الأربعاء، 3 فبراير 2016

إذا كان رب البيت بالدف ضاربا فكيف سنحاسب الشباب؟! الصحفية والشاعرة فابيولا بدوي


نحن نحترم نساء مصر اللاتي ضربن مثالا رائعا في السنوات الخمس الأخيرة واثبتن أنهن في المقدمة, أم أنه مجرد كلام يقال ويتغني البعض به وقتما نشاء؟ قد حضت جميع الأديان علي صون مكانة الأم وأبسط القيم الأخلاقية تحرص كل الحرص علي ذلك, فهل لهذه القيمة أية مكانة
لدينا اليوم؟ حرمة النساء والبيوت من أمهات وزوجات وبنات من المفترض أنها مصانة ليس بالقوانين أو الدساتير, ولكن لأن هذه هي تقاليدنا وأعرافنا وتراثنا الذي يقدس هذه الحرمات, وهذا ما شبت عليه أجيال وأجيال. فأين نحن من هذا اليوم؟
قد تابعنا جميعا كافة ردود الفعل التي شجبت وأدانت واستنكرت ما فعله شابان تجاه مجند بسيط في الخامس والعشرين من يناير, وهنا لا حديث حول الواقعة المرفوضة شكلا وموضوعا من حيث المبدأ, ولا تفنيد لها ولا لمغزاها لأنه بالفعل قد تم تقديم بلاغ حولها وعلينا احترام ما ستسفر عنه التحقيقات أو أحكام القضاء في حال تحويلها إلي المحكمة. فما نتوقف أمامه ومن المستحيل أن يمر مرور الكرام هو ذلك المستوي المتدني والأكثر من الهابط الذي عبر من خلاله غالبية من أدلوا بدلوهم في هذا الموضوع. فالطامة الكبري أن كل من زايد بألفاظ أو إيماءات أو عبارات, كلها تقع تحت طائلة القانون, يدعون كذبا صدمتهم من عمل لا أخلاقي صدر من الشابين, علي الرغم من أن أي متابع لكل ما قيل لابد وأن يعترف بأن الكبار حينما تكون هذه هي أخلاقهم وهذا هو أسلوبهم في التعبير عن غضبهم فمن الطبيعي جدا أن الأبناء لا يتحلون بأي أخلاق أو قيم, أو حتي بعض الإنسانية في تعاملاتهم, فمن أين سيأتون بهذا, ورب البيت بالدف ضارب؟
منذ متي تسب الأمهات بهذه السهولة وتنتهك الحرمات تحت زيف دفاعنا عن الشرف؟ قد وجهت أبشع الألفاظ لأمهات الشابين وزوجات وبنات كل من حاول الدفاع عنهما, فهل هذا هو السلوك المتناغم مع الغيرة علي الخلق والقيم, وهل هذه هي ثقافة الاختلاف التي نتحلي بها؟ قد زايد الجميع وتباروا في إهانة أمهات لا ذنب لهن سوي أن لدي كل منهن شابا مستهترا لا يعرف كيف يقيس تصرفاته قبل الإقدام عليها, فهل كل أم في أي مكان في العالم تعلم تفاصيل ما يفعله ابنها مع أصدقائه؟ ربما نقول بوجوب علمها حول مستوي تحصيله الدراسي, أو إدمانه للمخدرات وماشابه, وبالمناسبة90% من عائلات الشباب لم تكن تعلم بوجود أولادها في ميدان التحرير.
من المفارقات أن يتبع هذه الإهانات علي الفور عبارات الفخر, لا ننكره بالطبع, تجاه أمهات الشهداء, ولكن من أدراكم يا سادة أن نفس الام لن تقدم شهيدا في يوم من الأيام, وأن من قمتم بإهانتهن اليوم لن يقال فيهن الشعر غدا؟
قلتم أن فعل الشابين خادش وغير أخلاقي فماذا عن التطاول والمزايدة بكل ما هو جارح للحياء وبث علي كافة وسائل الاعلام المقروءة والمرئية؟ جميعكم قال: إن اطفالكم يتساءلون عن هذا الفيديو وفحواه, والحقيقة لا نعلم لماذا ولا كيف يري أطفالكم مثل هذه الفيديوهات, ولكن ألم يسألكم صغاركم عن معاني ما تفوهتم به من بذاءات؟
إذا كانت هذه هي أخلاقنا فعلينا أن نخجل أمام الأجيال الشابة, فنحن لم نقدم لهم سوي أسوأ قدوة يمكن أن يقتدوا بها. وربما حان الوقت كي نستوعب قول أفلاطون, ذلك الفيلسوف الذي لم يكن يظن أن مثل هذا الزمان البائس سيظللنا: قمة الأدب أن يستحيي الانسان من نفسه أولا.

ليست هناك تعليقات: