The western model is
brokenمترجم عن
للكاتب Pankaj Mishra
لقد فقد الغرب القدرة على تشكيل العالم وفق رؤيته الخاصة، كما تبين في
الأحداث الأخيرة، من أوكرانيا إلى العراق. فلماذا إذًا لا يزال يحاول إقناع العالم
بأن تطور كل مجتمع يجب أن يتم عبر النهج الغربي؟
“حتى الآن، يعتبر القرن الحادي والعشرين دعاية سيئة للنموذج الغربي”، وفقا
لكتاب “الثورة الرابعة” لجون ميكلثوايت وأدريان
وولدريدج. من الغريب أن يصدر مثل هذا الاعتراف عن اثنين من محرري الإكونومست، حاملة
راية الليبرالية الإنجليزية، والتي تصر دائما على أن العالم لا يمكنه تحقيق الازدهار
والاستقرار سوى من خلال النموذج الغربي. إنها تقريبا تخفي حقيقة أن القرن العشرين قد
ابتلي بالأمراض التي تجعل النموذج الغربي اليوم يبدو غير عملي، وتجعل المدافعين عنه
في حيرة من أمرهم. إنه القرن الأكثر عنفًا في تاريخ البشرية، ولم يكن أفضل دعاية للمتعصبين
للحضارة الغربية، أو كما سماهم اللاهوتي الأمريكي رينولدنيبور في ذروة الحرب الباردة
“، الذين ينظرون إلى الإنجازات الطارئة للغاية من ثقافتنا على أنها صيغة نهائية أو
معيار للوجود الإنساني “.
انتقد نيبور النظرية التي صبغت نظرتنا إلى العالم لأكثر من قرن من الزمان:
أن المؤسسات الغربية للدولة القومية والديمقراطية الليبرالية سيتم تعميمها تدريجيا
في جميع أنحاء العالم، وأن الطبقات الوسطى الطامحة التي أوجدتها الرأسمالية الصناعية
سوف تأتي بحكومات مستقرة، تمثل الشعب وقابلة للمساءلة. لقد وصف المفكر الروسي ألكسندر
هيرزن في عام 1862 الليبرالية العلمانية بأنها “هي الدين النهائي، ولكن كنيسته ليست
من العالم الآخر ولكن من هذا العالم”.لقد دافع العديد من المفكرين عن “الحلم الغربي”
و”القرن الأمريكي” حيث تتحرك السلع والوظائف والناس بحرية، كما حاول مفكرون أمريكيون
صرف أنظار العالم بعيدا عن فكرة الثورة الشيوعية فطرحوا الرأسمالية الاستهلاكية والديمقراطية
كبديل.
شجع انهيار الأنظمة الشيوعية في عام 1989 المزيد من المتعصبين، فقد قام
فرانسيس فوكوياما بتعديل الغائية الماركسية القديمة بدلا من التخلص منها في أطروحته
عن نهاية التاريخ، بينما تم الترويج لنظريات أكثر سذاجة تبشر بحتمية اتجاه العالم لتحقيق
الازدهار والاستقرار من قبل مؤيدي العولمة أمثال توماس فريدمان. يرى فريدمان أن من
يسعدهم الحظ فيكونوا من زبائن “ماكدونالدز” لا يحارب بعضهم بعضا.
ولكن هجمات 9/11 أجلت الاحتفال بميلاد عالم تحكمه الرأسمالية والنزعة
الاستهلاكية. لكن الصدمة دفعت بالعقول الساذجة إلى المزيد من التمسك بالعادات الفكرية
للحرب الباردة – من خلال الثنائية الفكرية: “العالم الحر” و”العالم غير الحر” – وضاعفت
الوهم القديم، فظنوا أنهم يمكنهم الآن زرع الديمقراطية الليبرالية بالقوة في المجتمعات
التي تأبى الانصياع لها طواعية. تساؤلات عن “صراع طويل” جديد ضد “الفاشية الإسلامية”
أيقظت العديد من منظري الحرب الباردة المتقاعدين، الذين أصبحوا يفتقدون محاربة الشيوعية.
إن النرجسية الفكرية لم يطفئها إدراك أن الهيمنة الاقتصادية قد بدأت في التحول عن الغرب.
فقد أعلن فريد زكريا في كتابه “عالم ما بعد أمريكا” أن نهوض بقية العالم ما هو إلا
نتيجة للأفكار والأفعال الأمريكية” وأن العالم “يسير على نهج أمريكا” فتصبح الدول
“أكثر انفتاحا وديمقراطية”.
عالم يحترق
لقد كشفت أحداث الأشهر الأخيرة زيف مثل هذه الروايات السطحية. فالصين،
على الرغم من تبنيها لاقتصاد السوق، تبدو أبعد عن الديمقراطية من ذي قبل. إن الزعماء
المستبدين وردود الفعل المناهضة للديمقراطية والتطرف اليميني أصبحت تحدد السياسات،
حتى في الدول الديمقراطية ظاهريا، مثل الهند وإسرائيل وسريلانكا وتايلاند وتركيا.
لقد ألقت فظائع هذا الصيف بالنخب السياسية والإعلامية في الغرب في بحر
من الحيرة، ولكن الهيمنة القوية لأفكارهم ساعدتهم على الهروب من التأمل العميق في الأمر،
فلا يزال بإمكانهم الادعاء بأن العالم يسير على خطى أميركا. لكن الصورة المثالية للغرب
والتي يسعون إلى إعادة تشكيل بقية العالم على غرارها قد تم تفنيدها من قبل العديد من
النقاد، من اليسار واليمين، في الغرب كما في الشرق.
لقد حذر هيرزن في القرن التاسع عشر من أن “جهلنا الكلاسيكي بالغرب الأوروبي
سوف ينتج عنه قدر هائل من الصراعات الطائفية والدموية”. لقد شكك هيرزن في رؤية التغريبيين
الليبراليين الذين يعتقدون أن روسيا لا يمكنها التقدم سوى بمحاكاة الأيديولوجيات والمؤسسات
الغربية. لقد اقتنع بسبب تجربته في المنفى أن الهيمنة الأوروبية المدعومة بالكثير من
الخداع الفكري وخداع النفس، لم تصل إلى “التقدم”.
لقد صدقت نبوءة هيرزن: فقد أسفر القرن التالي عن أكبر حمام دم في التاريخ:
حربين عالميتين، وتطهير عرقي شرس، حصدت عشرات الملايين من الضحايا. ورغم ذلك، فقد تبنت
النخب الحاكمة في عشرات الدول الجديدة التي ظهرت على أنقاض الإمبراطوريات الأوروبية
في القرن العشرين النموذج الأوروبي، وشرعت في السعي للثروة والسلطة على النمط الغربي.
اليوم، تجتاح الصراعات الدموية العالم الذي كان من المتوقع أن تحكمه الديمقراطية الليبرالية
والرأسمالية معا.
كتب روبرت كاغان في صحيفة وول ستريت جورنال عن إيمان المحافظين الجدد
أن أمريكا مضطرة لاستخدام “القوة الخشنة” ضد أعداء الحداثة الليبرالية الذين لا يفهمون
أي لغة أخرى، مثل اليابان وألمانيا في أوائل القرن العشرين، وروسيا اليوم. ولكن كاغان
لم يذكر أي مظهر من مظاهر القوة ينبغي على الولايات المتحدة أن تستخدمها ضد روسيا،
هل هي القنابل الحارقة، كتلك التي قصفت بها ألمانيا، أم النووية، كتلك التي قصفت بها
اليابان، أم النابالم الذي استخدم في أفغانستان، أم أن حملة “الصدمة والرهبة” في العراق
هي المثال الأفضل.
الخاسرون على المدى الطويل
إن إغراء تقليد النموذج الغربي المنتصر، كما كان يخشى هيرزن، كان دائما
أكبر من النزوع لرفضه. بالنسبة للكثيرين في المجتمعات القديمة والمعقدة في آسيا وأفريقيا،
التي رضخت تحت هيمنة البلدان الأوروبية الصغيرة جدا، فبدا لهم أن الشعوب يمكنها حشد
قوة جماعية غير مسبوقة من خلال الأنظمة الأوروبية الحديثة، مثل الدولة القومية والاقتصاد
الصناعي. في القرن الذي تلا الحروب النابليونية، تعلمت المجتمعات الأوروبية تدريجيا
كيفية نشر الجيوش الحديثة بشكل فعال، والتكنولوجيا، والسكك الحديدية والطرق والنظم
القضائية والتعليمية الحديثة وخلق شعور بالانتماء والتضامن، في معظم الأحيان عن طريق
تحديد الأخطار الخارجية والداخلية.
بحلول الأربعينات، تسببت النزعات القومية في أوروبا في الحروب الأكثر
ضراوة والجرائم الأكثر وحشية ضد الأقليات الدينية والعرقية في تاريخ البشرية. بعد الحرب
العالمية الثانية، اضطرت الدول الأوروبية إلى تصور علاقات سياسية واقتصادية أقل عدائية،
برعاية أمريكية وضغوط الحرب الباردة، مما أدى في النهاية إلى تكوين الاتحاد الأوروبي
لكن الدول القومية الجديدة في آسيا وأفريقيا كانت قد بدأت بالفعل في رحلتها
الخطرة نحو الحداثة، ضاربة عرض الحائط التنوع العرقي والديني وأساليب الحياة القديمة.
لقد يئس الآسيويون والأفارقة المتعلمون في المؤسسات ذات النمط الغربي من النخب التقليدية
بقدر ما استاءوا من الهيمنة الأوروبية على مجتمعاتهم، فسعوا إلى القوة الحقيقية والسيادة
في عالم الدول القومية القوية – والتي بدت وحدها القادرة على ضمان فرصة عادلة لهم ولشعوبهم
في القوة والمساواة والكرامة في عالم الرجل الأبيض.
إن فكرة التقدم العالمي من خلال الأيديولوجيات الغربية – الاشتراكية والرأسمالية
– تم نسفها في القرن الحادي والعشرين. إذا كنا نشعر بالفزع والصدمة من الاضطارابت العالمية
فذلك لأننا كنا نعيش في وهم أن المجتمعات الآسيوية والأفريقية ستصبح، مثل أوروبا، أكثر
علمانية وعقلانية مع تسارع في النمو الاقتصادي، وأن التجارة الحرة من شأنها أن تضمن
النمو الاقتصادي السريع والازدهار في جميع أنحاء العالم.
إن الظروف المواتية لنجاح أوروبا في القرن التاسع عشر لا تتوفر في البلدان
الكبيرة والمكتظة بالسكان في آسيا وأفريقيا. علاوة على ذلك، فإن الإمبريالية حرمتهم
من الموارد اللازمة لتحقيق التنمية الاقتصادية على النمط الغربي. كما أنها فرضت أيضا
الأيديولوجيات والمؤسسات المدمرة على المجتمعات التي كان لها أنظمة سياسية وبنى اجتماعية
خاصة بها.
والنتيجة هي حركات تمرد لا تنتهي ومكافحة حركات التمرد والحروب والمجازر،
وصعود هذه المفارقات التاريخية والمستجدات الغريبة والمتمردين الماويين في الهند والرهبان
في التبت، وإقبال الشباب العاطلين عن العمل على الانضمام إلى المنظمات المتطرفة، والبؤس
المتزايد الذي يدفع الآلاف من الآسيويين والأفارقة إلى رحلة محفوفة بالمخاطر إلى ما
يعتبرونه مركز الحداثة والنجاح.
ليس من المستغرب أن الدين في العالم غير الغربي لم يقهره طاغوت الرأسمالية
الصناعية. فالمؤسسات السياسية والاقتصادية والأيديولوجيات في أوروبا الغربية والولايات
المتحدة قد نشأت في ظل أحداث معينة – الثورات ضد سلطة رجال الدين والابتكارات الصناعية،
وتوطيد الرأسمالية من خلال الغزو الاستعماري – ولكن ذلك لم يحدث في أي مكان آخر. لذلك
أصبح الدين الرسمي – ليس فقط الإسلام، بل والهندوسية واليهودية والكنيسة الأرثوذكسية
الروسية والبوذية – متحالفا على نحو متزايد مع سلطة الدولة، بدلا من فصل الدين عن الدولة.
لكن المنظرين الغربيين خلال الحرب الباردة بشروا بانتشار الديمقراطية
الغربية. وهكذا، فإن قرونا من الحرب الأهلية والغزو الإمبريالي والاستغلال الوحشي والإبادة
الجماعية، والتي استعان بها الغربيون لبناء العالم الحديث، قد تم تجاهلها، وأصبح ينظر
لهم على أنهم الشعوب الديمقراطية الليبرالية المتفوقة التي يجب على الجميع أن يقتدي
بها.
ثمن التقدم
رغم إيمانه بتفوق الغرب، تفهم الكاتب الفرنسي المناهض للشيوعية ريمون
آرون أسباب تعثر عملية التحديث في بقية دول العالم، كما أوضح في كتبه، مثل “التقدم
وخيبة الأمل” (1968) و”أفيون المثقفين” (1955). يرى آرونأن الغرب هو صانع العالم الحديث
بابتكاراته السياسية والاقتصادية وأهدافه المادية، لكنه لم يتوانَ عن دراسة تأثير هذا
على العالم الحديث. فهو يرى أن الصراعات والتناقضات التي سببها السعي للحداثة قد أنهكت
المجتمعات الغربية لجزء كبير من القرن الماضي. فقد بدت المجتمعات الصناعية وحدها قادرة
على تحسين الأوضاع المادية، وتحقيق قدر من المساواة الاجتماعية والاقتصادية، لكن وعود
المساواة التي استخدمت لتجنب الاضطرابات الاجتماعية، كان من الصعب الوفاء بها.
ولكن إذا كانت بعض الدول الغربية قد حققت بعض المساواة المادية، بسبب
اقتصاد السوق والعمل المنظم والحرية السياسية، إلا أن الدول الأوروبية الأكثر نجاحا
قد حققت قدرا من النمو الاقتصادي قبل توسيع الحقوق الديمقراطية تدريجيا لتشمل أغلبية
السكان. يقول آرون “لم يمر أي بلد أوروبي بمرحلة التنمية الاقتصادية التي تشهدها الهند
والصين الآن في ظل نظام ديمقراطي.”
أما الدول الأخرى، فقد واجهت مصاعب إنشاء الدول القومية القوية وتلبية
مطالب الشعوب بالكرامة والمساواة في الوقت نفسه، مما جعل استنساخ التجربة الغربية فيها
أمرا غير مسبوق ومحفوفًا بالمخاطر.
لم تكن هناك العديد من الخيارات السياسية المتاحة أمام المجتمعات التي
فقدت مصادر السلطة التقليدية الخاصة بها أثناء الشروع في مغامرة جديدة لبناء الدول
القومية والاقتصادات الصناعية بروح علمانية مادية. فقد كان على هذه المجتمعات بناء
التوافق الاجتماعي والسياسي بأنفسهم لكي لا يفرض عليهم بالقوة، أما الفشل فكان سيدفع
بهم إلى حالة من الفوضى العنيفة.
الدولة تحت الحصار
إذا ما طبقنا تحليلات آرون على العديد من الدول القومية التي ظهرت في
منتصف القرن العشرين، فسوف يشعر الحالمون بطفرة ديمقراطية ليبرالية رأسمالية في جميع
أنحاء العالم بالحرج. فقد رافق الازدهار الاقتصادي الرأسمالي السريع، في العديد من
الحالات، حرمان من الحقوق الديمقراطية والحريات الفردية.
فبعد الأزمة العالمية الحادة في ثلاثينات القرن العشرين، عانت الرأسمالية
تراجعا في الشرعية، وأصبح النمو الاقتصادي المخطط والمحمي هو السبيل لتحقيق العدالة
الاجتماعية والمساواة بين الجنسين في الكثير من دول العالم غير الغربي. فقد اكتشفت
الدول التي تكافح بالفعل ضد الحركات الانفصالية من جانب الأقليات العرقية والدينية
أن أخلاقيات الرأسمالية تشكل خطرا آخر على وحدتها الداخلية.
أما الصين، والتي كانت من المجتمعات الأكثر مساواة في العالم، فتشهد الآن
تفاوتا في الثروة أكثر من الولايات المتحدة – حيث يمتلك 1٪ من سكانها ثلث الثروة القومية،
وقد كافحت العديد من الدول القومية “الديمقراطية”، مثل الهند، وإندونيسيا، وجنوب أفريقيا،
للحفاظ على التوافق الوطني في مواجهة حتمية خصخصة الخدمات الأساسية مثل المياه والصحة
والتعليم.
فكان على النخب المستفيدة من الرأسمالية العالمية ابتكار أيديولوجيات
جديدة لجعل سيطرتهم تبدو طبيعية. وهكذا، شهدت الهند واسرائيل، التي بدأت باعتبارها
دولا ملتزمة بالعدالة الاجتماعية، إعادة تشكيل جذري لمُثُلِها التأسيسية بسبب تحالف
الليبراليين الجدد مع القوميين، الذين يحاولون الآن الدفع برعاياهم للولاء لـ “الدولة
يهودية “و” الأمة الهندوسية “.
مرآة محطمة
علينا أن نولي مزيدا من الاهتمام للخصوصية التاريخية والتفاصيل، فنتساءل
لماذا فشل بناء الدولة في أفغانستان والعراق فشلا ذريعا بينما ساعدت اللامركزية استقرار
إندونيسيا، أكبر بلد مسلم في العالم، بعد فترة طويلة من الحكم الاستبدادي المدعوم من
الطبقة المتوسطة. علينا أيضا الاعتراف بأن العراق قد يتمكن من تحقيق قدر من الاستقرار،
ليس من خلال إحياء مشروع الدولة القومية المحكوم عليه بالفناء، ولكن من خلال العودة
إلى مؤسسات اتحادية، على الطراز العثماني، لإتمام عملية انتقال السلطة وضمان حقوق الأقليات.
على أية حال، فإن المشككين في التقدم على النمط الغربي ليسوا فقط سكان
المجتمعات المهمشة ونشطاء البيئة الغاضبين، فحتى البنك الدولي قد اعترف الشهر الماضي
أن الاقتصادات الناشئة – أو “جزء كبير من الإنسانية” الذين سماهم بيلي “الخاسرون على
المدى الطويل” – قد يضطرون إلى الانتظار لثلاثة قرون من أجل اللحاق بركب الغرب. في
تقييم الأكونوميست، والذي ألغى بلا رحمة التوقعات المتفائلة المحببة للاستشاريين والمستثمرين،
فإن طفرة النمو السريع في العقد الأخير ستتسبب في إفقار المليارات من الناس لفترة أطول
مما كان متوقعا منذ بضعة سنوات.
إن الدول غير الغربية نفسها لم تكرر سيناريوهات العنف والمعاناة الغربية
وحسب، بل هي تساعد أيضا على إلحاق الضرر بالبيئة – كما يتضح اليوم في ارتفاع منسوب
مياه البحر والجفاف وانخفاض المحاصيل والفيضانات – مع عدم وجود احتمال حقيقي لها للحاق
بركب الغرب.
كيف يمكننا الخروج من هذا المأزق؟ اكتشف آرون بنفسه التناقضات الصارخة
للفلسفة الغربية مما أدى به للانضمام إلى العديد من المفكرين في الشرق والغرب الذين
شككوا في أن زيادة النمو الاقتصادي يعتبر غاية في حد ذاته. لقد كانت هناك تصورات عديدة
للحياة السعيدة قبل أن تصبح النفعية البحتة، التي قننت الجشع والعبودية وساوت بين الحرية
الفردية والنزعة الاستهلاكية، هي مبدأ الكثير من مفكري النخبة.
حتى باراك أوباما الذي كافح من أجل التمسك بسياسة حكيمة،
فقد شن حربا مفتوحة أخرى بعد أن هوجم لكونه ضعيفا. من الواضح أن النخب الأنجلو-أمريكية
التي تتمتع بالرفاهية جراء تبنيها لسياسات أوائل القرن العشرين، عندما كان الغرب الليبرالي
الديمقراطي يسحق ألد أعدائه، سوف تستمر في البحث عن المزيد من الأعداء لإبادتهم. أما
باقي الناس، فعليهم أن يعيشوا في القرن الحادي والعشرين، ويمنعوه من أن يصبح قرنا فاسدا
مثل سابقه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق