الاثنين، 5 يناير 2015

مخرجة سعودية تتحدى قيود الحريم

تتحدث المخرجة السعودية عهد كامل في هذا اللقاء مع موقع "قنطرة" حول أحدث أفلامها بعنوان "حرمة"، والذي يعالج قضية اجتماعية تعتبر من المحرمات في المملكة العربية السعودية ويحاول كسر القيود المفروضة على النساء هناك. 
يحكي فيلم "حرمة" قصة الأرملة السعودية الشابة أريج التي يموت زوجها وهي حامل وتفعل كل شيء من أجل حماية جنينها، كتبت سيناريو هذا الفيلم وأخرجته الممثلة والمخرجة السعودية عهد كامل التي تلعب أيضا دور أريج الشخصية الرئيسية في الفيلم، إيغال أفيدان أجرى معها الحوار التالي.
ما هي القدسية التي يشير إليها عنوان فيلمك "حرمة"؟
يشير إلى قدسية الحياة التي نسيناها لأننا في المملكة العربية السعودية مشغولون دائما بالقدسية والشرف وعدم المساس بالمرأة. ويتناول الفيلم كل هذه الأشياء وكذلك موضوع الغش، لأن النساء أصلا يتعرضن للاستغلال من قبل الرجال فقواعد السلوك التي تفرضها السلطة على الناس شمولية وتبتعد عن الواقع.
والفيلم يتناول خصوصا نقاط قوة المرأة. وعنوان الفيلم مقصود به السخرية لأن "الحرمة" تظهر أن المرأة ينبغي أن تكون دائما شخصا له قدسية. وهذا هو السبب الذي لأجله يغطيها الرجال ويتحفظون عليها في المنزل لكي يحموها. لكن تعاملهم مع المرأة بهذه الطريقة لم يعد مجدياً.
إلى أي مدى يعكس فيلمك مشكلات النساء (وخصوصاً إنْ كُنّ عزباوات أو مطلقات أو أرامل) في السعودية اليوم؟
المشكلة الرئيسية هي أن كل امرأة يجب أن يكون لها وصي من الرجال، يحدد لها حياتها ويقرر لها كل شيء. والنساء في السعودية تابعات للرجال وهذه مسألة محبطة للغاية.
مشهد من فيلم حرمة حيث تمنع المرأة من قيادة السيارة في السعودية
لقد رجعتِ إلى بلدك بعد سنوات عديدة قضيتِها في الولايات المتحدة الأميركية، فما هي أكبر العقبات التي واجهتِها كامرأة مستقلة؟
نظام الوصاية الذي يرى أن المرأة في حاجة إلى وصيّ رجل: سواء كان الأب أو الزوج أو الأخ، فهؤلاء هم من يعطون الإذن للمرأة بالسفر أو حتى مجرد الذهاب للتسوق.
بل إن المرأة لا يسمح لها بقيادة السيارة، فإذا استيقظتُ في الصباح وأردتُ شرب شيء ما في إحدى المقاهي فعليّ أن أنادي سائقاً ليحضرني إلى هناك.
في نيويورك كنتُ مستقلة وبإمكاني الذهاب حيثما شئت، والآن على العكس إذ يجب علي دوما انتظار سائقي وكأننا نعيش في القرن الخامس عشر الميلاديّ!
عُدتُ إلى بلدي في عام 2011. أنا أعيش وحدي، وأنا امرأة مطلقة، وقد مات والدايّ، لذلك فقد أصبح أخواي أوصياء عليّ، ولا يمكنني إتمام أي شيء بدون أحدهما.
وأنا محظوظة لأنهما (الأخوين) يدعمانني، وهذا ما يقلّل من الإحباط لدي، مقارنة بالنساء اللاتي ينحدرن من بيئة أقل تميزا وليس لديهن إمكانيات مالية.
كامرأة مطلّقة، هل كان عليك اجتياز العقبات الصعبة نفسها التي واجهتها أريج في الفيلم؟
زوجي كان مواطناً أمريكياً، وقد وقع الطلاق في أمريكا وهذا يجعل وضعي الشخصي مختلفاً تماما.
لكن بعض صديقاتي السعوديات اللواتي أردن الطلاق أُجبِرن على البقاء لدى أزواجهن لمدة سنوات عديدة وعلى دفع أموال من أجل الحصول على حريتهن من جديد.
مشهد آخر من فيلم حرمة الذي عرض في مهرجان برلينالة لهذا العام
كيف نشأت فكرة فيلم "حرمة"؟
غادرتُ السعودية حين كنتُ في السابعة عشرة من عمري ودرستُ الإخراج السينمائي والتمثيل في نيويورك.
وقد سألني المنتج "جيروم" في عام 2011 إنْ كان بإمكاني كتابة سيناريو للفيلم. وقد أردتُ كتابة شيء عن وضع نساء سعوديات أعرفهن من خلال تجاربي الشخصية.
هل تم تصوير الفيلم في السعودية؟
نعم. وقد عدت إلى بلدي لأجل تصوير الفيلم وعرفت الفرص التي أتيحت لي، لأنني كنت فريدة من نوعي بينما في نيويورك كنت انتهي من شرح لأدخل في آخر وكان يجب علي أن أشرح للأمريكان ثقافة مختلفة تماما.
لكن العودة إلى الوطن أخذَت منحى في منتهى الصعوبة، فقد شكّلت لي صدمة ثقافية حقيقية، لكنها كانت أيضا مثيرة للاهتمام.
فقد شعرت أنني حية من جديد لأن أشياء كثيرة تغيرت في المنطقة. السعودية لم تعد على القدر ذاته من العزلة التي كانت عليه من قبل. ويوجد فيها حاليا حركة فنانين ومن الجميل أن أكون جزء منها.
وكان التحدي الأكبر بالنسبة لي هو تصوير الفيلم كله في سبعة أيام فقط، وتمثيل الشخصية الرئيسية فيه والقيام بعملية الإخراج والعمل مع أشخاص كثيرين كانوا يعملون في الإنتاج التلفزيوني ولكنهم لم يعملوا من قبل في الإنتاج السينمائي.
هل واجهت عقبات مع الرقابة؟
كلا. لقد صورتُ الفيلم الذي كنت أريد تصويره. فبمجرد خروج الشخص وتتبعه لهدف معين يتأكد له أنهم لا يقفون عائقا على عكس ما كنتُ أتخيل في البداية.
في الواقع ليس لدينا حتى الآن لجنة مراقبة للأفلام ليتوجب علينا تقديم طلب إلى وزارة الثقافة للحصول على موافقة بالتصوير.
وأعتقد أنهم (في الوزارة) لم يفهموا حتى ما كنا نفعله، ولهذا فقد كنا محظوظين. طلبوا منا الكتاب (السيناريو) وقدمناه لهم وأعادوه لنا دون أية تغييرات.
السعوديات ممنوعات من التنقل دون محرم حتى يبلغن من العمر 60 عاما.
ما هي التابوهات التي يحطمها الممثلون على شاشة العرض؟
وجود شخص غريب في المنزل حتى ولو كان شخصاً في مرحلة المراهقة هو من التابوهات الشديدة، وتجارة المخدرات تابو آخر، وامرأة تغادر بيتها أثناء العدة، التي تتوقف مدتها على مدى تمسك العائلة بالتقاليد ويمكن أن تمتد إلى أربعة أشهر وعشرة أيام. والشخصية الرئيسية في الفيلم تغادر بيتها لأنه يجب عليها أن تنفق على نفسها بنفسها.
الفيلم بأكمله تابو. لكني أحاول أن أبين أن قرارات أريج كانت هي أفضل حل بالنسبة إليها. لقد قمت بتصوير الفيلم لتحليل المجتمع الذي يحاول الحفاظ على العيش بشكل إسلامي محض لكنه لا يلتزم بقواعده. فمثلاً لم يعد الرجل وحده هو العائل. نحن نعيش في عالم معاصر وفق قواعد زمن غابر.
المراهق في الفيلم "علي" هو مهاجر غير شرعي من اليمن، فهل الهجرة غير الشرعية مشكلة في السعودية؟
إنها مشكلة عويصة. فلدينا عدد كبير من المهاجرين غير القانونيين الذين يأتون لأجل الحج في مكة وفي النهاية يبقون في البلد، لكني أتحدث عن مهاجرين آخرين يعيشون هنا بطريقة غير شرعية منذ أمد بعيد، وهم ليس من حقهم إنجاب أطفال ولا حتى دخول المستشفيات لأنهم سيتعرضون للترحيل، ونحن نسمي الواحد منهم بأنه "مجهول"، أي أنه إنسان بلا هوية.
هل يُعرَض الفيلم في السعودية أيضا؟
نعم في عروض خاصة، لكنه لا يعرض بشكل علني، لأننا (في السعودية) ليس لدينا دور سينما أو مسارح (تقول عهد ذلك وهي تضحك).
حتى نهاية السبعينيات كانت هناك أعمال موسيقية وأعمال مسرحية متطورة. والصحوة الإسلامية هنا كانت نتيجة اقتحام المسجد الحرام في مكة (أحداث حصار مكة أو احتلال الكعبة في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني) بعد وقوع الثورة الإسلامية في إيران عام 1979.
فقد ادعى عدد من المتشددين المسلحين أن العائلة الملكية لا تطبق الشريعة بصرامة كافية فقاموا باحتلال الحرم المكي لمدة أسبوعين. ومن أجل تهدئتهم قامت السلطات السعودية بفرض قوانين إسلامية صارمة. فأغلقوا دور السينما وأجبروا النساء على تغطية وجوههن.

ليست هناك تعليقات: