مساعي
الشيخة موزة وزوجها سوف تصطدم بحقائق التاريخ
بخاصة وان المشيخة بتكوينها الحالي لم تكن أكثر من ” غلطة ” من غلطات التاريخ … تداخلت
فيها فضائح أخلاقية ومالية وجنسية وصراعات على النفوذ بين أفراد العائلة الواحدة وغدر
وزنا بالمحارم توجه الحاكم الحالي الشيخ حمد الذي طرد والده العجوز من الحكم واتهمه
بالسرقة والاختلاس وتركه يعتاش على الهبات في السعودية وغيرها من دول الخليج .
و
الشيخة موزة نفسها كانت ضحية لصفقة مالية وسياسية بين أبيها ناصر المسند والحاكم السابق
خليفة فقد كان ناصر المسند من أهم المعارضين للحكم وتزويج ابنته من ابن الحاكم تم عبر
صفقة سياسية تخلى بموجبها المعارض عن معارضته في مقابل نفوذ من نوع خاص لم يكن الشيخ
خليفة نفسه يتوقع أن يتطور إلى درجة تصبح فيها العروس الضحية الصفقة ” موزة ” هي الحاكم
الفعلي في قطر والعقل المدبر لعملية انقلاب ابيض أطاح بالشيخ الأب خليفة بل وأطاح بأولاد
زوجها حمد من زوجاته الأخريات .
وكانت
المواجهة الإعلامية الأخيرة التي وقعت بين القطريين والمصريين والتي بدأت بتطاول وزير
الخارجية القطري على مصر وتهكمه على المصريين قد كشفت النقاب عن أسرار عديدة تتعلق
بالأسرة الحاكمة في قطر … فقد كتب عادل حمودة الذي كان آنذاك رئيسا لتحرير مجلة روزاليوسف
مقالا بعنوان ” ملف الفجور السياسي في الدوحة ” و ”الانقلابات العائلية في قطر ” و
” خليفة أطاح بحكم ابن عمه في انقلاب ابيض وابن خليفة أطاح بابيه في انقلاب تلفزيوني “.
والجديد
الذي كشف عنه عادل حمودة آنذاك نقلا عن جريدة الأهالي المصرية الصادرة في 31 يناير
1997 هو أن قطر عقدت مؤتمرا دوليا لجماعات إرهابية متطرفة … وجاء في الجريدة أن ” وزير
الداخلية المصري حسن الألفي كشف النقاب أمام لجنة الشؤون العربية والخارجية والأمن
القومي أن وزير الداخلية القطري عبد الله بن خالد الذي كان وزيرا للأوقاف ومقربا لعدة
جماعات متطرفة قد نظم وهو يشغل منصب وزير الأوقاف اجتماعا للتنسيق بين قيادات لجماعات
متطرفة حضره كل من ايمن الظواهري وشوقي الاسلامبولي ومصطفى حمزة وأسامة بن لادن ” وجاء
أيضا أن الشيخ فهد ابن حاكم قطر من زوجته الأولى كان عراب هذا التنسيق .
المثير
للدهشة ان محطة الجزيرة القطرية لا تشير من قريب او بعيد الى مشيخة قطر والفضائح السياسية
والعائلية التي ترتكب في هذه المشيخة …بل ولا تتم الإشارة إلى تاريخ مشيخة قطر وهو
تاريخ يقوم على الغدر بين المحارم .
والاسرة
التي تحكم الان في قطر ” أسرة ال ثاني ” هي أسرة سعودية هربت من نجد إلى قطر برئاسة
الشيخ حمد ال ثاني الكبير الذي أسس مشيخة حاولت الاستقلال عن النفوذ السعودي … وعين
الشيخ شقيقه خلفا له لانه أصلح من ابنه خليفة لكن الشقيق ترك الحكم لابنه هو ولم يعيده
لابن شقيقه وكانت تلك هي البذرة التي قام عليها نظام الحكم في المشيخة والتي أدت فيما
بعد الى انقلابات عائلية بعضها اتسم بالدموية … والبعض الأخر بالفضائحية مثل انقلاب
حمد على أبيه خليفة عام 1995 .
عندما
استقلت قطر عن بريطانيا عام 1971 كانت المشيخة تحت حكم الشيخ احمد بن علي ال ثاني الذي
أطيح بانقلاب عسكري نفذه ابن عمه الشيخ خليفة بن حمد ال ثاني … وقام خليفة بتوطيد حكمه
من خلال تسليم مفاصل الدولة لأولاده إلا انه لم يكن يعلم أن الضربة ستأتيه من حيث لا
يحتسب … أي من ابنه البكر حمد.
وحمد
كان اكبر أولاد خليفة … وكان أفشلهم في الدراسة مما دفع بالأب إلى إخراج الابن من المدرسة
قبل أن ينهي الثانوية العامة وإرساله إلى كلية ساندهيرست العسكرية في بريطانيا ولم
يتمكن حمد من إنهاء الدراسة في الكلية المذكورة حيث فصل منها بعد تسعة اشهر ليعود إلى
قطر برتبة جنرال … ليصبح قائدا للجيش ووليا للعهد في عام 1971 .
تزويج
حمد بموزة المسند شكل انقلابا في حياة حمد … وفي تاريخ المشيخة … وكانت صفقة الزواج
بين ال خليفة وال المسند صفقة سياسية بالدرجة الاولى تهدف الى وضع حد لطموحات ال المسند
… ولم يكن الشيخ خليفة يتخيل ان ان ابنة خصمة ناصر المسند الصغيرة الجميلة ” موزة
” يمكن ان تدق المسمار الاخير في نعش خليفة نفسه .
موزة
دخلت إلى الاسرة كزوجة رابعة للشيخ الصغير حمد بن خليفة … الذي ارتبط ببنات عمومته
… وبدل ان تعيش موزة على الهامش كما رسم وخطط لها ” حماها ” نسجت الشيخة خيوطها حول
الشيخ الشاب غير المتعلم … الطامح بخلافة والده الذي بدا وكأنه لن يموت
بدأت
الحكاية في يوم الثلاثاء الموافق السابع والعشرين من يونيو عام 1995 … كان الشيخ خليفة
قد غادر قطر الى اوروبا في رحلة استجمام كعادة شيوخ الخليج الذين يهربون من حر الصيف
الى برودة اوروبا … ولم يكن الشيخ خليفة يعلم ان حفل الوداع الذي اجري له في مطار الدوحة
كان الاخير … وان الابن حمد الذي قبل يد والده امام عدسات التلفزيون كان قد انتهى من
وضع خطته للإطاحة بابيه واستلام الحكم .
في
صبيحة يوم الثلاثاء … قطع تلفزيون قطر إرساله لاعلان البيان رقم واحد … وعرض التلفزيون
صورا لوجهاء المشيخة وهم يقدمون البيعة للشيخ حمد خلفا لابيه … وقيل فيما بعد ان المشاهد
التي عرضت دون صوت كانت ممنتجة ومزورة … وقالت مصادر مقربة من الشيخ خليفة ان ابنه
حمد وجه الدعوة الى وجهاء المشيخة وقام التلفزيون بتصويرهم وهم يسلمون عليه دون ان
يكونوا على علم بما يجري وهو الذي دفع مجلة روزاليوسف المصرية الى وصف الانقلاب بانه
” انقلاب تلفزيوني
“.
تمخض
الانقلاب عن اعتقال 36 شخصا من المقربين للشيخ الأب خليفة وتم الزج بهم في سجن بوهامور
…وكانت تلك هي بداية الانهيار الجديد في الأسرة الحاكمة … ففي فبراير 1996 اعلن عن
اكتشاف مؤامرة لقلب نظام الحكم الجديد يتزعمها ابن عم الشيخ خليفة … ويبدو ان اولاد
الشيخ حمد قد شاركوا بشكل او باخر فيها انتصارا لجدهم لذا تم طرد الشيخ فهد بن حمد
من سلاح الدروع واتهامه بانه ” اسلامي متطرف ” وتم وضع الشيخ مشعل بن حمد قيد الإقامة
الجبرية … وقيل يومها ان الشيخين عزلا بضغط وتخطيط من الشيخة موزة حتى يخلو لولديها
جاسم وتميم الجو … وهذا ما كان حيث اعلن في اكتوبر عام 1996 عن تعيين جاسم بن حمد وليا
للعهد وهو الابن البكر اللشيخة موزة وهو – مثل ابيه ومثل سائر ابناء حكام الخليج –
تخرج من كليةساندهيرست في بريطانيا دون ان يكمل تعليمه الثانوي العادي .
الشيخة
موزة – وفقا لما تقوله مصادر قطرية مطلعة – كانت عراب هذه الانقلابات في الأسرة الحاكمة
وقد نفذتها اعتمادا على رأس حربة من أبناء العائلة نفسها … ونقصد بها الشيخ حمد بن
جبر آل ثاني وزير الخارجية .
الشيخ
المعزول خليفة هو خال الشيخ حمد فزوجة خليفة هي أخت حمد وقيل ان الاخت قطعت علاقاتها
بأخيها بل واصدرت بيانا داخليا في اوساط العائلة وزعته من مقر اقامتها انذاك في أبو
ظبي اعلنت فيه براءتها من اخيها حمد ومن ولديها عبدالله ومحمد اللذين انضما الى اخيهما
حمد في انقلابه على ابيه بعد ان وزع حمد الكعكة على الجميع فمنح رئاسة الوزارة لعبدالله
ونصب خاله وزيرا للخارجية وهو الامر الذي دفع مجلة روزاليوسف الى القول : ” لقد وصل
الملك لير الى الدوحة ” والملك لير هو بطل احدى مسرحيات شكسبير وتقوم المسرحية المذكورة
على الخيانات والغدر في أوساط العائلة الواحدة .
واذا
كان الانقلاب التلفزيوني في قطر قد نجح في ايصال الشيخ حمد الى حكم المشيخة الا ان
رفض الاب خليفة القبول بالأمر الواقع ودعمه لعملية الانقلاب الفاشلة كشف النقاب عن
الكثير من اسرار الحكم في مشيخة قطر وعن علاقاتها الدولية والاقليمية .
فقد
تبين ان عائدات النفط تذهب بالكامل الى حساب شخصي باسم الامير – حوالي عشرة مليارات
دولار – وان اقل من عشرين بالمائة من هذا الدخل يصرف على سكان المشيخة والاجهزة الخدماتية
فيها … وتبين ايضا ان للامير حصة معلومة في جميع الشركات والمؤسسات العاملة في المشيخة
وان جميع رشاوى وعمولات صفقات العلاج والسلاح وخلافه تذهب الى الامير واولاده .
هذه
الاسرار خرجت الى العلن بعد ان قام الابن بالطلب رسميا من البنوك السويسرية بالحجر
على اموال ابيه على اعتبار انها تعود للمشيخة وتم حل المشكلة وراء الابواب المغلقة
وبوساطات عربية بعد تعهد الاب بالامتناع عن القيام بأية تحركات مريبة او الاتصال بمؤيديه
في الداخل وموافقته على تسليم كبار معاونيه ممن كانوا انذاك يقيمون في هيلتون ابو ظبي .
واذا
كانت الشيخة موزة قد نجحت في تنصيب ابنها جاسم وليا للعهد …الا ان هذا لم يمنعها من
تطوير علاقاتها ودورها في اوساط الاسرة الحاكمة حتىتضمن المشيخة لابنها بعد وفاة زوجها
الذي يعاني من انهيار كلوي … بخاصة وان للشيخ الصغير اكثر من خصومة … فأخويه من زوجات
ابيه يطلبان المشيخة لانفسهما … وعمه القوي الشيخ عبدالله يرى نفسه احق بولاية العهد
… لذا فتحت الشيخة موزة نافذة على واشنطن … وسبقت ابنها الصغير في اول زيارة قام بها
الى امريكا بعد ان تولى ولاية العهد وقيل يومها ان الشيخة تحاول ان تقدم نفسها كشيخة
خليجية متحررة ترتدي الكاوبويوتخرج دون محرم و لا تضع العياءة و النقاب ..
و
مع ذلك قوبلت زيارة ابن موزة الى واشنطن باهتمام خاص من قبل اجهزة الاعلام لرغبة هذه
الجهزة في استنطاق الشيخ و معرفة الدور الذي لعبه على جده الشيخ خليفة و تنحية اخويه
الاكبر منه سنا عن منصب ولاية العهد بل و اشرافه شخصيا على وضعهما قيد الاقامة الجبرية
في الدوحة بعد اتهامهما بالتورط في محاولة الانقلاب التي استهدفت ارجاع الشيخ خليفة
الى الحكم.
و
الشيخ جاسم هو الابن الثالث من الزوجة الثالثة للشيخ حمد بن خليفةحاكم مشيخة قطر الذي
عرف باهتماماته النسائية قبل ان ينقلب على ابيه بتحريض من اخر زوجاته الشيخة موزة
…فقد تزوج حمد من ابنة عمه الشيخ محمد بن حمد ال ثاني وانجب منها ابنه البكر الشيخ
مشعل البالغ من العمر ثمانية و عشرون عاما كما انجب منها ابنه الثاني الشيخ فهد…قبل
ان يتزوج من ابنة عمه ثانية هي ابنة الشيخ خالد بن حمد ال ثاني و قد انجب منها اولاده
خالد و عبد الله و محمد و خليفة ….
اما
الزوجة الثالثة و الاخيرة فكانت الشيخة موزة بنت المسند و هي ليست من الشيوخ لكنها
تنحدر من عائلة كانت تطمع بكرسي الحكم في المشيخة وغالبا ما كانت تلعب دور المعارضة
الى ان دخلت الى قصر الحاكم من خلال الشيخة موزة لتتسلم الحكم من وراء الستار فتحرض
زوجها على ابيه واولاده وزوجاته من اجل استلام الحكم ثم تسليم ولاية العهد لابنها جاسم…
وقد انجبت الى جانب جاسم اولادا اخرين اكثرهم شهرة ودونجوانية الشيخ تميم البالغ من
العمر احدى وعشرين سنة قضاها مشفطا سياراته الفاخرة امام مدارس البنات ومع الممرضات
الفليبينيات … ولا ينافسه في هذه الموهبه الا شقيقه الاصغر جوعان الذي انهى مؤخرا الثانوية
العامة بدرجة ممتاز جدا رغم انه لا يفك الخط.
ومع
ان تاريخ مشيخة قطر يقوم كله على الانقلابات والخيانات والغدر بالمحارم والاقارب …
الا ان ما فعله الشيخ حمد الحاكم الحالي جدير بان يدخل التاريخ كنموذج للنذالة وشهوة
الحكم في اوضح صورها.
فالشيخ
حمد كان وليا لعهد ابيه…. انهى دراسته الثانوية دفشا ثم التحق بكلية ساند هرست العسكرية
في بريطانيا ليتخرج منها بكرش…. وبمهارةيحسد عليها في مطاردة التساء و صيد الحبارى
وقد شارك والده في نهب دخل البلاد من النفط والغاز ثم استغل ذلك في شرشحة والده بعد
الانقلاب عليه حيث اتهمه بالسرقة والختلاس. زواج حمد من موزة هو الذي قلب كيان الشيخ
النسونجي وحوله الى رجل طامع بالحكم ومع ان الحكم كان مقطوعا له باعتباره وليا للعهد
الا انه بدء يتضايق من نفوذ اولاد عمومه الذين جاهروا باحقيتهم بالحكم فسارع الى الافطار
بهم قبل ان يتعشوا به.
موزة
بدورها كانت الراس المدبر لعملية الانقلاب .. كانت موزة تعلم ان ضرتيها –شيختان من
ال ثاني- قد اقنعتا الجد الشيخ خليفة الاهتمام بحفيده الشيخ مشعل باعتباره الحاكم القادم
وبخاصة ان والده الشيخ حمد المصاب بانهيار في عمل الكلى يمكن ان يموت بين ليلة واخرى
– حمد لم يمت فقد انتزع كلية من احد ى بناته وزرعها دون موافقة البنت وامها واشقائها-
لذا سرعت موزة عملية ابقلاب على الجد قبل موت زوجها وسارعت الى اتهام الشيخ مشعل ابن
زوجها من ضرتها الاولى بالتامر مع جده على ابيه-زوجها- فغزلته من جميع مناصبه العسكرية
التي تقلدها بعد عودته من كلية ساند هرست البريطانية ووضغته قيد الاقامة الجبرية باشراف
ولدها جاسم الذي يتولى الى جانب منصب ولاية العهد جميع الشؤون الامنية في المشيخة بما
في ذلك رئاسة المخابرات القطرية.
وكان
مصير الاخ الثاني الشيخ فهد مشابها لمصير اخاه الشيخ مشعل فقدجرد الشيخ فهد من مناصبه
العسكرية بعد ابهامه بالجنون و بدعم الأفغان العرب من خلال علاقته الوطيدة باسامة بن
لادن ..وكان الشيخ فهد قد مال في ايامه الاخيره الى التدين فاتهم بالجنون ثم تم وضعه
قيد الاقامة الجبرية بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة حيث اتهم بالتورط فيها لعلاقته
بكبار الضباط الذين قاموا بها.. كما اتهم باجراء اتصالات سرية مع جده عندما كان مقيما
ولاجئا بالامارات بهدف استقطاب العائلات القطرية المقيمة في ابوظبي والتي كانت قد هاجرت
اليها في الاربعينات والخمسينات بعد خلافها الشديد مع ال ثاني.
زيارة
جاسم ابن موزة الى واشنطن تدخل ضمن محاولة الشيخ حمد استصدار شهادة حسن سلوك لابنه
باعتباره الحاكم الجديد للمشيخة بخاصة و ان حمد يعلم ان الاوضاع الداخلية في قطر مرشحة
للانفجار في أي لحظة… فالى جانب تذمر كبار الضباط من الاوضاع الحالية – حتى انهم اصدروا
بيانا بتوقيع الضباط الحرار- فان الصراع قد يقع ايضا بين الاشقاء انفسهم , بخاصة وانالشيخين
مشعل وفهد يحظيان بحب وتاييد القطريين وبدعم جدهما وانصاره وبعض مشيخات الخليج المجاورة.
الحاكم الحالي للمشيخة قد عرض-مقابل ذلك- تطبيع علاقته باسرائيل ….
وفتح انابيب الغاز القطري على مصاريعها لاضائة اوروبا … وتحويل الوجود العسكري
الامريكي في قطر الى وجود دائم يفوق عدده وامكاناته الوجود الأمريكي في القواعد
الأمريكية في البحرين وخاصة قاعدة العديد الامريكية الجوية في قطر …. فوفقا لتقرير
نشرته جريدة وول ستريت جورنال مؤخرا فان مدرج هذا المطار يعتبر الاطول في جميع
مطارات الشرق الاوسط اذا يبلغ طوله 4500 مترا وحظائر الطائرات فيه ترتفع
عاليةكالجبال وقد بلغت تكلفة بناء هذا المطار اكثر من مليار دولار رغم ان قطر لا
تمتلك اكثر من 12 طائرة حربية .لكن القاعدة تعج بثلاثة آلاف عسكري أميركي، قاموا
خلال الثمانية أشهر الأخيرة بإرسال المقاتلات الجوية، والدبابات المحمولة جوا،
وطائرات التجسس، من هذا المكان إلى أفغانستان. وهم، في هذه القاعدة، قادرون على
مشاهدة افلام مثل فيلم «حرب النجوم» بنسخته الجديدة، داخل مسرح في الهواء الطلق،
منصوب بشكل مؤقت، أو يقومون بالغطس في المسبحين وفرتهما لهم المؤسسة العسكرية.
ونقلت الصحيفة عن المسؤولين القطريين، قولهم إن ما يجري هو بالضبط ما يجب ان يكون
إذ أنهم قاموا ببناء نصف القاعدة، لجذب الأميركيين. وضمن المهام التي لها أسبقية،
الكيفية التي يستطيع المسؤولون القطريون إبقاء القوات الأميركية فيها، أو حتى، إن
أمكن، زيادة عددها، عند انتهاء الحرب في أفغانستان. وفي هذا السياق يقول الشيخ حمد
بن جاسم بن جبر آل ثاني، وزير الخارجية القطري: «نحن لا نستطيع الدفاع عن قطر، إذا
قامت قوة كبيرة بمهاجمتنا. فنحن بحاجة إلى وجود القوات الأميركية والولايات
المتحدة في حاجة إلينا». وإضافة إلى مدرج الإقلاع الطويل في القاعدة، شيدت قطر،
مجمعا يضم 27مستودعا يعيش فيها الجنود الأميركيون والدبابات والمدرعات التي قد
تستخدم في أي حرب ضد العراق. وقالت «وول ستريت جورنال» ان لكل بلد من بلدان الخليج
أسبابه للترحيب بالوجود الأميركي. ففي عمان التي تعتبر بلدا فقيرا وفق المعايير
الخليجية قامت الولايات تساعدها بما لا يقل عن 50 مليون دولارا سنويا. أما في
البحرين حيث نضبت موارد النفط الشحيح، فتكمن الأسبقية في جذب المستثمرين الأجانب
إلى البحرين مع تنامي الخدمات المصرفية فيها. فكجزء من هذه الحملة قام الملك
بانهاء الرقابة على الإعلام والمبادرة إلى إجراء انتخابات حرة. وهو دائما يؤكد أن
علاقة بلده بالولاياتالمتحدة عسكريا هي الضمان لاستقرار البحرين وأمنها. وتمتاز
قطر عن جارتها البحرين بغنى مواردها النفطية التي يعتقد الخبراء انها ستصبح بفضل
النفط صاحبة أعلى دخل وطني بالنسبة لعدد سكانها. وبدأت قطر قبل ثلاثة أعوام بتهيئة
أرضها لاستقبال القوات الأميركية بحجم كبير. وابلغ الامير الشيخ حمد بن خليفة
ضيوفاً اميركيين زاروه بقصره، عن رغبته في استقبال 10 آلاف عسكري أميركي ليقيموا
بشكل دائم في قاعدة «العٌديد» الجوية التي كانت لا تزال في حينه في طور البناء.
وجدد هذا العرض حينما زاره وليام كوهين وزير الدفاع الاميركي السابق والجنرال
زيني. وللبرهنة على أن بإمكان الأميركيين الاعتماد عليهم في أوقات الشدة، فتح
القطريون مدرجات الإقلاعالجوية أمام الطائرات الأميركية لأداء مهام عسكرية ضد
العراق في فترة التسعينات بعد رفض المملكة العربية السعودية السماح لهم من
اراضيها. ثم جاءت هجمات 11 سبتمبر (ايلول) على مركز التجارة العالمي في نيويورك
ومقر وزارة الدفاع (البنتاغون) في واشنطن، لتفتح الطريق لثلاثة آلاف عسكري أميركي
كي يقيموا في قاعدة «العٌديد» الجوية حيث قاموا ببناء مدينة عملاقة تغطيها خيمة
ضخمة وتسندها أعمدة خشبية عملاقة، وبهذا تم انشاء الموقع القيادي العسكري لإدارة
العمليات العسكرية. ويقول المسؤولونالأميركيون والقطريون إنهم قريبون من اليوم
الذي سيصبح فيه الوجود العسكري الأميركي دائما في قطر. اذ تفكر الولايات المتحدة
في الابقاء في قطر وبشكل دائم، على 50 طائرة حربية وعدة آلاف من جنودها، وعرضت قطر
انفاق 400 مليون دولار لتطوير القاعدة الجوية، عبر بناء بيوت ثابتة ومستودعات لخزن
وقود الطائرات بمعدل مليون غالون مع بناء مواقع الإدارة والقيادة. من جانبها تريد
قطر ضمانات أميركية مكتوبة بأن الوجود العسكري الأميركي سيكون دائما.
معالم
الانقلاب الجديد
أشارت
مجلة "الايكونومست" البريطانية، فى عددها الصادر اليوم السبت، إلى الديمقراطية
فى دولة قطر وما يُشاع من أقاويل حول تغييرات فى القيادات العليا باعتبارها تحركاً
نحو الديمقراطية.
وأضافت
المجلة، فى تقريرها الذى حمل عنوان "الديمقراطية.. شأن يخص بقية العرب"،
قائلةً: "إنه فى إمارة مثل قطر- تقدم نفسها للعالم باعتبارها نموذجاً يُمول الإصلاح
فى المنطقة- لم يفكر القطريون أنفسهم فى تجربة ما يعظ به قادتهم فى المحافل الدولية"،
مضيفةً: "إن الاحزاب السياسية محظورة فى قطر، كذلك الأمر بالنسبة إلى المظاهرات
والاتحادات النقابية والجمعيات".
وأوضحت
المجلة "أنه لا أحد فى قطر تقريباً يشير بصراحة إلى أهمية وجود مجلس تشريعى يتولى
سلطة التشريع فى البلاد، وإذا قام الناس بالتعبير عن معارضتهم لهذا النوع من الممارسات
فى قناة الجزيرة – المملوكة للدولة القطرية والتى تُشجع هذه المعارضة فى جميع أنحاء
العالم العربى– فإنها تفعل ذلك همساً".
وقالت
المجلة، حول ما يُثار عن تولى ولى العهد الشيخ تميم بن حمد آل ثانى شئون البلاد خلفاً
لوالده، "ليس واضحاً إلى الآن ما الفارق الذى سيحدثه الشيخ تميم بن حمد آل ثانى،
ولكن معظم ملوك الخليج يعلمون جيداً مدى إعجاب الأمير بجماعة الإخوان المسلمين وهو
ما يعتبر للكثير منهم خطراً حقيقياً".
وختاماً،
قالت المجلة: "لا تتوقعوا تحركاً مفاجئاً نحو الديمقراطية فى قطر مع تولى تميم
بن حمد آل ثانى خلفاً لوالده حمد بن خليفة آل ثانى".
لا
أحد يجزم بذلك، لكن ما أثارته الصحف الأميركية والغربية، وكذلك الصحافة العربية بشأن
تولي تولى ولى العهد الشيخ تميم بن حمد آل ثانى شئون البلاد خلفاً لوالده يضع الأمر
في إطار الممكن جداً والمتوقع، فهناك أسباب كثيرة تدعم سيناريو الانقلاب المحتمل في
قطر، ضمن مجريات الأحداث التاريخية الكبيرة التي تشهدها المنطقة العربية برمتها. ابتداء
من مطلع عام ٢٠١١ ، عاشت الشعوب فترة غرائبية ومدهشة، تُساق إثرها بلاد العرب نحو تحول
دراماتيكي كبير لم تشهده منذ سقوط الدولة العثمانية وقيام دول ما بات يعرف بالشرق الأوسط،
وفقاً للقاموس السياسي الغربي.
ولهذا
فإن القراءات المتأنية لخارطة الصراع على المنطقة العربية والكيفية التي يتشكل على
أساسها المستقبل السياسي لا تضع مكاناً للتفاؤل، وتبدّد كل وَهْم بأنّ دولاً بذاتها
تبقى بمنأى عن المآلات الخطيرة، وهناك مؤشرات كثيرة ربما تغيب عن الغارقين بالانشغال
بالفتوحات الجديدة أو الزعامات الاقليمية تحت راية الربيع العربي.
إذاً
ربما يدور الزمن على الابن الذي قاد انقلاباً أبيض على أبيه في صيف ١٩٩٥، ووصفه المراقبون
حينها بانه انقلاب تلفزيوني حين استدعى الشيخ حمد بن خليفة ، ولي العهد ووزير الدفاع
حينها، قادة الجيش وأعيان البلاد إلى ضيافته، وبينما كانت كاميرات التلفزيون تعرض المشهد
كان هناك بيان سياسي إلى الشعب القطري يعلن انتقال الحاكمية من يد الشيخ الأب إلى يد
نجله ولي العهد، الذي تدرج أيضاً في مناصب عسكرية بعد تخرجه من أكاديمية «ساندهيرست»
العسكرية الملكية في المملكة المتحدة عام 1971.
كان
ذلك اليوم الصيفي (٢٧ يونيو) بداية مدهشة وطموحة استطاع الأمير بعدها القيام بخطوات
كبيرة على أصعدة مختلفة، لكن قطر، الإمارة الصغيرة التي حاولت أن تبني لها بيتاً مميزاً
في إطار المنظومة الخليجية، لم تدرك مكانتها الكبيرة إلا بعد تطوير الاكتشافات الغازية
الهائلة التي حوّلتها إلى ثالث وربما ثاني أكبر احتياطي غاز في العالم، حين بلغ احتياطها
أكثر من ٩٠٠ تريليون قدم مكعب (قرابة ٢٦٠٠ تريليون قدم مكعب هو احتياطي الشرق الأوسط
بما فيه إيران)، وأنشأت على أساسه منظومة صناعية حديثة. وفي خط موازٍ كانت بذرة الطموح
العظيم، لخروج قطر من جغرافيتها الضيقة، قد وضعتها في مسارات بارزة ومؤثرة للغاية،
ليس أولها تطور الترسانة الإعلامية التي تمثلها قناة الجزيرة كقناة عالمية حققت شهرةً
واسعة منذ انطلاقها، وخاصة من خلال تغطياتها الميدانية المتميزة كمصدر وحيد لحرب أميركا
و«الناتو» على أفغانستان، لتتوالى الأحداث بعدها حتى أصبحت الجزيرة دولة أكبر من الإمارة
نفسها. وفي سياقات أخرى، أدّت قطر أدواراً سياسية ودبلوماسية في كثير من الأزمات في
المنطقة العربية، وحاولت التفرد بانتهاج
علاقات متوازنة مثيرة للجدل مع الغرب وإسرائيل من ناحية، ومع الجيران العرب وغيرهم
من ناحية أخرى. وفي منحى جوهري، لم تنسَ قطر أن تجهِّز ثلث مساحتها للقواعد الأميركية
في مقايضة مفترضة لتمكينها من أداء أدوارها اللاحقة في المنطقة دون خوف على كيانها
من أي تهديد خارجي. ومن المؤكد أنّ هذه المراحل المتسارعة في بروز قطر كقوة إقليمية
رائدة، كانت ولم تزل مثيرة للغاية وتدفع كثيراً من المراقبين إلى استشراف المحصلة النهائية
أو الإجابة عن السؤال الكبير: إلى أين تذهب قطر؟
أخيراً
كان ما يسمى الربيع العربي أرضية نموذجية وجدت قطر من خلال علاقاتها المتميزة ببعض
المنظمات والأحزاب والمؤسسات العربية، ومن خلال سلطانها الاعلامي الفتَّاك، وكذلك المال
السياسي الوفير جداً، أنّه قد حان الوقت لأن تتوَّج على عرش امبراطورية شرق أوسطية
جديدة في فرصة استراتيجية لا مثيل لها في التاريخ، فسارعت في تدخلاتها ومشاريعها وأموالها
لاحتواء المشهد العربي برمَّته دون حسابات موضوعية، حتى باتت ما يشبه بغرفة عمليات
تشرف على حراك الوضع السياسي المتأزم والمتفجر في دول عربية رئيسة وعريقة تمثل القوام
البشري والاستراتيجي الأهم في معادلات المستقبل. ولم تتوقف الأحلام عند حدِّ السيطرة
الإقليمية من خلال دعمها واستئثارها بالتنظيمات الإسلامية الشعبية وقدرتها على تمويل
مشاريع اقتصادية أساسية تمهد لنفوذها السياسي المستمر في المنطقة، بل إنها تسعى ضمن
منافسات دولية كبيرة، كما يبدو، لبناء شريان طاقوي أساسي بواسطة مد أنبوب للغاز عابر
للقارات ربما يمر عبر الصحراء العربية نحو الأردن ثم سوريا إلى البحر المتوسط، ومنه
إلى جنوب أوروبا يسهم في تقويض اعتماد أوروبا على الغاز الروسي. وهذا الأخير مشروع
حيوي جبار يدعمه الغرب لو أنه أتى بمعزل عن منظومة الطموح بدور سياسي محوري وكبير يفوق
حجمها كدولة صغيرة تحكمها عائلة موناركية، ما زالت تعتمد على الولايات المتحدة في تحديد
شروط بقائها. فضلاً عن أدوار متعددة تهدف من خلالها قطر إلى أن تمثل مركزاً عالمياً
تتقاطع عنده مصالح دولية وإقليمية كبيرة.
وهنا
أدرك الحلفاء في الغرب قبل الخصوم والمتنافسين الإقليميين أنّ قطر قد خرجت عن كونها
قاعدة عسكرية وشرياناً للطاقة ومصدراً لتمويل حروب الغرب في المنطقة، وأن طموح هذه
الإمارة الصغيرة في اتجاهات مختلفة قد انفلت عن كونه طيشاً سياسياً ليصبح سلوكاً مغامراً
وخطيراً في وضع تاريخي مفصلي، ربما سيحدد مصائر أهم المناطق الحيوية في العالم، الذي
بدأت تتشكَّل على خلفيته مقدمات قوية لقيام نظام عالمي متعدد القطبية يحدد ملامح وطبيعة
الصراعات الرئيسة والحروب الباردة في العقود المقبلة.
وبالطبع
لا مجال للحلم القطري الفضفاض الذي أفقد الإمارة الصغيرة أي توازن موضوعي، ودفعها إلى
السعي من أجل احتواء دول كبيرة من جهة، وابهات دور دول كبيرة أخرى من جهة ثانية، وتفرعت
أذرعه الأُخطبوطية إلى مناطق محظورة إلى درجة أنّ الغرب لم يعد يتحمّل أي شيء، وكل
شيء، وخاصة أنه ظل منذ عقود يعدُّ خططه المبنية على دراسات استراتيجية وفكر وجهود استخبارية
تاريخية لتغيير الخارطة السياسية وإعادة توجيه بوصلة الصراعات باتجاهات تصب في مصالحه
الكبيرة وتضمن الهيمنة الإسرائيلية المطلقة.
وقبل
أن تتسبب دولة قطر بنهمها اللامحدود في مخاطرات حقيقية ربما أدركت الولايات المتحدة
أنّ دور الشيخ حمد ووزير خارجيته قد اكتمل إلى حد أن بقاءهما مكلف للغاية، من زاوية
الحرص على أن تستمر قطر في خدمتها للمشاريع الأميركية دون أن تحلم بأي شراكة إقليمية،
لكونها تقف في مشهد فارق كمن يحمل صخرة ضخمة توشك أن تسقط على كاهله.
ومن
هنا أتى التوجيه الحاسم لإخلاء الطريق للابن المتميز، لأن يضع مصيراً لأبيه كما وضع
الأخير مصيراً للشيخ الجد. ولا تفوتنا الإشارة إلى أنّ هذه الخطوة المفترضة تزامنت
مع إرهاصات تنذر بتلاشي مشروع الأردوغانية في تركيا كنسخة حضارية للعثمانية المقبورة،
مما يؤكد أنّ الغرب يضع خطوطاً حمراء لحلفائه في المنطقة، لينبِّههم إلى أن كل شيء
تحت السيطرة. هذا من باب المجازفة في التحليل.
كل
هذا يأتي في ظروف خطيرة للغاية، أصبحت عندها بلاد العرب «خربانة» (كما وصفها أحد الكتاب).
ففي مصر المهددة بعطش النيل وتمرد ٣٠ يونيو، وصل ربيعها إلى انسداد حقيقي وبات يهدد
بتفكك الدولة المتجذرة في التاريخ. وفي سوريا يجري الحديث عن تسليح المعارضة لتحقيق
توازن عسكري يطيل الحرب والدمار الشامل. وتونس تصارع جاهدة في مواجهة معضلات حقيقية،
وفي العراق دموع ودماء، وليبيا الممزقة بين أنياب الميليشيات، والسودان المثخن بالجراحات،
ولبنان المهدد من كل اتجاهات الريح، واليمن الذي ينتحر ببطء، والجزائر
الذي يتأهب للدخول إلى مرحلة ما بعد بوتفليقة، ودول الخليج، وأولاها المملكة السعودية
التي لم تعد تمثل استثناءً كما حلمت، وهكذا وأينما وليت وجهك (كل شيء قابل للانفجار).
ولا
يسع المرء في السطور الأخيره إلا أن يُذَكِّر بما كتبه الراحل الكبير محمود درويش:
وأعُدُّ
أضلاعي فيهرب من يدي بردى
وتتركني
ضفاف النيل مبتعدا
وأبحث
عن حدود أصابعي
فأرى
العواصمَ كلها زبدا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق