الخميس، 2 أكتوبر 2014

نكزات الحياة .. حلم طاحونة النمل هشام بكر



الثورة أنثي و النملة أنثي العلماء حديثاً اكتشفوا أن أنثى النمل هي التي تتولى مهمة التحذير عند اقتراب أي خطر. فالله تبارك وتعالى قال: {قَالَتْ نَمْلَةٌ} بالمؤنث، وعندما بحث العلماء أكثر وجدوا أن عالم النمل له حياته الخاصة، وله مجتمعاته، وهو أمة قائمة بذاتها، مثل الأمم من البشر: {قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ} فالنمل يتكلم وهذا ما كشف عنه العلماء حديثاً.


و في دفقات الثورة المصرية 25 يناير و 30 يونية تصدرت المرأة المشهد و اختارت بغريزتها الأصلح و ناضلت ضد معاول الفناء علي غرار أنثي النمل .


قال العلماء : إن النمل يصدر روائح يتخاطب بها. وقالوا أيضاً: هناك موجات كهرطيسية يصدرها دماغ النملة وتتخاطب بها مع الآخرين على مسافات بعيدة طبعاً. ولكن الاكتشاف الجديد أن خلايا النمل تطلق ترددات صوتية في المجال الذي نسمعه، وجزيئات


DNA


داخل خلايا النمل أيضاً تصدر هذه الترددات الصوتية، ولذلك فإن الله تبارك وتعالى أعطى لسيدنا سليمان قدرة تضاهي قدرة الأجهزة الذرية التي يستخدمها العلماء اليوم لالتقاط هذه الإشارات وتكبيرها وتضخيمها والاستماع إليها.


وهنا نحن أمام معجزة قرآنية عندما حدثنا الله تبارك وتعالى عن قول النملة {قَالَتْ نَمْلَةٌ} إنما يحدثنا عن حقيقة اكتشفها العلماء حديثاً، وعندما يقول تبارك وتعالى: {قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ} فكلمة {مَسَاكِنَكُمْ} كلمة دقيقة علمياً، لأن عالم النمل يبني مسكناً بكل معنى الكلمة، حتى إن علماء الغرب اليوم، يقولون إن النمل مهندس بارع جداً في البناء، فعندما يبني مسكنه يبنيه في مكان مناسب جداً ويرفعه قليلاً ليتقي به شر الأمطار، ويصنع لهذا المسكن فتحات للتهوية.


ويقول العلماء بالحرف الواحد: "إن المهارات التي يتمتع بها النمل من حيث بناء وهندسة البيوت تجعله يتفوق على الإنسان، قياساً لحجم النملة، فإن النملة أقوى من الإنسان بمئة مرة على الأقل".


وإذا تأملنا عالم النمل نلاحظ أن هنالك الكثير من الأسرار ولذلك فإن سيدنا سليمان عليه السلام ماذا قال عندما رأى هذا الموقف ؟ قال: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ}.... [النمل: 19].


هكذا ينبغي على كل عاقل عندما يرى آية من آيات الله، سيدنا سليمان رأى هذه الآية أمامه: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي} أي يا رب أعني وألهمني {أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ} أن أريتني هذه الآيات.


و هنا يجب علينا التدبر و ندرك التجارب الناجحة في البناء ما دمنا نسعي لبناء الوطن و نتتبع خطوات طاحونة النمل في العمل .

 

هنالك نوع من النمل يسمى النمل العسكري أو الفيلقي بسبب طريقته في الغذاء والإنتقال, حيث تتنقل مجموعاته في أسراب مزدحمة حيث يصل عدد النمل في كل سرب حتى 200 ألف نملة. ويقوم هذا النوع من النمل بسلوك يعد واحده من أغرب الظواهر الطبيعية حيث يدور النمل احيانا حول نفسه في دوامة حتى يقع ويموت من الإنهاك, في ظاهرة يطلق عليها إسم طاحونة النمل أو دوامات الموت, و هذه الدوامات تظهر لمشاهدها للوهلة الأولى, كما لو إنها طقوس إنتحار ! ولكنه في الحقيقة سلوك العمل في جماعات للبقاء الأصلح .

السلوك الجماعي لدى البشر هو سلوك يشبه في الكثير من جوانبه سلوك النمل هذا, حيث اننا كائنات اجتماعية و نميل كثيرا الى الانصياع للجماعة لاداء طقوس مشتركة حتى نصل الي النجاح و البناء حتي لو ضحي جيل بنفسه لبناء أجيال أبناءه القادمة ، فاننا لا نضع سلوكنا في العادة موضع مسائلة و اختبار. نحن نجد صعوبة في قطيع المصالح  و التوقف قليلا للتامل حولنا و اذا ما كان هذا الذي نفعله يفضي الى نتائج ليست في صالحنا بل اننا نسير و نبحر في اتجاهات متعاكسة في سفن المصالح فيبتعلنا بحر الدوامات الهائج . هذا الامر يمكن رؤية تجلياته الواضحة مثلا في طريقة لبسنا و ادائنا للتحية على سبيل المثال و في الكثير من عاداتنا. نحن نتشبه و نتعلم في العادة من اقراننا البشر  من رابطات صنعنها حولنا الذين نعيش بينهم منذ الطفولة و نتدرب على الانصياع لما هو شائع و نعيد انتاج الماضي.

الامر يكون اكثر تعقيدا عندما نتحدث عن الافكار و القيم الاجتماعية التي نحملها, فهي الاخرى نتعلمها من البيئة التي نعيش فيها و خلقنخا حولنا . و برغم الاختلاف الظاهري في مواقفنا الفكرية فانها في العادة تتشابه في جذورها و في ما هو مشترك بيننا على شكل عقد اجتماعي صارم التعاليم يبرمج ذهننا بقوة و يهذب تفكيرنا اليه باصابع خفية لا يمكننا الافلات منها. فالعمل و السوق و الفقر و الربح و الواجبات و طريقة الحياة عموما بكل تفاصيلها هي اشياء لا يختلف عليها البشر في العادة و تتمتع بنفس القدسية التي لدى النمل. و عندما يقودنا سلوكنا الاجتماعي هذا الى مشاكل تتهدد حياتنا فاننا في العادة لا نتعلم  طريقة النمل فلا نغير سلوكنا لانهاء المشكلة و اعادة ترتيب الامور لاصلاحها بل نواصل السير على الخطا ليس لسبب اخر فقط لان الجميع يفعل ذلك. نحن نرى في مشاكلنا وكانها افرازات طبيعية للحياة تفرضها علينا قوى خارجية و لا نراها كما هي في الواقع نتاجات سلوكنا نحن. فنواصل السير على اساليبنا القديمة و نفشل مرارا و تكرارا و ندور حول دوامة الموت بشكل ساخر حتى يصبح المجتمع باسره منهكا لان الحلقة التي ندور فيها مفرغة و لا توصلنا الى اي مكان اخر طالما ان الواحد منا يتبع الاخر دون تفكير مستقل.

لاجل الخروج من دوامات الموت التي نعيشها لا بد من يقظة و من رؤية البشر لهذه الدوامات و لابد لنا ان نخرج عن دائرة قطيع المصالح و نتوقف قليلا لتامل حياتنا من خارج الدوامة لنكتشف المخارج. عندما نخرج من دوامة الفصائل إلي طاحونة النمل التي تعمل حتي الموت للبناء نكتشف سلوكنا العبثي و يكون بمقدورنا تغييره و سيكون علينا مساعدة الاخرين للخروج من هذا الانتحار الجماعي الذي نعيشه نحن لا طاحونة النمل كما يعتقد البعض .

 

ليست هناك تعليقات: