرض في سورية، لكنه أضاف «سنعمل على الصعيدين الديبلوماسي والعسكري في الساعات المقبلة لإعادة العمل بمناطق عدم الاشتباك».
من جهته، قال البيت الأبيض اليوم، إن قوات التحالف التي تحارب تنظيم «الدولة الإسلامية» في سورية تحتفظ بحق الدفاع عن النفس، وأضاف أن الولايات المتحدة ستعمل لإبقاء خطوط الاتصالات مفتوحة مع روسيا في ظل توترات جديدة.
وقال الناطق باسم البيت الأبيض شون سبايسر للصحافيين إن «من المهم أن نبقي خطوط الاتصالات مفتوحة لمنع الاشتباك في مجالات محتملة».
بدورها، دعت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي روسيا إلى مواصلة إجراءات «عدم الاشتباك» في سماء سورية للحد من خطر سوء التفاهم في مجال جوي مزدحم.
وقالت ماي للصحافيين في داونينج ستريت، إن «هناك ترتيبات لعدم الاشتباك بالفعل في ما يتعلق بالأنشطة التي تحدث في سماء سورية وهذه الترتيبات ستستمر». وذكر الناطق باسم ماي أنها دعت روسيا إلى مواصلة هذه الإجراءات «للحد من فرص سوء التفاهم في مجال جوي مزدحم».
وكانت القيادة المركزية الأميركية أصدرت أمس بياناً قالت فيه، إن الطائرة أسقطت «في دفاع جماعي عن النفس للقوات المشاركة في التحالف» تم تحديدهم بأنهم مقاتلون من «قوات سورية الديموقراطية» قرب الطبقة.
وقال البيان إن «قوات موالية للنظام السوري» هاجمت في وقت سابق مدينة الطبقة الخاضعة لسيطرة «قوات سورية الديموقراطية» وأصابت عدداً من المقاتلين وطردتهم من المدينة.
وأوقفت طائرات التحالف التقدم. وقال البيان إن طائرة تابعة للجيش السوري من طراز «سوخوي-22» أسقطت فيما بعد قنابل قرب قوات تدعمها الولايات المتحدة واستهدفتها على الفور طائرة أميركية من طراز «أف آي-18إي سوبر هورنيت».
وقبل إسقاط الطائرة قام التحالف «بالتواصل مع نظرائه الروس عبر الهاتف من خلال خط» لمنع التصعيد ووقف إطلاق النار. وقال البيان إن التحالف «لا يسعى إلى قتال النظام السوري والقوات الروسية الموالية للنظام» لكنه لن «يتردد في الدفاع عن نفسه أو القوات الشريكة من أي تهديد».
إلى ذلك، اتهمت «قوات سورية الديموقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة النظام السوري اليوم بقصف مواقعها جنوب غربي مدينة الرقة في الأيام الأخيرة وهددت بالرد إذا استمرت الهجمات.
وقال الناطق باسم القوات طلال سلو في بيان «عمدت قوات النظام ومنذ 17 حزيران 2017 إلى شن هجمات واسعة النطاق استخدم فيها الطائرات والمدفعية والدبابات على المناطق التي حررتها قواتنا... خلال معركة تحرير مدينة الطبقة وسد الفرات منذ ثلاثة أشهر». ولم يرد تعليق من قوات النظام السوري.
وبدأت «قوات سورية الديموقراطية» التي يقودها الأكراد هذا الشهر التقدم داخل الرقة قاعدة عمليات تنظيم «الدولة الإسلامية» في سورية. وتمكنت بمساعدة ضربات جوية وقوات خاصة من تحالف تقوده الولايات المتحدة من تطويق المدينة منذ تشرين الثاني (نوفمبر).
وقال سلو «إننا نؤكد بأن استمرار النظام في هجومه على مواقعنا في محافظة الرقة سيضطرنا إلى الرد بالمثل واستخدام حقنا المشروع بالدفاع عن قواتنا» واتهم الحكومة وحلفاءها بمحاولة عرقلة الهجوم على الرقة.
وقال النظام السوري في وقت سابق، إنه يعتبر محافظة دير الزور ومنطقة البادية جنوب الرقة من أولوياته العسكرية، مشيراً إلى أنه لا يعتزم تحدي حملة «قوات سورية الديموقراطية» على الرقة.
من جهة أخرى، ذكرت وكالة «تسنيم» للأنباء الإيرانية أن «الحرس الثوري» الإيراني أطلق صواريخ على شرق سورية مستهدفاً قواعد لـ «جماعات متشددة» تحملها إيران مسؤولية هجمات في طهران قتلت 18 شخصاً الأسبوع الماضي.
وقالت الوكالة إن «الحرس الثوري» أطلق صواريخ «أرض-أرض» متوسطة المدى من غرب إيران على محافظة دير الزور في شرق سورية، ما أدى إلى «مقتل عدد كبير من الإرهابيين وتدمير عتادهم وأسلحتهم».
وأضافت الوكالة أن الصواريخ استهدفت «مقر قيادة ومركز تجمع وإسناد وقسم تلغيم السيارات للإرهابيين».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق