فضيحة : صفقة “رواتب حماس” مقابل “خطة سيري”!
منذ فترة زمنية، نشرت وسائل الاعلام كافة، وبكل اللغات الحية، ما عرف
اعلاميا بـ"خطة سيري" حول شروط سبل اعادة اعامار قطاع غزة، وهي التي تتضمن
نقاطا غاية في الدقة والوضوح حول رقابة كل كيس اسمنت أو مسمار وكمية حديد
ولوح خشبي ستدخل الى القطاع، ورغم أن السيد المحترم روبرت سيري، ممثل الأمم
المتحدة وسويسري الجنسية، لم يترك مجالا للغموض وسوء الفهم في نصوص خطته،
الا أن حركة "حماس" اكتفت بالصمت حينا، وتجاهل الحديث عن ذلك "الاتفاق
الثلاثي" بين السلطة ودولة الكيان والأمم المتحدة حول تلك الخطة، أو اصدار
أو اكتفاء بعض قيادات حماس غض الطرف عن معارضتها، لتصل الى موافقتها عليها
تحت ذريعة "عدم الوقوف عقبة أمام اعادة اعمار قطاع غزة"..
قد يبدو ذلك الموقف "منطقيا"، خاصة وأن مواد البناء الداخلة لن تستخدم الا
من أجل الغرض التي ستدخل من اجله، لكن الحقيقة أن كل ما قيل قبل ذلك، كان
نقيضا لهذا "الاعتدال المفاجئ"، بل ان غالبية قيادات حماس وناطقيها رفضوا
كليا مبدأ "الرقابة والتفتيش الدولي" على إدخال مواد الإعمار، ليس لكونها
ستخالف "شروط اعادة الإعمار"، بل أن الرقابة الخارجية وارسال مراقبين
دوليين الى قطاع غزة، فقط لمطاردة اكياس الإسمنت والحديد والمسامير يشكل
اهانة سياسية لأهل القطاع، الذين لم يجدوا مراقبا واحدا يقوم باحصاء لعدد
الصواريخ والقذائف التدميرية التي طالت الحجر والبشر، بل لم يسمع أحد قبلا،
لا من قادة السلطة وحكومتها "الموقرة جدا، ورئاستها وناطقيها من دعا
لارسال مراقبين خلال الحرب العدوانية على القطاع..
ولذا لا يحق لحماس أن تبرر مساومتها وتنازلها، أو بالأدق استسلامها
للموافقة على "خطة سيري" بذريعة "المصلحة الوطنية" أو "العقلانية
المفاجئة"، وكان الأشرف لها أن تصارح أهل القطاع أولا، والشعب الفلسطيني
ثانيا، انها أجبرت على موافقة خطة "عد الأكياس وكتم الأنفاس" المفروضة على
القطاع وأهله، من أجل تمرير صفقة أخرى، صفقة ادخال الأموال القطرية لتسديد
رواتب الحركة وموظفيها في غزة، مقابل الموافقة على تلك الخطة المهينة..
صفقة مقابل صفقة..المال مقابل الرقابة، ذلك باختصار ما كان، خاصة بعد أن
انكشفت حقيقة التصريحات الأخيرة للوزير الأول الحمدالله، عن وجود "جهة
دولية" لدفع رواتب موظفي "حماس"، ولأن العالم بات اصغر كثيرا مما يعتقد
"المتذاكون" على شعبهم، كشفت وسائل الاعلام عن وجود صفقة قادتها سويسرا
وتوصلت الى أن يقوم، ايضا، روبرت سيري صاحب خطة الرقابة والتفتيش
والمطادرة، بايصال الأموال القطرية الى قطاع غزة، كي يتم دفع الرواتب
الحمساوية..
هل يظن قادة حماس، أن هذه الصفقة متماثلة، وهل حقا قطاع غزة واهله باتوا
"رخصاء" الى هذا الحد والمستوى، بعد كل التطبيل والتزمير عن البطولة
والتضحية والفداء، واحتضان "المقاومة" و"جيشها الشعبي الجديد"..لماذا تصر
هذه الفئات بالكذب والتضليل على شعبها، والى متى تعتقد أن الخداع سبيلا
لتمرير صفقات مشبوهة، وهل بات الاتفاق بين طرفي الأزمة الوطنية على اهانة
قطاع غزة، باستخدام تلك الاساليب الدونية، كل يستغل المال لاذلال القطاع
وأهله..
هل يمكن اعتبار تمرير صفقة "التوافق الأخيرة" في القاهرة دون تمحيص وبالقفز
عن مختلف القوى الوطنية كان جزءا من صفقة "المال مقابل الرقابة"..
ما يحدث شيء لم يكن يخطر على بال فلسطيني، وبالقطع على اي من أهل القطاع،
ولعل الشاكين والصارخين بتلك الاجراءات التي اتخذها الوزير الأول ضد أهل
القطاع، بات واضحا أنها جزءا من تلك الصفقة لـ"اهانة قطاع غزة وأهلة"
وكأنها خطة عقاب وتأديب لهم على ما فعلوه من كسر كبرياء دولة الاحتلال..
وصمت حماس عليها كشف المستور..
وبعد أن افتضح أمر تلك الصفقة بين قطبي الأزمة، يبرز سؤالا يحتاج الى
توضيح يتعلق بموقف حركة الجهاد الاسلامي التي كانت ضلعا فاعلا ومؤثرا خلال
مواجهة العدوان، واحتلت مكانة مرموقة واحترام غير مسوبق لسلكوها
وموقفها..لماذا تنأى قيادتها عما يحدث من صفقات على حساب شعب فلسطين وأهل
القطاع..لماذا لا تعلن موقفها من هذه الصفقات المشبوهة، أم انها توافق
عليها بالصمت الخجول..
هل تتمكن القوى الفلسطينية الرافضة للصفقة المشبوهة ان تقود حملة لاسقاطها،
ام انها تحولت الى قوى مكبلة..عاجزة بلا حول ولا قوة، عندها يصبح البحث عن
"قوة مختلفة" أو تشكيل "تيار وطني جديد" ضرورة سياسية للتصدي لما يحاك ضد
فلسطين وشعبها من "مؤامرات وصفقات" لحسابات خارج النص الوطني..
ملاحظة: الرئيس عباس كشف عن تعرضه لتهديد قبل القاء خطابه المثير.. ليته
يكشف طبيعة التهديد ومن قام به..مصارحة الشعب سلاح لا بعده سلاح سيادة
الرئيس..
تنويه خاص: الفوضى في التصريحات وصلت الى قيادات حماس..ما يقرأ كلامهم حول موعد صرف رواتب موظفيهم يكتشف أن الفوضى كانت حاضرة!
المصدر : شبكة فراس - حسن عصفور
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق