السبت، 1 يونيو 2013

صيف التمرد الحار يجتاح مصر طوال العام هشام بكر



نظراً للاقتصاد المحتضر وأزمات الوقود والغذاء ونقص الفرص السياسية، تمر مصر بصيف مضطرب ومن المرجح أن تستمر الظروف في التدهور بعد ذلك. وفي الوقت الذي ينبغي فيه على واشنطن أن تشجع القاهرة على إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية ضرورية، التي من شأنها أن تلطف الأجواء وتحسن مستوى الحوكمة، ينبغي على إدارة أوباما أن تركز على المحافظة على المصالح الاستراتيجية الحساسة في حال تجدد الاضطرابات.
حالات النقص خلال فصل الصيف
منذ اندلاع الثورة المصرية عام 2011، أضعف استمرار الضباب السياسي والأمن الداخلي الذي ينهار يوماً بعد يوم من الاستثمار الأجنبي وأضر بصناعة السياحة التي كانت نشطة في هذه البلاد من قبل. ووفقاً لوزارة الداخلية، شهد العام الماضي زيادات قدرها 120 في المائة في جرائم القتل، و 350 في المائة في عمليات السطو، وقفزة في عمليات الخطف قدرها 145 في المائة. وقد انخفض احتياطي النقد الأجنبي من نحو 36 مليار دولار في زمن الإطاحة بحسني مبارك إلى 14.42 مليار دولار في نهاية نيسان/أبريل 2013، إلى جانب وديعة ليبية بمبلغ 2 مليار دولار في أواخر شهر آذار/مارس مما يُضخم الرقم الأخير. وفي الوقت نفسه، ووفقاً لصحيفة "فاينانشال تايمز"، ارتفعت فاتورة رواتب القطاع العام في مصر بنسبة 80 في المائة منذ الانتفاضة لتصل إلى 25 مليار دولار سنوياً؛ وقد تم إضافة400,000  وظيفة حكومية، كما سيتم تثبيت400,000  وظيفة إضافية بحلول نهاية حزيران/يونيو.
إن هذا الجمع بين الاحتياطيات المتقلصة والنفقات المتزايدة يهدد قدرة الحكومة على استيراد القمح والوقود الذي تبيعه بأسعار مدعومة. كذلك أثر نقص الوقود وأزمة السماد على إنتاج القمح المحلي، الذي لن يصل على الأرجح إلى الهدف الذي وضعته القاهرة بإنتاج 9.5 مليون طن -- وهو مثال قياسي يهدف إلى تقليل اعتماد مصر على الواردات الأجنبية. كما أن أزمة الوقود قد زادت من انقطاع الكهرباء بشكل معتاد (بما في ذلك عدة مرات في يوم واحد كما حدث في مطار القاهرة الدولي)، وأن المناطق الريفية تُبلِغ عن انقطاع في المياه. ومن المتوقع أن تزداد هذه المشاكل سوءاً مع تشغيل المصريين لمُكيفاتهم خلال فصل الصيف، وسوف يصبح الوضع غير مريح بصورة خاصة مع بداية شهر رمضان في أوائل تموز/يوليو، عندما يقوم حوالي 90 في المائة من السكان بتأدية شعائر الصوم خلال ساعات النهار لمدة شهر من الزمن.
ومن الناحية التاريخية، أدت أزمات نقص القمح وتخفيض الدعم إلى إشعال احتجاجات عارمة في مصر، مثل "انتفاضة الخبز" عام 1977 والمظاهرات التي صاحبت أزمة الغذاء العالمية عام 2008. وفي الواقع، أن أزمات الوقود قد أسفرت بالفعل عن قيام احتجاجات متقطعة على صعيد البلاد منذ آذار/مارس. ورغم أن هذه المظاهرات كانت صغيرة نسبياً حتى الآن، إلا أن انقطاع التيار الكهربائي في وقت الصيف -- والذي يثير الانزعاج الشديد من البقاء في المنازل -- قد يجبر المزيد من الناس على النزول إلى الشوارع.
بيئة سياسية قابلة للاشتعال
منذ نوفمبر 2012 عندما أكد الرئيس محمد مرسي عملياً على استئثاره بالسلطة المطلقة تقريباً وانطلق في عملية دستورية يهيمن عليها الإسلاميون وعمله على إقرارها بسرعة، احتجت المعارضة من غير الإسلاميين في مصر على السلوك الاستبدادي الذي تتبعه الحكومة برئاسة جماعة «الإخوان المسلمين» وأخذت تزيد من الطعن في شرعيتها. وبالنسبة لكثير من النشطاء، فإن استخدام «الإخوان» للعنف ضد المحتجين من غير الإسلاميين في 5 كانون الأول/ديسمبر مثّل نقطة اللاعودة؛ وقد أدى انتهاك «الجماعة» لحرية الإعلام (مثل محاكمة الصحفيين الذين وجهوا الانتقاد لمرسي) في وقت لاحق إلى قيام البعض بمطالبة الجيش بالعودة إلى السلطة.
وآخر إعادة لهذه الحركة هي حملة استمارات "التمرد" التي أطلقها نشطاء المعارضة في 1 أيار/مايو. وتسعى هذه الحملة إلى "سحب الثقة" من مرسي وحشد الجماهير لدعم فكرة إقامة انتخابات رئاسية مبكرة من خلال التركيز على جوانب مظلمة معينة بما فيها انعدام الأمن المتواصل، والفقر المستمر، و"تبعية مرسي المزعومة للأمريكان". وفي حين لن تفي هذه الاستمارة بالخمسة عشر مليون توقيع التي يأمل مؤيدو الحملة بجمعها بحلول الذكرى السنوية الأولى لتنصيب مرسي في 30 يونيو، إلا أن حقيقة حصولها بالفعل على نحو 2 مليون توقيع تُشير إلى حالة منتشرة من الإحباط، وقد يبرز 30 يونيو كتاريخ رئيسي للاحتجاجات.
ولم تؤدي استجابة «الإخوان» لهذه التحديات السياسية سوى إلى تفاقم الوضع، وعلى ما يبدو أيضاً إلى تعزيز عزم المعارضة. فبدلاً من تعاطي الحكومة مع خصومها، تقوم هذه بقمعهم. ومؤخراً تم اعتقال أحمد ماهر مؤسس حركة "6 أبريل" المعارضة بعد عودته من رحلة إلى الولايات المتحدة ووُجهت إليه تهمة التحريض على الاحتجاجات خارج منزل وزير الداخلية. كما يحقق النائب العام مع مُضيفَيْن تلفزيونييْن بارزيْن هما عمرو أديب والنائب السابق محمد شردي لدعمهما حملة التمرد.

ليست هناك تعليقات: