سر الخلاف بين أوباما والعاهل الأردني حول تسمية”الحرب العالمية الثالثة”
لم يرق لسفيرة الولايات المتحدة الأمريكية
في عمان التساؤلات التي أثارها اعتراض أوباما في خطاب حالة الإتحاد الأخير،
على وصف الحرب على الإرهاب بالحرب العالمية الثالثة،معتبرا أنه يخدم أهداف
“داعش” الدعائية، في تعارض واضح مع رؤية وتصور العاهل الأردني .
السفيرة أليس ويلز التي هزت رأسها بالنفي
خلال إنصاتها لسؤال الكاتب في لقاء مع أندية الروتاري بالعاصمة الأردنية ،
إن كان حديث اوباما عن الحرب العالمية الثالثة يشي بخلاف بينه وبين العاهل
الأردني خاصة أن الأخير هو من يتبنى هذا الوصف، قبل أن تجاوب بعكس إيماءات
رأسها، حيث أقرت بوجود الخلاف إلا أنها قللت من عمقه ووضعته في إطار
الخلاف الشكلي على مصطلحات ومسميات.
فالزعيمان وفق ويلز، يختلفان في مقاربتهما
لمفهوم الحرب العالمية وشروطها، التي تفرض تدخلا عسكريا مباشرا على الأرض
بالأسلحة الثقيلة والجنود على غرار الحربين الأولى والثانية وهذا ما لا
ينطبق على الحرب ضد الإرهاب ،وفق تقدير أوباما، في حين ، والحديث للسفيرة
ويلز، يرى العاهل الأردني بأن مشاركة عشرات الدول في تحالف موحد ضد الإرهاب
إضافة للانخراط العسكري لبعض الدول في سوريا والعراق، يضفي صفة العالمية
على الحرب، فيما تجاهلت اعتذار اوباما عن لقاء العاهل الأردني خلال زيارة
الأخير للولايات المتحدة بذريعة انشغال الرئيس بالتحضير لخطاب الإتحاد
الأخير له، قبل أن “يخطف” أوباما دقائق معدودة من جدول أعماله للقاء الملك
“وقوفا” في قاعدة عسكرية.
على أي حال، من الطبيعي أن تغطي السفيرة
ويلز الخلاف الأردني الأمريكي بغربال الدبلوماسية، فهي قدمت في خطابها
“فاتورة” التحالف التاريخي مع بلادها، وعددت فضائل الدوران في الفلك
الأمريكي وحذرت بشكل مبطن من تبعات الابتعاد عنه أو الانجذاب لفلك آخر، وفي
هذا السياق جاء تأكيد ويلز بأن الأردن ليس مطالباً بالاختيار بين المحورين
الأمريكي والروسي ، فالعاهل الأردني تربطه بالقوتين العظمتين علاقات قوية
ومتينة والتقارب بين موسكو وعمان لا يثير قلق واشنطن، كما يثيرها طبيعة
التدخل الروسي في سوريا، الذي يَهدف لدعم النظام السوري ويقوض فرص التوصل
إلى حل سياسي لا يكون بشار الأسد جزء منه، تقول السفيرة.
الحديث هنا يأتي في معرض رد ويلز على سؤال
حول موقف بلادها من التقارب الأردني الروسي، الذي تعمق بزيارات متكررة
للملك عبدالله إلى موسكو وتجاوز الإطار الفضفاض للعلاقات الثنائية إلى
مرحلة التنسيق حول أدق التفاصيل وهو ما عبرت عنه زيارة مستشار الملك للشؤون
العسكرية قائد القوات المسلحة مشعل الزبن إلى روسيا قبل أسابيع،
فالأردن،يبدو أقرب إلى المقاربة الروسية تجاه قضايا المنطقة والأزمة
السورية على وجه التحديد بعد أن لمس فاعلية التدخل الروسي سياسيا وعسكريا،
في حين يأخذ صانع القرار الأردني على حليفه التقليدي (الأمريكي) تردده وبطء
استجابته لتداعيات ومخاطر الصراع في الشرق الأوسط التي انعكست سلبا على
الداخل الأردني وبدأت تشكل عنصرا ضاغطا على النظام
الخوض في العلاقات الأردنية الروسية وشيطنة
الدور الروسي في سوريا لم يطب للخارجية الأردنية التي طلبت منع نشر خطاب
ويلز، في وسائل الإعلام الرسمية، حيث أوقفت الخارجية،وفق المعلومات، نشر
تغطية وكالة الأنباء الأردنية “بترا” بعد اطلاعها على مضمون الخبر.
بطبيعة الحال، العاهل الأردني كان قد دعا
في مقابلة مع شبكة سي إن إن الأمريكية، واشنطن وموسكو لمزيد من التنسيق
والتخلي عن عقلية الحرب الباردة وتوحيد الجهود حيال الصراعات في المنطقة،
ولكن السفيرة الأمريكية اختارت تجاهل الدعوة الملكية في خطابها فجاء الرد
الأردني الحازم بمنع النشر في سابقة جريئة وتشي بحقيقة ما حاولت ويلز
إنكاره.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق