الاثنين، 27 مايو 2013

التمييز ضد الفلسطينيين في القدس يطال الإشارات الضوئية مراسلة فلسطين أميرة رحال





لا بأس أن ينتظر الفلسطيني مرور "السيد اليهودي" حين يلتقيان في شارع ما.. هكذا يقال، ووفق هذه المعادلة، صُمم نظام توقيت إشارات المرور في القدس المحتلة.

قد يبدو الامر غريباً، وجزءاً من الخيال.. ان تطال مظاهر العنصرية والتمييز اشارات المرور التي تنظم السير على الطرق، لكن هذا ما يجري في القدس المحتلة، ويتعرض له عشرات آلاف المقدسيين اثناء تنقلهم في المدينة على مدار الساعة.

"أول مرة في حياتي سمعت فيها كلمة عنصرية، كنت طفلا في الصف الأول.. حينها كان والدي يوصلني الى المدرسة التي غالبا ما كنا نتأخر في الوصول اليها. حينها قال لي أبي: إذا سألتك المعلمة ليش (لماذا) تأخرت قُل لها.. عشان (لأن) الاشارة الضوئية عُنصرية" قال الشاب المقدسي طارق البكري (27 عاماً)، عن أحد مظاهر التمييز العنصري، التي يعانيها ابناء القدس منذ سنوات طويلة، دون ان تستوقف او تثير أحداً.

"الاشارة العنصرية"، هو اسم يطلقه أبناء القدس على الاشارة الضوئية التي تنظم حركة المرور عند مفترق التلة الفرنسية او (المعروفة ايضا باسم رمزور كركشيان). هنا، عند هذا التقاطع تلتقي مركبات أبناء القدس القادمين من أحياء بيت حنينا وشعفاط، اثناء توجههم الى وسط مدينة القدس، ومركبات المسافرين الاسرائيليين المتجهين من المستوطنات والاحياء الاستيطانية نحو تل ابيب، حيث تم تصميم اشارة المرور تلك لتعمل بطريقة جوهرها التمييز والعنصرية وفقا لهوية المارة، فابوابها الخضراء تفتح لمرور سيارات المستوطنين لنحو 100 ثانية في كل مرة مقابل 20 ثانية فقط تتاح لمرور السيارات العربية.

وينطبق ذات الأمر على إشارة مرور جديدة، تحمل جينات العنصرية ذاتها تجاه المقدسيين، اقيمت على الطريق حمل اسم والد نتنياهو، "شارع رقم 20" الذي تم افتتاحه مؤخرا للربط بين مستوطنة "بسغات زئيف" ومدينة تل ابيب.

وتُكملُ كاميرا مخصصة لضبط المركبات المخالفة، المشهد العنصري هذا، حيث نصبت كاميرا لمراقبة المركبات القادمة والمتجهة للاحياء العربية، او "المسرب العربي للسيارات" ان جاز الوصف، في حين لم توضع كاميرات مراقبة عند ذات الاشارة من الجهة التي تسلكها اساسا مركبات الاسرائيليين.

الى ذلك، فان هناك عدة عوامل تجعل عبور المركبات الاسرائيلية في المنطقة، اكثر سهولة وسلاسة، اهمها وجود جسر يربط بين "شارع رقم 1" ومستوطنتي "بسغات زئيف" و"النبي يعقوب"، فضلا عن ان هناك مدخلا واشارة خاصة لكل حي اسرائيلي، في حين ان اهالي بلدة شعفاط مثلا (أكثر من 30 الف نسمة) يخرجون من البلدة نحو مدينة القدس من مخرجين فقط.

وبينت عملية مراقبة لتدفق حركة السيارات على تقاطع التلة الفرنسية "رمزور كركشيان"، ان الانتظار والازمة المرورية من نصيب الفلسطينيين أساساً، وذلك بسبب تمييز في الوقت المخصص لعبور السيارات من مساري التقاطع هناك، حيث لا ينطوي على الوقت المخصص للعبور على ابسط شروط العدالة في التوزيع كما يؤكد ابناء القدس، ما يدفع بعضهم للتوجه الى طرق بديلة لتفادي الاشارة الضوئية تلك.
وقمنا اثناء اعداد هذا التقرير، بمراقبة محدودة لحركة السير عند هذا التقاطع (التلة الفرنسية)، حيث تبين ان الوقت المخصص لمسرب المركبات القادمة من والى المستوطنات هو 100 ثانية في كل مرة تفتح فيها الاشارة الضوئية، في حين لا يتجاوز الوقت الذي يخصص للمسرب الذي يعبره الفلسطينيون العرب اساساً، 20 ثانية، اي خُمس الوقت المخصص للسيارات الاسرائيلية علما ان كثافة تدفق السيارات لا تصل الى حدود مثل هذا الفرق بين الحركة من المسربين، ما يجعل الأزمة شبه دائمة للقادمين والمتجهين الى الاحياء العربية بعكس القادمين والمتجهين للمستوطنات علما ان الجميع يعبرون من ذات التقاطع...!!

وقال الشاب أمير عودة الله الذي يعمل في شركة اسرائيلية لنقل البضائع: "نخرج للعمل في حوالي الساعة السابعة صباحا، وغالباً في ايام الاسبوع العادية نواجه ازمة خانقة ونضطر للالتفاف من طرق بعيدة حتى نتجاوز هذه الأزمة".

واضاف: "في أحيان كثيرة نصل متأخرين للعمل، ويتم خصم جزء من رواتبنا الشهرية".

ويؤكد التاجر محمود طقش، الذي يملك محلا لبيع الخضراوات قرب "رمزور كركشيان" (الاشارة العنصرية)، ان الأزمة التي تخلقها الاشارة الضوئية في التلة الفرنسية، تنعكس على الحركة التجارية بالمنطقة، حيث ان "الزبائن لا يتشجعون على الوقوف عند المحلات التجارية، حتى لا يعلقوا في الازمة، وذلك باستثناء ايام نهاية الاسبوع، حيث تكون الازمة اخف نسبياً".

ليست هناك تعليقات: