الأمير محمد بن سلمان وزير الدفاع السعودي - أرشيفية
ذكرت
جريدة معاريف أنه ورغم عدم تجاوز الأمير محمد بن سلمان – وزير الدفاع
السعودي- الثلاثين من العمر، فقد حظي خلال الأسبوعين الماضيين بانتباه لم
يسبق له مثيل، وليس من الضروري أن يكون هذا الانتباه إيجابيا، وأطلق عليه
لفظان: "المهووس، والرجل الأكثر خطرا في العالم". هناك مخاوف في البيت
الأبيض وأوروبا من أن تفضي الخطوات الجغرافية السياسية المتشددة جدا التي
يتخذها إلى الجائزة الاقتصادية التي يتوقع الغرب الحصول عليها في أعقاب
إزالة الحصار الاقتصادي عن إيران خلال الشهر القادم.
وإذا
كان الأمر حقا تحد، فإن إضرام النار في السفارة السعودية في طهران أثبت
أنه لم يكن هناك في إيران من هو قادر على وقف التحدي ومنع رد الفعل
الإيراني الشديد. وتفيد مصادر أوروبية أن رجال الرئيس الإيراني السابق
أحمدي نجاد هم الذين يقفون وراء إضرام النار في السفارة السعودية بمعرفة
وتفهم أعلى الجهات في النظام الإيراني. لذا فإن نتائج المسار الذي قام به
الوزير السعودي الشاب أثبتت نفسها. فقد قامت الدول الخليجية الواحدة وراء
الأخرى خلال الأسبوع الحالي بقطع العلاقات مع إيران، والدول التي لم تقطع
العلاقات خفضت مستويات تمثيلها الدبلوماسي لدى إيران. وتلا تلك الدول أيضا
دول عربية الأمر الذي أعاد تنصيب السعودية زعيما للعالم العربي. وقد خرجت
واشنطن من هذه الدوامة مهزومة، حيث أنها شجبت عملية الإعدام الجماعية التي
نفذتها السعودية، وكأن الإيرانيين لا يشنقون أحدا ويعلقونه على الرافعات.
إن
المخاوف الغربية من الخطوات التي يقوم بها الأمير الشاب ووزير الدفاع
الجديد لم تنشأ اليوم، ولا قبل أسبوعين. لقد قام الملك سلمان خلال السنة
الماضية بسلسلة من الخطوات السياسية المتشددة بالتعاون مع ابنه سلمان، بغية
الإلماح للولايات المتحدة بعدم رضا الملك السعودي عن الاتفاقية النووية مع
إيران. ففي حزيران الماضي على سبيل المثال شرع الاثنان بحوار واسع مع
روسيا، تضمن مثول وفد سعودي رفيع المستوى في المؤتمر الاقتصادي الذي عقد في
سانت بترسبرغ. هذا في الوقت الذي قاطع فيه الغرب في تلك الفترة الرئيس
الروسي بوتين وروسيا بسبب احتلالها لجزيرة القرم والأزمة الأوكرانية.
لقد
واصل السعوديون في نفس الوقت الحوار مع الولايات المتحدة، وقد توجه الملك
في أيلول الماضي وابنه لزيارة مشتركة للبيت الأبيض، ورغم التوتر القائم في
علاقة الولايات المتحدة والسعودية على خلفية الاتفاقية النووية مع إيران،
فلقد وصفت الزيارة بأنها كانت ناجحة. لقد طرح الأمير الشاب أمام الرئيس
أوباما نظريته الاقتصادية والجغرافية والسياسية، وتحدث عن تعميق التعاون
الإستراتيجي مع الولايات المتحدة، وعن ضرورة توسيع الاقتصاد السعودي
وتنويعه.
وذكرت
الجريدة أن الرئيس أوباما قال في مقابلة مع شبكة العربية في أعقاب اللقاء
بالملك السعودي وابنه: أن الأمير أذهله بمعلوماته الرائعة، وأنه أذكى كثيرا
من عمره".
ويبدو
أن هذا هو السبب الذي جعل المخابرات الألمانية تسرب تقريرا شديدا خلال
الشهر الماضي أعربت فيه عن قلقها من أن "تعزيز مكانة الأمير محمد بن سلمان
حول سياسة الخارجية السعودية ". وأفاد التقرير المؤلف من صفحة ونصف: أن
السعودية بدأت تفقد ثقة الولايات المتحدة بوصفها عامل استقرار في الشرق
الأوسط، فالرياض باتت على استعداد لتحمل المزيد من الأخطار في مقارعتها
الإقليمية لإيران".
إن
أحداث الأسبوعين الماضيين تثبت أن المخابرات الألمانية كانت على حق تماما
في تقديراتها، فالخطوات التي اتخذها الأمير السعودي على وشك أن تخلق أجواء
توتر وضبابية في الشرق الأوسط، عبر إفراغ الاحتفالات بشأن إزالة العقوبات
عن إيران وتعطيل عودة الشركات الألمانية الكبرى إلى السوق الإيراني.
إن
الأوروبيين بصورة عامة والألمان بصورة خاصة لا يستطيعون الانتظار أكثر،
ففي أعقاب استنفاذ السوق الأوروبي الشرقي نفسه، وفي أعقاب تلاشي الآمال في
ازدهار الاقتصاد في الشرق الأوسط في أعقاب الربيع العربي، فإن السوق
الإيراني أصبح الأمل الجديد للغرب، بيد أن سياسة الأمير السعودي الشاب،
المتمثلة في السير على خيط رفيع، ترفع دقات القلب الألمانية أكثر مما
ينبغي.
وذكرت
الجريدة أن السعودية تعتبر الولايات المتحدة هي التي تخلت عن الشرق الأوسط
وعن دورها كمسؤولة عن أمنه واستقراره، لذا فإن وصف "المتهور" الذي ألصق
بالأمير على أيدي المخابرات الألمانية يكشف عن المخاوف الألمانية.
إن
تفحص السيرة الذاتية للأمير محمد بن سلمان يشير إلى أنه بعيد كل البعد عن
مصطلح "المتهور"، ومن الجائز أن بالإمكان أن نطلق عليه مصطلح "الطموح " في
أعقاب تسلمه منصب وزير الدفاع في السنة الماضية، بيد أن التطرق إلى عمره هو
أمر مضلل. فالأمير حقا في الثلاثين من العمر، لكن تقف وراءه ثماني عشرة
سنة من الدراسة والمراقبة عن كثب لشؤون المملكة، ففي سن الثانية عشرة شرع
بالمشاركة في جلسات والده الذي كان آنذاك أميرا للرياض، لذا فإنه الآن وبعد
كل هذه السنوات الطويلة فإن مبادئ العائلة المالكة تتدفق في دمه، وهو بعيد
أن يكون الشاب "المهووس" مثلما يحاولون تصويره.
لقد
كان محمد بن سلمان حتى سنة واحدة مضت أحد أبناء العائلة المالكة، وفي
الوقت الذي اكتسب نسل أشقائه الكبار اسما على الساحة الدولية، فإنه لم
يتوجه حتى للدراسة في الخارج، بل درس في جامعة الملك سعود في الرياض وحصل
على ليسانس الحقوق. أما شقيقه من أبيه الأمير سلطان بن سلمان، فقد اكتسب
تقديرا كبيرا في الأوساط الدولية بوصفه رائد الفضاء العربي الأول، أما
شقيقه الآخر عبد العزيز فقد عمل نائبا لوزير النفط واعتبر ناجحا جدا. وقام
شقيقه الثالث فيصل بتطوير وظيفة أكاديمية رائعة في جامعة جورجتاون، ويعمل
حاليا رئيسا لولاية، مما يعني أنه كان على هؤلاء الأخوة أن يدفعوا إلى
واجهة الدولة وليس الشقيق الأصغر . بيد أن هذا لم يحدث. فبناء على التقارير
التي تراكمت عبر السنين على أيدي خبراء في العائلة السعودية المالكة، فإن
الأمر يتعلق بشاب جدي، لا يدخن، ولا يميل لحضور الاحتفالات،وهو جاد جدا .
إن
اختياره البقاء في السعودية وعدم السفر للدراسة في الخارج في إحدى
الجامعات المعروفة يدل على نيته التواجد قريبا من والده بالانتظار.
وليس
من المتوقع أن هذا ما هو متوقع أن يحدث في السعودية أيضا خلال السنوات
القادمة. فرحلة الأمير محمد للذروة مربوطة بوالده. ففي عام 2011 عين الأب
سلمان نائبا لولي العهد السعودي، وقد عمل على ضمان مكانته في المملكة وقد
تم تعيين ابنه محمد مستشارا شخصيا ملازما له. وفي غضون سنة أضيفت له وظيفة
جديدة ذات قوة كبيرة، حيث عين رئيسا للمحكمة الملكية. وسرعان ما اتضح أن
الطريق إلى الوالد تمر عبر الابن.
وفي عام 2015 ، حينما توفى الملك عبد الله وورثه الأمير سلمان، تعززت مكانة الأمير محمد.
ورغم
العمر، وربما بسببه قام الملك سلمان خلال أربعة أشهر فقط بتنفيذ سلسلة من
الخطوات التي أذهلت المملكة، فقد عين ابنه الأمير محمد نائبا لولي العهد
ووزيرا للدفاع، وأودع بيده شركة النفط السعودية "أرامكو" ا ، ونصبه رئيسا
على مجلس التطوير الاقتصادي الذي يسيطر على وزارات المملكة.
إن
عمر الأمير الشاب يصب في مصلحته في هذه الحالة، ففي الدولة التي يوجد فيها
نصف السكان تقريبا تحت عمر الثلاثين، فإن هذا العمر يعتبر بمثابة ميزة،
كما أن عادة دخول أية وزارة دون أي إخطار مسبق وفحص الملفات والسجلات يسهم
في شعبية الأمير محمد في أوساط الشبان، لقد تحول في غضون الأشهر القليلة
الماضية إلى نوع من الأسطورة. ورغم ذلك وجهت إلى الأمير في الأسبوع الماضي
انتقادات شديدة في أعقاب المقابلة الأولى من نوعها التي منحها للصحيفة
البريطانية أكونوميست، بسبب نيته إجراء إصلاحات اقتصادية والعمل بخطوات
تقشف على خلفية العجز الكبير جدا في السعودية. لقد تحدثت صحف غربية ومن
بينها تليجراف وإيندبندنت البريطانيتان في انتقاداتهما على "العقد
الاجتماعي غير المكتوب، والتي لا يوجد بناء عليه في دولة كالسعودية حقوق
مدنية، بيد أن هناك دعما حكوميا واسع النطاق للاقتصاد والصحة والتعليم ،
وكل ما ورد في هذا لتقرير نقلا عن صحيفة معاريف بتاريخ 15 - 1 - 2016 .
وأيا
كان رأي الصحيفة الأسرائيلية المذكورة بالأمير الشاب ، إلا أن الحقيقة
تقول بأنه يقف كالطود الشامخ في وجه المد الإيراني ، ويحظى باحترام ملايين
العرب من غير السعوديين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق