حظي الحب بمكانة عظيمه لدى المصري و خاصة العصر القديم و سجل الفراعنة
قصص حبهم على جدران المعابد و المقابر و كأنها رسالة من العالم الآخر لتقديس الحب و
إعلاء شأنه. وكان هناك عيد للحب ضمن ٢٨٢ عيدا احتفل بها المصري القديم ورمز للحب بالفأس
فهو يشق القلب مثلما يشق الفأس الأرض .
وقد اشتهرت مصر بعظماء الشعراء في العصر الحديث الذين ينشرون إبداع
جمال الحب بالحرف و الحس ومنهم فاروق
جويدة ولد عام 1946، و هو من الأصوات الشعرية الصادقة والمميزة في حركة الشعر العربي
المعاصر، نظم كثيرا من ألوان الشعر ابتداء بالقصيدة العمودية وانتهاء بالمسرح الشعري.قدم
للمكتبة العربية 20 كتابا من بينها 13 مجموعة شعرية حملت تجربة لها خصوصيتها، وقدم
للمسرح الشعري 3 مسرحيات ، ومن أشهر قصائده قصيدة أريدك عمري في ديوان زمان القهر
علمني :
اريدك عمري
تعالي اعانق فيك الليالي
فلم يبقى للحن غير الصدى
وآه من الحزن ضيفا ثقيلا
تحكم في الغمر واستعبدا
فهيا لنلقيه خاف الزمان
فقد آن للقلب أن يسعدا
اذا كنت قدعشت عمري ضلالا
فبين يديك عرفت الهدى
هوالدهريبني قصور الرمال
ويهدم بالموت ماشيدا
تعالي نشم رحيق السنين
فسوف نراه رمادا غدا
تهو العام يسكب دمع الوداع
تعالي نمد اليه اليدا
ولاتسألي اللحن كيف انتهى
ولا تسألين لماذا ابتدا
نحلق كالطيربين الأماني
فلاتسألي الطير عما شدا
فمهما العصافير طارت بعيدا
سيبقى التراب لها سيدا
مضى العام منا تعالي نغني
فقبلك عمري ماغردا
تجيء الحياة على موعد
وتبقى المنايا لنا موعدا
دفاتر عمرك هيا احرقيها
فقد ضاع عمرك مثلي سدى
وماذا سيفعل قلب جريح
رمته عيونك فاستشهدا
تحب العصافير دفء الغصون
كما يعشق الزهر همس الندا
فكيف الربيع أتي في الخريف
وبيت الخطاياغدا مسجدا
غدا يأكل الصمت أحلامنا
تعالي أعانق فيك الردى
أراك ابتسامه عمر قصير
فمهما ضحكنا سنبكي غدا
أريدك عمري ولو ساعة
فلن ينفع العمر طول المدى
ولو أن ابليس يومارآك
لقبل عينيك ثم اهتدى
و من أشعار الحب في مصر القديمة وهي قصائد يرجع معظمها إلي ما يزيد علي ثلاثة آلاف
وخمسمائة عام, فهي من التراث الأدبي لعصر الدولة الحديثة, وقد كتبت بالهيراطيقية علي
برديات وأوستراكا مودعة حاليا بالمتحف المصري بالقاهرة والمتحف البريطاني ومتحف تورينو.
في لغة تدهشنا بتواصل لغة الحب من الماضي إلي الحاضر متخطية مساحات
شاسعة من التاريخ لتشرق علينا من بين الأطلال وحلكة الماضي السحيق كنجوم زاهرة وأزهار
فواحة وطيور برية زاهية الألوان, تحط لدينا من شاطيء بعيد لتمنحنا البهجة والأمل, ولتقوي
إيماننا بقدرة الحب علي العطاء.
من بين أغاني مدينة منف, تقول الحبيبة في بردية هاريس: كما يذوب الملح
في الماء, كما يختلط الماء باللبن, حبك يتخلل كياني, يسري في وجداني, فلتسرع إلي كصقر
ينقض من السماء كجواد يركض, أو كثور هائج, لتسرع إلي فمحبوبتك في انتظارك.
فيحيها حبيبها الذي يشبه نفسه بالطائر البري: شفتا حبيبتي برعم لوتس,
ونهداها ثمرتا رمان, وذراعاها كرمة, عيناها توت أسود, وحاجباها فخ, أنا الطائر البري,
يلتقط طعم شعرها الفاحم, مجذوب إلي فخها دون تردد .
يقول العاشق المصري القديم في بعض قصائد مجموعة القاهرة: حبيبتي علي
ضفة النيل الأخري, وبيني وبينها النهر والتماسيح, ولكني سأخوض الماء وأتحدي التماسيح,
فحبك يمنحني القوة والشجاعة.
أنتظرك يا معبودتي في شوق عارم, وعندما أسمع خطواتك, يقفز قلبي بين
الضلوع. عندما يضمني ذراعك وتحتضنيني, يصيبني الخدر, وأهيم في عالم آخر, في حديقة فواحة
بالزهور, بعيدا, في بلاد ونت
أتمني لو كنت مجرد خاتم لإصبعك الصغير, حتي يتسني لي ملامسة أناملك
في خلسة من الآخرين.
وفي إحدي برديات تشستربيتي يقول الشاعر العاشق: حبيبتي بلا نظير أجمل
النساء, مضيئة إذا أهلت كنجمة براقة في ليل عيد, عيناها آسرتان, وشفتاها ياقوت أحمر,
والشعر جواهر سوداء تبرق في ضوء النيل, وحديثها منمق أثير.
ومن أجمل قصص الحب فى العصر الفرعوني
في البر الغربي لمدينة الأقصر - التي تضم بين جنباتها قرابة ألف معبد
ومقبرة فرعونية - توجد مقبرة الملكة نفرتاري التي شيدها لها محبوبها الملك رمسيس الثاني،
وهى المقبرة التي تتجه لها القلوب، كونها تعد شاهدا على أجمل قصة حب ربطت بين قلبي
رمسيس الثاني وزوجته نفرتاري فى واحدة من أقدم قصص الحب التي خلدها التاريخ قبل أكثر
من ثلاثة آلاف سنة، حيث أقام الملك رمسيس الثانى تلك المقبرة لمحبوبته وزوجته نفرتارى
بعد وفاتها ليؤكد إخلاصه وحبه الأبدي لجميلة الجميلات كما يطلق عليها حتى اليوم.
وكان لحب الملك «رمسيس الثانى» للملكة «نفرتارى» قصة جميلة، فهى كانت
المفضلة بين زوجاته، وشيد لها أجمل المقابر الملكية و كتب عليها: « إلى التى من أجلها
تشرق الشمس» وبنى لها معبدا بجوار معبده و كتب لها قصيدة غزل و سجلها على جدرانه فى
«أبو سنبل» قائلا : «هى الجميلة المتألقة المشرقة كالنجمة المضيئة البراقة فى ليلة
عيد، عيناها جميلتان شعرها كالجواهر السوداء التى تضئ بالليل……»
وليس ببعيد عن مقبرة الملكة نفرتاري، في غرب مدينة الأقصر، توجد معالم
معبد الملك امنحتب الثالث، الذي تحكي نقوشه تفاصيل قصة الحب التي جمعت الملك امنحتب
الثالث بمحبوبته الملكة تي التي لم تكن تحمل دماء ملكية في عروقها،وكانت سببا في كثير
من المشكلات التي واجهت الملك امنحتب الثالث وذلك بعد أن وقع قلبه أسيرا لدى واحدة
من عامة الشعب، وأصر على الارتباط بها والزواج منها حتى كاد أن يفقده عرشه الملكي،
وصارت زوجته ومحبوبته وشاركته في حكم البلاد.
و أعطاها لقب «زوجة الملك الكبرى» كما أنشأ لها معبدا خاصا وتمثالا
عملاقا يحتل مدخل المتحف الآن، ويظهر تاجها أعلى من تاجه، دليلا على تكريمها وتعظيم
شأنها.
وفى الأقصر أيضا لايزال هناك
الكثير من الشواهد الباقية، والتي تحكي بعضا من تفاصيل قصة الحب التي جمعت بين قلبي
الملك امنحتب الرابع "إخناتون" وزوجته الملكة نفرتيتى بين ربوع الأقصر قبل
آلاف السنين. وفى مقابر نخت ونفر وغيرها من مقابر نبلاء وأشراف الفراعنة في جبل القرنة
التاريخي بغرب مدينة الأقصر، لا يخلو جدار من مشاهد تجمع بين محبوبين أو زوجين، مثل
سيدة تضع رأسها على كتف زوجها، وزوج يضع يده على كتف زوجته، وأخرى تضع يدها على ساق
زوجها ويحيط بها أفراد أسرتها وهم يخرجون في رحلة صيد على ظهر مركب في وسط نهر النيل
الخالد، ونص لشاعر فرعوني عاشق يناجى محبوبته قائلا: "يا ليتني أغسل رداؤك بعد
أن اصطبغ بقطرات عطرك الجميل".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق