الجمعة، 12 فبراير 2016

خلافات حماس وجناحها العسكري.. النار تأكل بعضها

طفت الخلافات بين الجناحين "العسكري والسياسي" في حركة حماس على السطح مؤخرا، رغم محاولة أعضاء الحركة اخفاءها منعا لتكدير صفو الجماعة، حتى مع تحديد مهام كل جبهة؛ فالعمليات الميدانية مهمة كتائب القسام "الجناح العسكري للحركة"، لكن القرارات السياسية مهمة الجناح السياسي.
 بداية الخلافات
ظهرت الخلافات بقوة إبان عملية الجرف الصامد التي شنتها إسرائيل على غزة في 2014؛ فمع وصول الوفد التابع للحركة للتفاوض في القاهرة على وقف إطلاق النيران، طالب أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب القسام في أغسطس 2014، برجوع الوفد المفاوض من القاهرة، واصفا العملية في رسالة مسجلة له بـ"رقصة العفاريت"؛ معارضا بذلك قرار القيادة السياسية بالجلوس على طاولة الحوار في القاهرة.
وعلى الرغم من ذلك يحاول قادة حماس نفي هذه الخلافات بين الحين والآخر، وهو ما أكده مرارا عزت الرشق عضو المكتب السياسي للحركة.
فهل حركة حماس بجناحيها السياسي والعسكري وحدة واحدة؟ أم أن هناك خلافات وانقسامات بين شقيها؟ نسلط الضوء في التقرير التالي على أهم نقاط الخلاف وجذور الصراع.
شتيوي ليس البداية
أعدمت حماس محمود رشدي مصطفى شتيوي، قائد كتيبة الزيتون الغربية لواء غزة الجنوبي الأحد 7 فبراير، بحجة التورط في التخابر مع إسرائيل ونقل معلومات تكشف عن مكان قائد كتائب القسام محمد ضيف، لاستهدافه من قبل إسرائيل.
أحدث الإعدام ضجيجا كبيرا وسط لواء شتيوي، ما دفع "لواء القساميين الأحرار" لإصدار بيان شديد اللهجة موجها بشكل مباشر للسياسيين في الحركة مطالبين بضرورة تشكيل لجنة تحقيق محايدة وبعيدة عن الذين حققوا مع شتيوي قبل إعدامه، وطالب البيان بتوضيح كتائب القسام حقيقة ما جرى مع شتيوي، والتحقيق مع المسؤول الأمني في هذه الكتائب، يحيى السنوار، بتهمة التشهير بعائلة شتيوي.
ولم يكن شتيوي هو أول المعدمين أو سيكون آخرهم، فالحركة مدانة بحسب آخر تقارير منظمة العفو الدولية إبان الحرب الأخيرة على غزة في 2014، بتنفيذ إعدامات بحق فلسطينيين من القطاع دون محاكمات أو إعلان إدانتهم، فبحسب التقرير الذي نشرته "دويتشه فيله" فإن الحركة أعدمت مالا يقل عن 23 شخصا، 16 منهم كانوا في سجن الكتيبة في غزة.
العفو الدولية تفضح حماس
وبالرجوع إلى التقرير الموثق على موقع منظمة العفو الدولية، نجد أن أبرز من أعدمتهم حماس إبان الحرب عليها في 2014 كان عطا النجار، أحد ضباط السلطة الفلسطينية الذي تم القبض عليه وسجنه ومن ثم إعدامه، وتجاهلت حماس التقارير التي أشارت لوجود إعاقة ذهنية لديه، كما ركز التقرير الذي أدان حقوق الإنسان في القطاع، على إعدام إبراهيم دبور الذي كان أبا لطفلين وأدين بالتخابر لصالح العدو واقتيد خارج السجن وتم إعدامه.
وبحسب تصريحات لشقيق دبور للعفو الدولية، فإن الإعدام جاء فجأة وتلقينا إخطارا بعدها بإعدام أخي وفقا للشريعة الإسلامية، بحسب رسالة سجن الكتيبة لنا، دون صدور حكم بحقه، وغيرها من الإعدامات.
ويمكن حصر النقاط الخلافية بين حماس العسكرية والسياسية في النقاط التالية:-
بين إيران الإخوان
الخلاف الأساسي الموجود في حماس بين جناحها العسكري والسياسي هو رغبة الأول في التوجه ناحية إيران وتعزيز قوته العسكرية وتوثيق علاقته بحزب الله، بسبب الدعم الذي يحصلون عليه ويساعدهم في المقاومة ضد الإسرائيليين، والجناح السياسي بدأ يتبنى سياسة جماعة الإخوان المسلمين العالمية الرامية إلى الاستفادة القصوى من الوضع الإقليمي الراهن، وتثبيت وجودهم سياسيا وتحقيق مكاسب دولية واعترافات من شأنها تعزيز موقف حماس داخل فلسطين، بحسب تقارير إعلامية.
الجناح العسكري الرامي للتحالف الدائم مع إيران وحزب الله، يتزعمه محمد ضيف، القائد العام للقسام الذي اختفى منذ عملية الجرف الصامد بعد تردد أنباء عن مقتله في الإعلام الإسرائيلي، والجناح السياسي يتزعمه خالد مشعل الذي يتجه نحو الإخوان المسلمين، فالقسام يستمد شرعيته من القتال.
وكانت الحرب الأخيرة القشة التي قصمت ظهر البعير، ووسعت الفجوة في الخلاف بين الفريقين، إذ حمل العسكر الفشل بتحقيق أهداف تلك الحرب إلى القيادة السياسية، بحسب تقرير نشرته "العربية نت".
إسرائيل
في الألفية الحالية شنت إسرائيل 3 حروب على قطاع غزة بداية من الرصاص المصبوب في 2008، ثم عامود السحاب في 2012، وأخيرا الجرف الصامد، وفي أثناء المعارك الثلاثة تتوصل حماس في نهاية كل معركة إلى اتفاق سياسي بعقد هدنة مع إسرائيل وهو سيناريو متكرر في العمليات الثلاث، بالطبع الجناح العسكري بقيادة الضيف لم يعجبه ذلك، خاصة في عملية "العصف المأكول" على القطاع.
حاولت إسرائيل أكثر من مرة ضرب الجناح العسكري لحماس من خلال إغراء القادة السياسية بمكاسب إقليمية ومغازلتهم برفع الحصار في مفاوضات سرية بين الطرفين، وعلى الرغم من نفي القيادي في حركة حماس، محمود الزهار المفاوضات في تصريح خاص لـ "دوت مصر"، إلا أنه قال في حالة توقيع اتفاق هدنة طويل بين إسرائيل وحماس فما ذلك إلا بلورة لمباحثات القاهرة، مؤكدا أن الأطروحة ليست بجديدة وهي اتفاق سابق، وفي حال تحقيقها يعد ذلك نجاحا عمليا لما تم الاتفاق عليه بيننا في القاهرة.
ضيف يرعب إسرائيل
وتشير التصريحات السابقة إلى المباحثات الدائمة بين حماس "السياسية" وإسرائيل، لكن على النقيض نجد أن ضيف قائد الجناح العسكري لكتائب القسام قد عاد لقيادة الكتائب ويستعد لمعركة قريبة مع إسرائيل، بحسب تقرير نشرته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية في مايو الماضي.
وكشف الموقع نفسه عن خطة ضيف لمهاجمة إسرائيل التي تقضي بإطلاق عدد كبير من الصواريخ على أماكن مختلفة في إسرائيل، وشن هجمات عبر البحر بواسطة غواصين واستخدام طائرات شراعية للهجوم، إضافة إلى تنفيذ عشرات المقاومين هجوما باستخدام الأنفاق في منطقة كرم أبو سالم واختطاف جنود إسرائيليين ونقلهم عبر ذات الأنفاق إلى قطاع غزة.
وكان موسى أبو مرزوق، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، قد قال صراحة "إن الحركة قد توافق على التفاوض مع إسرائيل"، وضيف يعد العدة لقتال إسرائيل، وبذلك يسير جناحا الحركة متوازيان، فالعسكر يصممون على المقاومة والمواجهة والسياسيون مصممون على التفاوض حتى وإن أنكر قادتهم ذلك.
المصالحة مع فتح
أثار ملف حكومة التوافق المتفق عليها والمعلن عنها في يونيو 2014، جدلا واسعا بشأنها، حتى أن قبل الإعلان عن تشكيل الحكومة ترددت أنباء عن حل الجناح العسكري لحماس وعلى رأسه كتائب القسام، لكن الخبر تم نفيه من قبل القيادي عزت الرشق، القيادي في حماس قائلا :"لا أساس من الصحة لما تتداوله بعض المواقع عن اشتراط "فتح" حل كتائب القسام أو غيرها لانجاز المصالحة"، بحسب موقع فلسطين أونلاين.
وتحاول فتح، تبني موقف المسالمة والتفاوض المجتمع الدولي للوصول إلى اعتراف دولي واسع لفلسطين، وهو موقف حكومة الوفاق الفلسطينية المكونة من 17 وزيرا، وهي أول حكومة توافق من 2007، وهو ما ترفضه كتائب القسام، الأمر الذي يزيد من الفجوات بين الجانبين العسكري والسياسي للحركة بما أن حماس في موقف متوافق مع فتح.
عاصفة الحزم
أشرنا إلى أن القسام يتبنى نظرية التقارب من حزب الله وإيران، بسبب حصولهم على تمويل مادي كبير منهما، وحينما بدأت عملية عاصفة الحزم بقيادة السعودية في إبريل 2015، ضد اليمن لتطهيرها من ميليشيات الحوثي الموالية لإيران، وحينما أعلنت السعودية عن العملية بادرت الحركة بشقها السياسي بتأييد العملية في بيان صحفي قالت فيه "نقف مع الشرعية السياسية في اليمن وخيار الشعب اليمني الذي اختاره وتوافق عليه ديموقراطيا، ونقف مع وحدة اليمن وأمنه واستقراره، والحوار والتوافق الوطني بين أبنائه".
الجناح العسكري يرفض
بيان حماس لم يعجب القيادي العسكري مروان عيسى، وفتحي حماد مهاجمين موقف الحركة، وبادرت القسام برفضها لموقف حماس معتبرة تصريحات وبيان خالد مشعل معبرا عن نفسه، وسارع القادة العسكريون بإبلاغ إيران بأن هذا البيان لا يعنى تأييدًا لـ"عاصفة الحزم" ولا قطعًا للعلاقة مع إيران، وإنما هو نوع من المناورة السياسية التى "نرجو أن تتفهموا أسبابها".
السعودية
تحاول القيادة السياسية لحماس التقرب من السعودية استرضاء لها لتحقيق مصالح ومكاسب دبلوماسية وسياسية كبيرة، وفي نفس السياق تحاول السعودية تكوين محور سني مقابل المحور الشيعي الإيراني، وهي نقطة تثير خلافات كبيرة بين الجناح العسكري والسياسي.
الجناح العسكري يريد إيران والسياسيون يسعون لمصالح أكثر عقلانية من وجهة نظرهم، وأكبر أسباب معارضة التقارب من وجهة نظر القسام هو العلاقة الوطيدة بين السعودية ومصر، التي تضيق الخناق عليهم من خلال غلق منفذ رفح البري، وهو ما لا يرضاه القساميون حتى وإن تعارض مع المصالح المصرية والأمن القومي، فتقرب حماس من السعودية يعني تقربهم من مصر وهو مرفوض شكلا وموضوعا بالنسبة للقسام.
المصدر : دوت مصر

ليست هناك تعليقات: